يعود سعر النفط ليستقر فوق حاجز 60 دولاراً للبرميل، للمرة الأولى منذ عامين، بفعل دعم منتجين كبار لتمديد اتفاق تقليص الإنتاج ونزول الدولار عن ذروته في ثلاثة أشهر، إذ أزالت تصريحات ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية الأمير محمد بن سلمان، الضبابية في الأسواق وأعادت الثقة إليها، بالتأكيد على استعداد المملكة لتمديد اتفاق خفض الإنتاج الذي أثبت جدواه في إعادة التوازن بين العرض والطلب. وقفزت أسعار النفط في الأسواق العالمية نحو اثنين في المئة، وارتفع خام القياس العالمي برنت متجاوزاً 60 دولاراً للبرميل، وهو أعلى سعر منذ تموز (يوليو) 2015، ويزيد أكثر من 35 في المئة فوق أدنى مستوى لعام 2017 المسجل في حزيران (يونيو). وأكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في منتدى مستقبل الاستثمار، الذي عقد في الرياض، وتصريحاته إلى وكالتي رويترز وبلومبيرغ، أن رحلة إعادة التوازن للأسواق تنهض بقيادة المملكة التي أثبتت نجاحها على رغم التحديات، وأن الطلب على النفط سيتزايد في المستقبل وهو ما أعاد الثقة لأسواق النفط، مثبتاً بذلك مستقبل الطاقة بفئتيها التقليدية والمتجددة. وتركت تصريحات ولي العهد تأثيراً إيجابياً على الأسواق العالمية، إذ تعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، وقال في تصريحه لرويترز: «نحن ملتزمون بالعمل مع جميع المنتجين من دول أوبك ومن خارجها.. لدينا اتفاق عظيم وتاريخي.. سندعم كل ما يمكن أن يحقق استقرار العرض والطلب.. والآن نستعيد زمام الأمور مجدداً». وأشار إلى أن الطلب المرتفع على النفط قد استوعب الزيادة في إنتاج النفط الصخري. كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قال إنه يؤيد تمديد الاتفاق لتسعة أشهر، وذلك بعد تصريحات مماثلة أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرابع من تشرين الأول (أكتوبر). وقال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) باركيندو على هامش المؤتمر: «ترحب أوبك بالتوجيه الواضح من ولي العهد السعودي بشأن ضرورة تحقيق الاستقرار في أسواق النفط والحفاظ عليه بعد الربع الأول من 2018». وأضاف أنه بجانب تصريحات بوتين «فإن ذلك يزيح الضباب في الطريق إلى فيينا في 30 تشرين الثاني (نوفمبر)». وقال باركيندو حين سئل عما إذا كانت تصريحات ولي العهد السعودي تشير إلى أن تمديد الاتفاق لمدة تسعة أشهر يبدو أكثر ترجيحاً: «من الجيد دوماً أن تحظى بمثل هذا التجاوب والتوجيه رفيع المستوى». وقال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن السعودية وروسيا أعلنتا دعمهما لتمديد اتفاق خفض الإمدادات الذي تقوده «أوبك»، وذلك قبيل اجتماع المنظمة المقرر في 30 نوفمبر. وينتهي الاتفاق الحالي في آذار (مارس) 2018. ويهدف اتفاق الإنتاج إلى خفض مخزونات النفط في الدول الصناعية الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى متوسط خمس سنوات، وتشير أحدث أرقام إلى أن المنتجين قطعوا نصف الطريق فحسب صوب ذلك الهدف. وبلغت مستويات المخزون في أيلول (سبتمبر) نحو 160 مليون برميل يومياً فوق ذلك المتوسط بحسب بيانات «أوبك»، انخفاضاً من 340 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات في كانون الثاني (يناير). إلى ذلك، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ل«رويترز» إن بلاكروك لإدارة الصناديق وبلاكستون للاستثمار المباشر تخططان لفتح مكاتب في السعودية متشجعتين بالفرص الاستثمارية التي تتيحها المملكة. تأتي تصريحاته مع قيام صندوق الاستثمارات العامة، صندوق الثروة السيادي الرئيس في السعودية، بوضع 20 بليون دولار في صندوق قيمته 40 بليون دولار مع بلاكستون وكشفه النقاب عن خطط لتعزيز أصوله بقوة. وقال الأمير محمد في مقابلة: «صندوق الاستثمارات العامة يرسي دوراً جديداً في عالم الاستثمار». وأوضح أن الصندوق سيكسب المال من استثماراته المشتركة الأخيرة مع مجموعة سوفت بنك اليابانية ومع بلاكستون. وقال: «لذلك حققنا 20 في المئة ربحاً مع سوفت بنك في خمسة أشهر. لذلك أنشأنا صندوقاً في بلاكستون من المتوقع أن يحقق 14 في المئة ربحاً، ويوجد مجالات مختلفة واستثمارات مختلفة. لهذا السبب يفتح بلاكستون وبلاكروك مكاتب هنا». وقالت متحدثة باسم بلاكروك، أكبر مدير صناديق في العالم، إن الشركة تنوي «فتح مكتب في المنطقة بما يكفل أن نقدم أفضل خدمة لعملائنا». تتوسع البنوك الأميركية وشركات إدارة الصناديق الغربية في السعودية مدفوعة ببرنامج خصخصة قيمته بلايين الدولارات وفتح الأسواق المالية للمملكة أمام المستثمرين الأجانب. ويعد بيع نحو خمسة في المئة من شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية العام المقبل حجر زاوية لخطة «رؤية 2030» الإصلاحية الطموح التي يرعاها الأمير محمد بهدف تنويع موارد الاقتصاد السعودي المعتمد على النفط. ويريد صندوق الاستثمارات العامة زيادة قوته المالية إلى 1.5 تريليون ريال (400 بليون دولار) بحلول 2020، في إطار جهود المملكة لتعزيز النمو بالقطاع الخاص والحد من الاعتماد على صادرات النفط.