ايران لها مصلحة مشتركة مع تركيا في أن تمنع إقامة حكم ذاتي للاكراد ك"خطوة أولى"، لتمنع لاحقاً انشاء دولة كردية مستقلة والتي يطمح الأكراد أن تكون جزءً منها الأراضي السورية والتركية والإيرانية والعراقية. كما أن مصلحة طهران من هذه الشراكة لضرب النفوذ الأميركي ولو في الوقت الحالي في سوريا تحديداً، وبالطبع ليس من مصلحة تركيا أن تقوم بذلك لوحدها، لذا فهي تريد ذلك بالتنسيق مع ايران ومع روسيا من خلال مفاوضات "استانا" في كازاخستان. تاريخياً .. فهناك صراع بين العثمانيين والصفويين، ومن ثم قدَّمت تركيا نفسها كحامية وقائدة للمسلمين كونها تمثل الإسلام السني، كما تفعله إيران أيضاً باعتبارها تمثل الإسلام الشيعي، مع وجود مناطق نفوذ تنافسية بين الدولتين. وأيضاً تاريخياً هناك حروب طويلة بين الروس والامبراطورية العثمانية، لذا فهذه الدول عندما تصنع المستقبل فهي بالتأكيد تنظر للماضي، ولا ننسى أن أنقرة عضوا في الحلف الأطلسي وهذا يمثل عداء سياسي يُنظر له في موسكو، كما أن الروس يعلمون أن الأتراك يريدون البقاء مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنَّ المشكلة بينهما هو موضوع الأكراد. تصريحات الإيرانيين حول طلب وقف تركيا لعملياتها العسكرية في عفرين السورية وضرورة طرح أي خطوات تركية في مؤتمر أستانا، دليل الهشاشة في العلاقة والتوصل لأي اتفاق يقوي روابط ذلك التحالف كونه مبني على مصلحة، لذا فإن روابط تلك العلاقة تستمر ببقاء المصلحة وتنتهي بفضه أو انقضاءه. الولاياتالمتحدة لم تستخدم مكامن قوتها السياسية للدخول في مطاطية العلاقة الهشة، لكنها تهش بطريقة وأخرى وتحاول مواجهة روسيا على المستوى السياسي والعسكري على الأرض، ولعلنا نتذكر ضرب قاعدتي حميميم وطرطوس الروسية الشهر المنصرم بطائرات من دون طيار. هنا أشار الروس بأصابع الإتهام إلى الولاياتالمتحدة وأن الطائرات خرجت من مناطق نفوذ تركية، وأيضاً الصاروخ الذي أسقط طائرة السوخوي 25 الروسية، إنطلق هو الآخر من مناطق نفوذ تركية، في المقابل أشار الأتراك بأصابع الإتهام إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذا كله يعني أن من مصلحة واشنطن تذكير موسكو أنهم ليسوا وحدهم، ولم ولن يحسموا الأمور عسكرياً، من جانيه أيضاً من مصلحة تركيا أن تلعب على وتر التناقض بين الروس والأمريكيين لتستمر في العملية العسكرية ضد الأكراد لمنعهم من تحقيق ما يريدون.