وقَّع معالي الدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية مؤخرًا، كتابًا بعنوان: "سعود الفيصل: حياته وشخصيته، رؤاه وأفكاره، أعماله وإنجازاته"، الذي قام بإعداده والإشراف عليه، وصدر حديثًا عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. واعتمد الدكتور مدني في إعداد هذا الكتاب والإشراف عليه، على معاصرته "سعود الفيصل" وقربه منه على مدى أربعة عقود؛ فهو الملمُّ بكافة تفاصيل حياة الأمير الراحل الشخصيةِ والسياسية. وحدد أهم الصعوبات التي واجهته عندما طلب منه صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل الإشرافَ على عمل كتابٍ جامع شامل عن شقيقه «سعود الفيصل» يعدُّه نخبة من أرباب الفكر والقلم، فيما يلي: الأهمية البالغة للشخصية المستهدفة بالكتاب ومنزلتها الرفيعة وشأنها العظيم وتاريخها الثري، القلق من ألَّا يرقى الكتاب إلى مستوى الإنصاف لسعود الفيصل، النخبة المنتقاة المرشحة لكتابة موضوعات الكتاب وهي شخصيات بارزة لها شأنها في الفكر والثقافة والسياسة.
وحول هذا الكتاب قال وزير الدولة للشؤون الخارجية: "يقيني، دون مبالغة أننا مهما ألَّفنا وكتبنا عن سعود الفيصل فلن نفيه حقه، ولن نغطي آلاف القصص والروايات عنه، ولن نورد كل ما قال أو فعل، ولن نبلغ مبلغ ترجمة فكره ورؤاه في كتاب واحد. وكل هذا كان مصدر التحدِّي الذي واجهته شخصيًّا مع أن عملنا كان، طوال مدة كتابته وإعداده، تحت سمع الأمير تركي الفيصل وبصره وتوجيهه المستمر؛ بما يتمتَّع به من ثقافة وخبرة وحكمة، وما يملكه من حسن تقدير للأمور، فهو الشقيق الذي لازم شقيقه طوال عمره، لاسيما أن الكتاب من بنات أفكار تركي الفيصل الذي يرأس واحدًا من أهم مراكز الدراسات والبحوث ذات السمعة المشرفة والسجل الممتاز في المنطقة العربية، والهدف منه الوقوف على الجوانب المهمة في شخصية الأمير سعود الفيصل، من خلال استكتاب نخبة مصطفاة من الذين سنحت لهم الفرصة لملازمة الأمير سعود أو العمل معه بشكل مباشر، أو خاضوا معه تجارب خاصة جديرة بالكتابة عنها".
وأوضح أن رجلًا شغل العالم بعبقريته السياسية وشخصيته النادرة أربعين عامًا لجديرٌ بأن تُؤَلَّفَ عنه عشرات الكتب والأطروحات والبحوث والمحاضرات والمقالات، وتُعْقَدَ الندوات وورش العمل حول أطروحاته السياسية ومواقفه وتجاربه وإنجازاته، وقد كان هذا أمرًا قائمًا مألوفًا في حياته، يرحمه الله، سواء في المملكة أم خارجها؛ حسب تعبيره، متمنيًا أن يسهم الكتاب في توفير مادة مرجعية عن سعود الفيصل تُبرز جوانب مختلفة من حياته وفقًا لما شمله محتوى الكتاب من مواد، وتبعًا لمشاركة أسماء لامعة في إعداده.
واعتبر نزار مدني أن الكتاب يُقدِّم توثيقًا بالقدر الممكن لجوانب شخصية الأمير سعود واهتماماته وإنجازاته في كل المجالات، ونماذج من كلماته وتصريحاته، وبعض ما كُتب عنه، مشددًا على أن الرسالة التي يبعث بها هذا الكتاب إلى القارئ تجسد مشاعر الوفاء من "مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية" لسعود الفيصل الشخصية العظيمة، والقائمون عليه يدركون أهمية اطلاع القُرّاء على معلومات موثقة وجديدة عن شخصية ملأت الأسماع والأبصار، وحازت التقدير المحلي والدولي عقودًا من الزمان.
وفي معرض حديثه عن الأمير الراحل سعود الفيصل ضمن هذا الكتاب قال: "أهم العوامل التي ساعدت أو أدَّت إلى النجاحات والإنجازات الكبيرة لسعود الفيصل في مسيرته السياسية: العقلية الاستراتيجية والفكر التكتيكي اللذان كان يتمتَّع بهما -رحمه الله–، وأيضًا ثقافته الموسوعية الراقية، بجانب أنه كان قويًّا حين يحتاج الأمر إلى القوة، وحازمًا، وحاسمًا حين يحتاج الأمر إلى الحزم والحسم، ودبلوماسيًّا إذا احتاج الأمر إلى الدبلوماسية، وخبيرًا إذا احتاج الأمر إلى الخبرة، وحكيمًا إذا احتاج الأمر إلى الحكمة، وصبورًا إذا كان الأمر يحتاج إلى الصبر".
وتناول مدني رؤى سعود الفيصل رحمه الله وأفكاره ومواقفه تجاه قضايا السياسة الخارجية التي تهمّ بلده وتهمّ أمتيه العربية والإسلامية، مكتفيًا بالحديث الموجز عن بعض هذه القضايا؛ ومنها القضية الفلسطينية ولبنان واللجنة الثلاثية وأحداث 11 سبتمبر والأمن الإقليمي، وأشاد بدور الأمير سعود في صناعة تلك المواقف والتوجُّهات والتي تمثل التوجهات السياسية والدبلوماسية للمملكة، ودوره في تطبيقها على الصعيد العملي ونقلها للمسؤولين في مختلف الدول وللرأي العام الدولي.