تسود حالة من الترقب أسواق النفط بعد تصريحات لسمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، تؤكد الاتجاه لخفض ثالث في إنتاج نفط أوبك، وفي الوقت الذي تجاوزت فيه الأسعار حاجز 60 دولاراً للبرميل، عقب التصريح مباشرة، دخلت الأسعار في السوق الأمريكية (أكبر مستهلك للبترول في العالم) عمليات تصحيح وجني أرباح، لم تمنعها من تحقيق ثالث مكسب أسبوعي على التوالي، مدعومة بتصريحات ولي العهد السعودي عن التوجه لخفض الإنتاج. ترحيب دولي ولاقت تصريحات سمو ولي العهد ترحيباً دولياً كبيراً، واعتبرها الأمين العام لمنظمة أوبك، محمد باركيندو، اتجاهاً صحيحاً يعكس استعداد أكبر منتِج للنفط في المنظمة وأكبر مصدِّر للنفط عالمياً لدعم مقترح بتمديد اتفاق خفض الإنتاج العالمي الذي يقدَّر بنحو 1.8 مليون برميل يومياً من قِبل "أوبك" والمنتجين من خارجها وعلى رأسهم روسيا، لمدة 9 أشهر إضافية عقب انتهاء مدة الاتفاق الجاري في مارس المقبل. ويأتي تصريح سمو ولي العهد ليؤكد حرص المملكة علي استقرار الأسواق ووصول أسعار النفط إلى معدلاتها الطبيعية بعد أن شهدت تراجعاً كبيراً خلال الشهور الماضية. تحريك السوق ووصف خبراء الاقتصاد تصريح سموه عن دعم المملكة تمديد صفقة خفض الإنتاج، بأنه "تنشيط واقعي لتحريك السوق الراكدة منذ فترة"، واعتبره الخبير محمد الكيالي خطوة جاءت في وقتها لتحقيق استقرار السوق وإحداث التوازن بين العرض والطلب، ولا سيما بعد أن ساهم الطلب المرتفع على النفط في استيعاب الزيادة في إنتاج النفط الصخري. إزالة الضبابية وأبلغ مراقبون اقتصاديون "الوئام" أن تصريح سمو ولي العهد كان له تأثيره المباشر على السوق وأعاد الثقة إليها، وأزال الضبابية التي سيطرت على الأسواق بعد الكشف عن رغبة "أوبك" وروسيا في تمديد اتفاق خفض الإنتاج، مؤكدين أن هذا التأثير يؤكد من جديد أهمية القرار السعودي، لافتين إلى أنه يُكمل خطوات المملكة ورغبتها الجادة في قيادة دفة سوق النفط وإعادة توازنها المفقود. وقال شامل الحيدري، محلل نفطي: إن التأثر السريع للأسواق بتصريحات ولي العهد السعودي، أكدت أن رحلة إعادة التوازن للأسواق العالمية تنهض بقيادة المملكة، التي أثبتت نجاحها في ضبط السوق على الرغم من التحديات التي واجهتها خلال الشهور الماضية. خطوة مجدية وأشار إلى أن إعلان سمو الأمير محمد بن سلمان ازدياد الطلب على البترول وعلى الطاقة بفئتيها التقليدية والمتجددة مستقبلاً؛ ساعد الأسواق على استعادة توازنها، وبرهن للعالم بأن اتفاقية خفض الإنتاج أثبتت جدواها. وقال مختصون في شؤون النفط ل"الوئام"، إن خفض الإنتاج لا مفر منه؛ لمواجهة استئناف ضخ العراق في "أوبك" (ثاني أكبر منتِج للنفط في "أوبك") من حقول مدينة كركوك المتنازع عليها مع إقليم كردستان. ولفت غالي دبوس إلى أن ارتفاع صادات النفط الأمريكية لمستويات قياسية جديدة، يقود الولاياتالمتحدة (أكبر مستهلك للنفط) في الطريق الصحيح لدخول قائمة أكبر 10 دول مصدّرة للنفط على مستوى العالم. ويترقب العاملون في السوق قيام "أوبك" بتمديد اتفاق خفض الإنتاج العالمي حتى أواخر عام 2018، في اجتماعها الرسمي على المستوى الوزاري في 30 نوفمبر المقبل، وسط تكهنات بخفض مخزونات النفط في الدول الصناعية الكبرى إلى متوسط 5 سنوات، بعد أن صعد الخام الأمريكي بنسبة 1.2%. مسجلاً أعلى مستوى إغلاق في 6 أشهر، وارتفعت عقود برنت بنسبة 1.8% وسجلت أعلى مستوى في 27 شهراً عند 59.53$ للبرميل. وتنفذ منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وبعض المنتجين المستقلين حالياً اتفاقاً بخفض المعروض العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يومياً حتى مارس 2018، بهدف تحقيق التوازن بالسوق وخفض المخزونات العالمية. ارتفاعات متوقعة ويتوقع متابعون لأسواق النفط ثبات الأسعار نسبياً خلال الفترة الحالية، ولكنهم لا يستبعدون ارتفاعها خلال الفترة المقبلة؛ بسبب انخفاض مخزونات وقود المحركات لدى الولاياتالمتحدة بنحو 5.5 مليون برميل. ومع أن تزايد احتمالات تمديد "أوبك" تخفيضات الإنتاج يعزز التوقعات بتحقيق التوازن في السوق، يظل إنتاج الخام الأمريكي يمثل مشكلة للمنظمة في الوقت الذي تسعي فيه جاهدة لتصريف تخمة المعروض العالمي. وفي الوقت الذي ارتفع فيه إنتاج الخام الأمريكي بواقع 1.1 مليون برميل ليصل إلى 9.5 مليون برميل يومياً، ارتفع برنت بمقدار الثلث عن أدنى مستوياته في 2017 التي لامسها في يونيو الماضي، وبلغ مستويات لم يسجلها منذ منتصف 2015. يُذكر أن سمو الأمير محمد بن سلمان كان قد قال:نحن ملتزمون بالعمل مع جميع المنتجين من دول (أوبك) ومن خارجها، لدينا اتفاق عظيم وتاريخي.. سندعم كل ما يمكن أن يحقّق استقرار العرض والطلب من أمور مجدّداً. وأضاف: الكل مستفيد، سواء الدول الأعضاء في منظمة أوبك أو الدول غير الأعضاء، مشيراً إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عمل اتفاقية للمنظمة مع دولٍ من غير المنظمة فيما يتعلق بالمحافظة على استقرار السوق. وعن التمديد، قال سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع: بالطبع، نحن في حاجة إلى مواصلة المحافظة على استقرار السوق النفطية. أعتقد أن السوق قد تمكّنت من احتواء إمدادات النفط الصخري الجديدة.. لقد تمّ احتواؤها، لقد أصبحت الآن جزءاً من الواردات، نحن متوجهون الآن نحو عصرٍ جديد.