"لو كان واثقًا من الوضع الداخلي، لسافر إلى باريس كما كان مقررًا"، ولكنه لن يستطيع ذلك بعد أن ضاق الخناق أكثر وأكثر على أمير قطر تميم بن حمد، منذ قطع المملكة ومصر والإمارات والبحرين العلاقات مع نظامه، الداعم بالإرهاب، والممسك ب"عصا إيران". عدم سفر "تميم" إلى العاصمة الفرنسية باريس، الذي كان مقررًا في السادس من يوليو الجاري، جاء يحمل دليلًا جديدًا على اشتداد الوضع عليه داخل قصره الحاكم في قطروسقوطه تحت حصار والده الذى أضطر لإلغاء رحلات الصيف ، تحسبا لاى إنقلاب على الحكم . تميم – كما كشفت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية – أجّل زيارةً إلى فرنسا والتي كانت مقررة مطلع يوليو الماضي، وذلك إلى وقت لاحق من الصيف. الصحيفة فسّرت خطوة تميم بتأجيل الزيارة، بأنّه "يفضِّل عدم المخاطرة"، فيما نقلت عن رجل أعمال، وصفته ب"المطلع على الأوضاع في الدوحة، قوله: "لو كان واثقًا من الوضع الداخلي، لكان سافر إلى باريس كما كان مقررًا". ويخشى تميم السفر إلى باريس بعد تفاقم الوضع ضده فيما يتعلق بالأزمة مع "رباعية المقاطعة"، وأكثر ما يخشاه – كما ترى الصحيفة – هو عرشه، إذ تقول إنّ "استمرار الأزمة يفرض على الشيخ تميم البقاء في قطر، حيث يتذكر أنّ والده الشيخ حمد، استفاد من إقامة جدّه الشيخ خليفة في سويسرا في 1995، لإطاحته". ولعل ما يدعم هذا الطرح ما كشفته مصادر وصفتها الصحيفة ب"الخاصة"، بأنّ كل أفراد العائلة الحاكمة القطرية عدلوا عن قضاء إجازاتهم خارج قطر، أي في أوروبا عمومًا. وبينما تشير بعض التحليلات إلى أنّ الأمير الأب "حمد" هو من يدير فعليًّا الأزمة، وأنّ "تميم" غائب عن المشهد، فمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تحدثت عما أسمتها "مؤامرة القصر في قلب أزمة قطر". المجلة قالت: "من يحكم قطر على الورق هو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، 37 عامًا، ابن الشيخ حمد بن خليفة، الذي تنازل عن الحكم لابنه عام 2013، غير أن قيادات دولتيّ المملكة العربية السعودية والإمارات تعتقد أن الحاكم الفِعلي هو الشيخ حمد، الذي ما يزال يُدير شؤون الحكم في الخفاء". وأضافت: "هناك تباين آراء حول المُسيطر الحقيقي في الدوحة، ما بين الأمير الأب أو نجله، وليس بينها من يمتدح عائلة آل ثاني، التي لم يكن عددها يتجاوزبضعة آلاف رغم امتلاكهم ثالث أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم". وفى الوقت الذى وصف فيه مصدر من داخل القصر ، والد تميم بأنه حاكم "قوي وخطير"، قال دبلوماسي سابق قضى عدة أعوام في الدوحة : "الأمير الأب البالغ من العمر 65 عامًا لا يزال يقود الدبلوماسية القطرية"، مشيرًا إلى أنّ "حمد" لا يحب الإماراتيين أو البحرينيين ويتجاهل السعوديين تمامًا. وتؤكد تقارير غربية أن العدائية تسيطر على علاقة "حمد" بجيرانه الخليجيين منذ الأيام الأولى لحكمه، وأنّه "يحرص على عدم تفويت أي فرصة لإزعاج جيرانه العرب الخليجيين، حتى وإن تفاقمت الأمور إلى حدّ تفكيك مجلس التعاون الخليجي، الذي يحمي إلى حد كبير الممالك العربية المُحافظة والمشيخات العربية من الاضطرابات التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إيران والعراق في عام 1980". وفي تأكيد على ذلك، قال ضاحي خلفان قائد شرطة دبي السابق إنّ أمرًا