شذى جريسات قبل يومين هزت حادثة العرض العسكري في مدينة الاحواز المحتلة المنطقة برمتها. فبعد ما حصل من اختلاف حول من وراء هذه الحادثة غير العادية في ظل نظام امني وقمعي من الدرجة الأولى، اتجهت البوصلة لقراءة الاحداث إلى النتائج التي حصلت وتحصل من ورائها. فإيران تحاول استغلال العملية للهروب من ازماتها الداخلية بتوجيه اتهامات لدولتين خليجيتين هما الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وذلك لاشغال الشعوب في جغرافية ما يسمى إيران بالاعداء من الخارج لينسى الناس مشاكلهم وهمومهم الداخلية كما حصل سنة 1980 باشعال فتيل الحرب العراقيةالإيرانية. فشحن الشارع الداخلي هو سمة معروفة عن نظام الملالي الذي كانت الحرب العراقيةالإيرانية له بمثابة طوق النجاة بعد ان اثبتوا كذبهم امام شركائهم من الأحزاب والقوميات المختلفة في الإيفاء بوعودهم البراقة. ففي سنوات الحرب الأولى تمكن الملالي من القضاء على جماعة أبو الحسن بني صدر اول رئيس للجمهورية بالاعتقالات والاعدامات للكثير منهم اوهروب بعضهم مثل بني صدر نفسه. وكذلك كان المصير نفسه لمنظمة مجاهدي خلق، في حين تم قمع أي تحرك للقوميات مع بدايات الثورة مباشرة على ايدي زبانية خميني والفرس القوميين ومن معهم في حوادث معروفة مثل الأربعاء الاسود ضد العرب في مدينة المحمرة العربية في مايو 1979. لكن تحرك نظام الملالي هذه المرة مختلف واكثر تعقيداً، فمن جهة تم توجيه الاتهامات بالإرهاب لعرب الاحواز لاسيما وان العملية وقعت على ارضهم. في حين تم تصوير مقاطع فيديو وصور بطرق يحاول فيها نظام الملالي تصوير نفسه للمجتمع الدولي على انه ضحية للارهاب وليس صانع وراعي واعم له ! ومن هنا وجب على الدول العربية التفكير ملياً والعمل بسرعة لتدارك الامر وبصورة جماعية، فلم تعد حيل وفتن نظام الملالي تنطلي على احد. فلو نظرنا لجغرافية إيران من الداخل سنجد ان الازمات الاقتصادية غير عادية اطلاقاً هذه المرة نتيجة أسباب عدة ومنها: ان ضغوط العقوبات الدولية بدأت تعطي نتائجها في ضوء انسحاب الاستثمارات الأوروبية الحيوية للاقتصاد الإيراني وتركها للسوق الإيراني بوضع مأساوي غير طبيعي. ان السوق الإيراني بدأ يعاني من نقص السلع لارتفاع أسعار الدولار وانهيار التومان الإيراني بشكل تصاعدي غير مسبوق وبنسبة تصل لخسارة 70% من قيمته منذ بداية العام. استغلال بعض التجار في إيران للازمة الداخلية ومحاولاتهم المستميتة لاحتكار السلع لرفع أسعارها وبشكل جنوني. زيادة عدد المظاهرات والاحتجاجات الشعبية من قبل جميع طوائف وقوميات جغرافية إيران بما فيهم الفرس والمدن الكبرى منذ نهاية العام الماضي وبشكل شبه مستمر. شح الموارد المائية نتيجة سوء الإدارة وخسارة الدولة لمعظم مخزون المياة الجوفية وبالتالي توقف بعض الزراعات لاسيما في أراض الاحواز الخصبة والسهلية المنبسطة. تردي بعض الصناعات المهمة كالسيارات والالات لانها صناعة تجميعية قديمة في إيران، وتحتاج لقطع الغيار الاصلية كالفرنسية (ماركة بيجو وغيرها). دخول شركات الحرس الثوري السوق الإيراني وبقوة السلطة خاصة منذ عهد الرئيس نجاد ضد الكثير من التجار مما حرم الكثير من موارد رزقهم ومنع تكافؤ الفرص واحتكار شركات الحرس الكثير من مشاريع الدولة. اضف الى ذلك ان التحالف العربي وضرباته القوية للحوثيين ومن معهم من داعمين من الحرس الثوري وحزب الله جعل إيران تخسر الكثير من استثماراتها العسكرية في اليمن لاسيما الصواريخ البالستيه وكافة صنوف الأسلحة والذخائر وما تتطلبة من عمليات التهريب معقده وصعبة، وامكانيات لوجستيه مكلفة. فاصبح الحوثيين (حلفاء إيران) في وضع شبه ميؤس