الرياض - الوئام 22 عاما مرت على الاحتفاء بمعسكرات تدريب الإرهابيين، وتخصيص ساعات من الهواء لضيوف من رموز التطرف، تكشف قوائم المراسلين حجم المشاركة الإخوانية، وهذا ما يفسر هروب أسماء إعلامية بعد انكشاف نهجها المشبوه. على رفات القناة البريطانية في الشرق الأوسط بي بي سي دشن تنظيم الحمدين قناة «الجزيرة» منذ 22 عاما، ولم يمر كثيرا من الوقت حتى انكشف الهدف صناعة وكر إعلامي يضع السم في العسل، بتجميل فكر التطرف وتسويقه للجمهور بأسلوب يحرِّض على التعاطف مع الجماعات الإرهابية بمختلف أشكالها ومسمياتها. في البداية تطلب الأمر لتأسيس القناة وغسل صورتها أمام الجمهور، استعانت الدوحة بوجوه إعلامية تدربت في لندن وعملت في هيئة الإذاعة البريطانية، ثم سرعان ما أصبحت المنصة جاهزة للمنظرين للإرهاب في كل مكان. تنظيم القاعدة وداعش.. الصديق العزيز والضيف الدائم وبذريعة المهنية وخدعة السبق الإعلامي، ارتضت «الجزيرة» لنفسها القيام بمهمة الذراع الإعلامي لتنظيم «القاعدة» الذي تزعمه بن لادن. أرشيف كامل وساعات من البث تم تكريسها طوال سنوات لنشر خطابات ورسائل زعيم «القاعدة» ومؤسسها أسامة بن لادن، النجم المفضل لقناة تنظيم الحمدين، وبعد إعلان مقتله اتجهت القناة إلى بث الرسائل الصوتية لخليفته أيمن الظواهري. كان لتنظيم «داعش» نصيب كبير من التغطيات، فحتى تلك المشاهد الدموية التي تصوِّر قيام عناصر التنظيم بقتل المدنيين والمختطفين والتفنن في إزهاق أرواحهم، كانت «الجزيرة» تتلقى المواد المصورة لتلك العمليات مباشرة من مكاتب الإعلام الداعشية، ثم تبثها في نشراتها التي تصيغ مفرداتها بلكنة تعاطف مكشوف مع القتلة، دون أن تنسى تنبيه المشاهد إلى أسفها تجاه وحشية وبشاعة المشاهد المرعبة، في إشارة للتخفي وراء ستار أكذوبة المهنية. نماذج صارخة تدين القناة وتفضح علاقتها بالإرهاب بعدما كشفت نتائج استفتاءاتها لصالح تأييد الإرهابيين، ومنها استفتاء سابق زعمت فيه تأييد الجمهور لما أسمته انتصارات دولة «داعش» في العراق وسوريا. الربيع العربي.. وحاكم الظل لاحقاً، تبنّت فضائية الجزيرة ثورات الربيع العربي، وحاولت إذكاء نيرانها في المغرب والبحرين وليبيا وتونس وأخيرا مصر، مارست هوايتها الشيطانية في فبركة المواد التلفزيونية التي تخدم قضيتها، حتى كادت "مايكرفوناتها" أن تهتف من تلقاء نفسها مع المحتجين في ميدان التحرير. وآلية عمل فضائية الجزيرة تقوم في الأصل على تحويل بؤر عدسات التصوير والأعين عن: "ما يحدث في قطر"، وتوجيهها لبث الأكاذيب عن دول الجوار، وتحديداً المملكة العربية السعودية، وهو سعي خائيب خيبة القائمين عليها. لن ينسى المشاهد إنتاج الجزيرة إبان ثورات الربيع العربي، فيلم "الصراخ في الظلام" الذي خصّصته لاحتجاجات مملكة البحرين، استخدمت فيه تقنية انتزاع مشاهد حقيقية من سياقها وتعميمها لصناعة حملة علاقات عامة تهدف للتعاطف مع المتظاهرين، وإظهارهم بمظهر المضطهدين من أصحاب القضية. مستبقة بشرّها، قوات "درع الخليج" التي أخمدت النيران وأطفأت جذوة نار الفتنة على شواطئ لؤلؤة الخليج, واستمرت في ذلك بدعم حكومي خفي قبل أيام لإشعال نيران المتظاهرين عندما شرعت قوات الأمن البحرينية في القبض على المطلوب عيسى قاسم. من يقود هذه القوة الناعمة هو عضو الكنيست الإسرائيلي السابق عزمي بشارة حاكم الظل في قطر، وهو من عرب 48 ويحمل الجنسية الاسرائيلية، بتنسيق الحملة التي تشترك فيها صحف مموّلة قطرياً، وهو الذي أحيت قطر عظام شيطانه الرميم، وجاءت به من منادمة أهل القلنسوات تحت قبة الكنيست الاسرائيلي إلى ضفاف الخليج العربي وأدخلته قصر "الوجبة" يتجول فيه ويرمي بالمشورات ضد الخليجيين والعرب، ويعكف على تكوين الجيش الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي وربطه بالذراع الأم قناة الجزيرة. يوسف القرضاوي.. مفتي الإرهاب إلى جانب مقابلات مراسليها مع أعتى المتطرفين كانت استوديوهات «الدوحة» تدعم عبر محللين ومنظرين وتجار دين كل ما يحدث في ميادين الصراع الملتهبة، من كابول إلى الفلوجة إلى أرياف حلب وحمص إلى بني غازي في ليبيا وتعز في اليمن. وكان يوسف القرضاوي ضيفاً دائماً على قناة الفتنة ويدعم توجهاتها المتطرفة بفتاواه التي بلغت إباحته العمليات الانتحارية، كما صرح في برنامج حارات معه مشترطاً فقط على من يفخخ نفسه أن يكون بأمر من الجماعة وبمشورتها. لم تكن فتاوى القرضاوي بمعزل عن سياسة الدوحة أو الجزيرة فقد أصبحت واضحة البيان وفي خط متوازٍ مع العدائية تجاه الدول العربية والمخططات التي تتبناها وتسعى لتنفيذها بالوكالة من أجل إضعاف وإرباك دول الشرق الأوسط، تستخدم قطر قناة الجزيرة كذراع رئيسية في الحشد والاستقطاب لتلك المخططات والتحريض على تنفيذها على نطاقات واسعة، وهو ما ظهر من خلال سياسات تلك القناة التي تعتبر أداة قطرية لتشويه صورة الدول العربية والإسلامية في الغرب حتى قبل المقاطعة العربية للدوحة بسبب سياستها الداعمة للإرهاب، من خلال دس السم في العسل ضمن معالجاتها المختلفة، في تلونٍ معتاد سواء من القناة أو النظام القطري بصفة عام.