القادة هم من يحفزون الناس، إنهم من يبثون فيهم الطاقة ويحشدونهم، فيأخذون الأشخاص والشركات إلى أماكن لم يرتادوها من قبل، فالتغيير هو اختصاص القادة، فتتمثل مهمة القادة في إلهام الناس للقيام بالأمور بطرقة مختلفة، والمثابرة نحو مستقبل أفضل. وبحكم التخصص في الإدارة والقيادة، وامتلاك عدد من البرامج والدروات في القيادة والتخطيط الاستراتيجي، والاطلاع على كتب متنوعة في القيادة، والقيام بأبحاث علمية في القيادة؛ أجريت دراسة وثائقية تحليلية لعشرات الشخصيات القيادية التي حققت نجاحات يشهد لها العالم سواء على مستوى المؤسسات والشركات أو على مستوى المجتمعات أو على مستوى الدول؛ لأجل الوقوف والتأمل في عناصر التميز التي يمتلكها قادة المستقبل لصناعة النجاح وتحقيق التطوير المرغوب والمأمول فيه، فتوصلت إلى أن أهم ما يميز قادة المستقبل: – الصدق: يأتي الصدق كأهم ميزة أو سمة ينبغي أن تكون في القائد؛ حتى يكون قادراً على حمل الرسالة بكل شفافية ووضوح، والتأثير على الآخرين، وإلهامهم وتحفيزهم، فقد أجرى كوزيس وبوسنر دراسة استطلاعية امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً باستطلاع رأي آلاف التنفيذين بالقطاعين التجاري والحكومي شملت الخمس قارات حول أفضل سمة وميزة لدى القائد الذي يرغبون في اتباعه، وقد كانت النتائج مذهلة حيث جاءت الأربع مزايا والسمات الأولى التي ينبغي أن يتحلى بها القائد هي على الترتيب: أن يكون صادقاً، متطلعاً للمستقبل، يملك الكفاءة، ملهماً. – رسالة عظيمة يحملها القائد في عقله وقلبه وذاته، رسالة تحمل معها الأمل والطموح للآخرين، رسالة تسعى لتحقيق التقدم والنمو والتطور، رسالة سامية للآخرين وليست خاصة بالقائد، رسالة ذات رؤية مستقبلية تشجع على العمل والإنجاز والإخلاص والإتقان. – يجسدون القدوة، فسلوك القائد هو الذي يكسبه الاحترام، فالألقاب لا تصنع منه قائداً، فأفعاله وسلوكه وتصرفاته هي التي تصنع الفارق، فالقادة النموذجيون يعرفون أنهم إذا أرادوا الفوز بإلتزام الآخرين وتحقيق أعلى المعايير، فعليهم أن ينتهجوا السلوك الذي يرغبون في أن يتبناه الآخرون، ولتجسيد القدوة لابد أن يكون القائد واضحاً بشأن قيمه ومبادئه. – الإيجابية التي تشكل فكر وروح وذات القائد، فهو ينظر إلى الناس من حوله نظرة حب وتفاؤل، ويرى أن الأحداث التي تنتج عن عمليات بناء المستقبل هي فرصة للتحسين والتطوير، فالقائد يُحسن الظن بمن حوله، فالإيجابية نور يضئ للقائد طريق المستقبل. – طول النفس وعدم استعجال النتائج، فطريقة المستقبل طويل، ويحتاج إلى الصبر والاصطبار والانتظار، والمتابعة المستمرة، فعامل الزمن عامل مهم وضروري ليكتمل البنيان ويستوي على ما خُطط له. – عزم وإرادة القائد لتحقيق الأهداف المستقبلية، فعلى الرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهها قادة المستقبل إلا أن اليأس والخوف لم يعرف لهم طريقاً، وظلت الإرادة متيقظة في أنفسهم لا تنطفئ أبداً. – اختيار الكفاءات الجديرة والمؤهلة لتولي مهام ومسؤوليات تحقيق الأهداف المستقبلية، فالقائد لا يصنع المستقبل لوحده، ولم يوجد قائد صنع المستقبل لوحده، فشركاء النجاح وصناع المستقبل يملكون قدرات تتناسب مع المسؤوليات الواجب تحقيقها. – تمكين ودعم الآخرين، فالحلم العظيم يتطلب مجهود فريق بأكمله، يتطلب ثقة صلبة وعلاقات قوية، ويتطلب التعاون بين المجموعات، من خلال بناء الثقة المتبادلة وترسيخ العلاقات، فالتابعون لا يبذلون قصارى جهدهم ولا يمكثون في وظائفهم طويلاً إن جعلهم القائد يشعرون بالضعف، أو بالاعتماد عليه، أو بالتنفير، فتوزيع السلطة عليهم وتعزيز قوتهم الشخصية سيزيد من قوتهم وقدرتهم. – تقدير إسهامات الآخرين، وصنع مناخاً من الاحتفاء بالقيم والإنجازات؛ لصنع روحاً جماعية، وربط المكافآت بنتائج الأداء مرئياً وسلوكياً. فتلك مزايا صناعة المستقبل التي ينبغي لكل قائد أن يتحلى بها؛ ليصبح المستقبل واقعاً يمكن الوصول إليه وتحقيقه.
د. خالد بن عواض بن عبدالله الثبيتي أستاذ الإدارة والتخطيط الاستراتيجي المشارك