في كتاب العقد المفقود (الثقافة البريطانية والمجتمع في عام 1970) أشار كل من لورل فورستر وسو هاربر إلى مصطلح أنسنة المدن من منظار اجتماعي وأهمية مراعاة خلق مساحة للمشاة وخلق مساحات واسعة للبشر، أما في منظار النقل فإن أنسنة المدن تعني المزيد من المرونة في التنقل مع الحفاظ على مساحات المشاة والتنزه. إن أنسنة المدن بالعصر الحديث أشمل من مفهوم المساحات الخضراء والحدائق العامة على حد تعبير المنظمة الدولية للبيئة والتطوير في كتاب مدن المستقبل، فهو يعني المزيد من الحرية والإبداع والاستمتاع بالأماكن، وهذا ما تسعى له وزارة الشؤون البلدية والقروية حيث نفذت مشكورة عدداً من الفعاليات والبرامج لتلبية حاجات المواطنين والمقيمين من الأنشطة الثقافية والترويحية، ضمن جهود «أنسنة المدن»، وتعزيز الجوانب الإنسانية في جميع مدن ومحافظات المملكة بحسب ما ورد في جريدة الحياة الأسبوع المنصرم وهذه من بشائر الخير التي يسعى المواطن دائما لأن يصبح جزءاً منها. وعن كيفية تنشيط المدن فإن جان غيهل في مقال يحمل ذات التساؤل يقول إن تخطيط الأماكن العامة ومساحات المدينة في عصرنا هو حقل جديد تماما، يتطلب المزيد من الذكاء والمرونة لجعل المدن أكثر متعة، وهنا يأتي دور النقل فكلما زادت وسائل النقل العام زادت مرونة الحركة وانسيابيته للمستفيدين. من أحدث اتجاهات أنسنة المدن من خلال النقل هو تطبيق نماذج المحاكاة والتي تساهم بشكل يفوق التصور في تخفيف الازدحام وهو ما تهدف وتعمل عليه مدن المستقبل بحيث يضمن سلاسة الحركة المرورية بما ينعكس على سلامة البشر وتخفيض الحوادث والازدحام. مدينة الرياض الحاضنة للزوار والمقيمين أحد مدن المستقبل التي برع القائمون عليها في تخطيط الطرق الواسعة والممهدة بجوار مشروع الوطن القادم مترو الرياض ستكون الحاجة لتحقيق المرونة في النقل مضاعفة، وكي نحقق ذلك كمختصين من الجدير بالذكر التنويه بجهود الأمانة العامة لمدينة الرياض في هذا المجال لكن يبقى رفع وعي المستفيد وهو مسؤولية مشتركة لنحقق مفهوم "المدينة الصديقة". وحتى تتضح الرؤية أكثر فإن وسائل الاعلام عليها مهمة ربط المستفيد بالمسؤول في مجال النقل وإشعاره بمن يعمل لأجله، حتى نحقق مفهوم الانسنة والصداقة الحقيقية بين الإنسان ومدينته، فمتى أيقن المواطن بأنه المستفيد الأول من استخدام النقل العام وأدرك فوائده تحقق لنا هدف المواطن الرقيب على ممتلكاته وعلى وطنه دون أدنى جهد.