منه ويفقدون السيطرة على الأراضي اليمنية شيئاً فشيء لا سيما في ظل استيلاء الجيش اليمني على الكثير من الأراضي المحررة بتنسيق وتعاون مع طيران التحالف العربي القوي وغير القابل للصد من دفاعات الحوثية المتواضعة. اضف لذلك وبعيداً عن الحزازيات الدينية والقومية فأن إسرائيل قامت هذا العام بتوجيه ضربات موجعة جداً للقوة العسكرية الإيرانية المتمركزة في سوريا مما نتج عنه تدمير مخازن أسلحة وذخائر ضخمة جداً وقوات دفاع جوي وحتى طائرة بوينج مدنية كانت تستخدم لتهريب الأسلحة والعتاد لسوريا. فكانت الخسائر فادحة بكل المقاييس سواء في دمشق وريفها او حماة وحلب وغيرها وفي المعدات والافراد ايضاً. مما نتج عنه لخسائر كارثية لم يعد نظام الملالي قادر على قبولها او تحملها. والمضحك في الامر ان نظام الملالي القمعي والذي لم ينفك عن مهاجمة أمريكا وإسرائيل (لفظياً فقط) باعتبارهم الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر حسب تعبيره ويهاجمهم ليل نهار (صوتياً فقط) وعلى مدى قرابة أربعة عقود من الزمن سواء في مظاهرات صورية مرتبة مسبقاً او في اثناء خطابات الملالي المهلهلة في إيران فقط، لكنه لم يجرؤ يوماً ما على مهاجمتهم عسكرياً. ففي حرب النظام ضد العراق في ثمانينات القرن الماضي كان يدعي بأن طريق القدس يمر من كربلاء، واليوم كربلاء وحتى دمشق أصبحت طوع بنانهم لكنهم لم يجرؤا ان يطلقوا طلقة واحدة ضد القوات الإسرائيلية والتي تبعد عنهم بضعة عشرات من الكيلو مترات من سوريا وبالتالي بالقرب من قواتهم من حرس ثوري ومليشيات طائفية متعددة سواء عراقية اولبنانية وحتى باكستانية وافغانية! لكن حينما يصل الامر للمملكة العربية السعودية وخاصة حينما يتذكروا الأمير الشاب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فأن نظام الملالي ينتابهم الخوف والحنق الشديد على جرأته وجسارته وكشفه لهم وعلى الملأ بلا خوف ولا وجل وتعريتهم امام المجتمع الدولي وتعرية ارهابهم. لذلك كانت هذه العملية فرصة لاتهام المملكة بشكل خاص انها وراء تدريب وتسليح المهاجمين ودفع الأموال لهم في تغريدة لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف بعد اقل من ساعتين على عملية الاحواز! وكأنه لدية حاسة سادسة ليحلل ويعرف بجزم وتأكيد بشأن معلوماته بسرعة البرق! لذلك لابد على الدول العربية لاسيما الخليجية التنبه لما يسعى له نظام الملالي من سعي حثيث لضربهم واشعال فتيل حرب جديدة بالمنطقة طويلة الأمد ليستنزفوا العرب من جديد. ولنا في العراق ونظام صدام حسين عظة وعبرة، فمن بعد الانتصار الساحق في الحرب سنة 1988 تنهار العراق بعدها ب 15 سنة وتصبح اليوم حديقة خلفية لإيران! وقصد الملالي من وراء ذلك حقدهم الدفين على العرب. وكما يقال فأن خير طريق للدفاع الهجوم ، فيجب على العرب تنظيم القوميات المسحوقة في داخل جغرافية إيران اولاً لاسيما عرب الاحواز وتسليحهم ثانياً لاخذ حقوقهم المسلوبة ونيل استقلالهم الناجز والمستحق حسب كل المواثيق والقوانين والأعراف الدينية والدولية لانهاء هذا الإرهاب القابع على صدور منطقة الخليج العربي والمتمثل بنظام الملالي المتعنت والمتغطرس والذي تعاملت معه الدول الخليجية بكل رحابة صدر. لكن الفرس احتلوا الاحواز سنة 1925 ثم تبعوها احتلال الجزر الإماراتية الثلاثة سنة 1971 وفشلوا في احتلال البحرين في ذات السنة واليوم يسعون لتدمير وتفجير منطقة الخليج العربي برمتها بعد تجهيز حرسهم الثوري ومليشيات تابعة لهم في المنطقة لاسيما في العراق واليمن ولبنان لضرب العرب بالعرب فالمعركة اليوم هي معركة كسر العظم فاما نحن واما هم. ولا يوجد حلول في المنتصف!