قد صدر من "حمد" والد تميم بن حمد، بقطع الاتصالات عن قصر الحكم، إلى جانب وضع سيارة تشويش بجانب القصر. خلفان أضاف عبر حسابه الرسمي ب"تويتر"، أن الحكومة القطرية تواجه مشكلات لا حصر بسبب دعمها وتمويلها للإرهاب، كما أشار إلى معلومات تنامت إليه بأنّ تميم قيد الإقامة الجبرية. وتابع: "كله من حمد بن جاسم، ويفترض عربيًا أن يدرج على قائمة الراعي الأول للإرهاب". وتؤكد مصادر مقربة من نظام الحاكم في قطر، أن الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني يعيش كارثة حقيقة ، ويرجح أنه قد تم التحفظ عليه بالفعل، مؤكدة أن والده هو الذى يدير قطر بمعاونة الأمير حمد بن جاسم، لافتة إلى أن هذا التحفظ ربما يصحح المسارويخرج المنطقة من أزمتها. وتشير المصادر إلى أن الأمير الأب يجرى العديد من الاتصالات بقيادات دول غربية وعربية ، وبجهات سيادية واستخباراتية داخليا وخارجيا، مبينة أنه يعيش حالة من الحسرة والحزن إلى ما آلت إليه البلاد. ويشهد قصر الحكم، فى قطر أزمة كبيرة لم يمر بها من قبل ، بعد قطع الإتصالات عنه فى أعقاب إندلاع الخلافات بين أفراد العائلة الحاكمة ، وخاصة بعد إطلاع تميم على تقرير يشير إلى أن هناك إتصالات سرية جرت مؤخرا بين والد أمير قطر السابق حمد بن خليفة وشقيقه عبد الله بن حمد آل ثاني نائب أمير دولة قطر، و نقلت التقارير مخاوف "تميم" من أن تمهد هذه الاتصالات للإطاحة به، وهو ما جعله يعقد جلسة مطولة مع شقيقه عبدالله بن حمد ، حضرتها الشيخة موزة ؛ لمناقشة عدد من القضايا التي تخص الأسرة الحاكمة في قطر ولم تستبعد المصادر أن يكون الأمير حمد بن خليفة دفع لعدد من الصحف الغربية مؤخرا أموالا لفضح ممارسات ابنه "تميم" في دعم الإرهاب وتبنيه لموقف داعم للتنظيمات المتطرفة ، وهو ما يتفق مع رؤية من يتوقعون أن الايام القليلة القدمة ستشهد إنقلابا ناعما جديدا بقيادة شقيق الأمير الحالي بدعم من والده حمد بن خليفة، ويخرج تميم من دائرة الحكم تماما بعد أن كتب بيده شهادة موته إكلينيكيا فى الساحتين العربية والدولية . وكشف "جيا باخور" المحلل بالتلفزيون الرسمى الإسرائيلى، أن أمير قطر "تميم" يعيش تحت إقامة جبرية، لكونه لا يستطيع السفر خارج الدوحة، خوفا من الانقلاب الداخلي، موضحا أنه جعل وزير خارجيته محمد بن عبد الرحمن آل ثانى يقوم بجولات خارجية بدلا منه. مؤكدًا أن دولة إسرائيل أصبحت تتعامل مع قطر على أنها لا دولة وبلا حاكم فعلي.
ويرى محللون خليجيون أن اختفاء تميم من المشهد يؤكد أنه ليس زعيم لقطر، بل كان ولا يزال مجرد واجهة تم استهلاكها ، ولا يمكن لهذه الواجهة الحديث عن شئون البلاد. وفي السياق ، نشرت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، تقرير يفيد بأن أمير قطر "تميم" يدفع ثمن السير على نهج سياسات والده المعادية للمملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أنه كان من الأفضل للابن تغيير السياسات التي تسعى في مجملها لخلق مكانة خاصة للدوحة لا تتناسب مع ثقلها السياسي. وأوضحت الشبكة الأميركية، أن استمرار مقاطعة قطر بقيادة السعودية جاءت للشعور بأن لا شيء تغير وأن الأب هو الحاكم حتي الأن، موضحة أن التوتر بين قطر وجيرانها، بدأ في يونيو 1995، عندما حل الشيخ حمد، الذي كان ولياً للعهد آنذاك، محل والده في انقلاب دموي.