وصف نائب الرئيس لشؤون أرامكو السعودية، المهندس ناصر بن عبدالرزاق النفيسي فعاليات منتدى أسبار الدولي، الذي يُعقدُ بمبادرةٍ من مركزِ أسبارِ للدراساتِ والبحوثِ والإعلامِ، بأنه منصةٍ مهمةٍ لإطلاقِ الأفكارِ واقتراحِ الآلياتِ لدعمِ منظومةِ المعرفةِ، بما يخدمُ أهدافَ رؤيةِ المملكةِ 2030. وقال إن رسالة المنتدى رسالة نبيلةٌ يجبُ علينا جميعاً أن نُسْهِم في إعلائِها، بحيث يُمكِننا إرساءَ دعائمِ منظومةٍ متكاملةِ الأركانِ، بدايةً من غرسِ ثقافةِ المعرفةِ والمسؤوليةِ والعملِ على إثرائها، ونشرِها بمفهومِها الحديثِ لدى المجتمعِ بمختلفِ شرائحِه، ومن ثم تحويلِها إلى تطبيقاتٍ عمليةٍ واستثمارهِا في تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ. جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في حفل افتتاح فعاليات المنتدى الذي يعقد في الرياض تحت شعار: "المعرفة قوة"، والذي تشارك أرامكو السعودية في رعايته كشريك استراتيجي. وقال الأستاذ ناصر بن عبدالرزاق النفيسي: إن حجمَ الاستثمارِ في الصناعاتِ القائمةِ على المعرفةِ يشهدُ نمواً مطرداً في الاقتصادِ العالميِ، ويشيرُ تقريرُ اقتصادِ المعرفةِ العربي 2015-2016 إلى أن المملكةَ جاءت في صدارةِ الدولِ العربيةِ، مستحوذةً على قرابةِ 300 براءةِ اختراعٍ في العامِ 2014. ونحن بحاجةٍ إلى البناءِ على هذه الإنجازاتِ من أجلِ إثراءِ منظومةِ الاقتصادِ المعرفي. وتطرق إلى الحديث عن هذا الموضوع بشكل أكثر تفصيلاً من خلال العرض الذي قدمه في إحدى الجلسات الرئيسة في المنتدى حول استثمار المعرفة في أرامكو السعودية كأنموذج يحتذى والذي لا يقتصرُ بأيٍ من الأحوالِ على تطويعِ التقنياتِ والمعارفِ الحديثةِ في دعمِ أعمالِ الشركةِ والقيامِ بدورِها في إدارةِ المواردِ الطبيعيةِ للمملكةِ ودعمِ الاقتصادِ الوطني، وإنما يمتدُ إلى الاستثمارِ في أغلى المواردِ لدينا، وهم شبابُ هذا الوطنِ الغالي. وتحدث النفيسي في محاضرته عبر خمسة محاور عن المعرفة وسُبل استثمارها وتبادلها في أرامكو السعودية، ضمن جهودها للإسهام في التحول نحو الاقتصاد المعرفي في إطار رؤية المملكة 2030 وهدفها في إحداث التحول الاقتصادي الذي نتطلع إليه في مجتمعنا السعودي. فقال: إن دور الموارد البشرية في اكتشاف الموارد الطبيعية في المملكة وإدارتها بكل موثوقية يمثل العنصر الأساس، وهي رأس المال البشري، حيث يُمكِننا من تحويل الطاقة إلى فرص كبيرة وواعدة. ولهذا فإن الإنسان كان وسيبقى هو الأصل الأعلى قيمة في أرامكو السعودية، وهو الأساس الذي تقوم عليه منظومة المعرفة، وما يرتبط بها من استثمار معرفي يتيح لأرامكو السعودية الميزة التنافسية الأكبر في قطاع الطاقة العالمي." واعتبر النفيسي في عرضه أن المعرفة تمر بدورة كاملة، فهي دائمة التغير شأنها في ذلك شأن البيئة التي نزاول فيها أعمالنا. ولذلك، فإن اكتساب المعارف الجديدة أمر ضروري، وهي عملية تعتمد إلى حد كبير على توفر المزيج الصحيح من المفاهيم والمهارات والخبرات. وبعد اكتساب المعرفة تأتي مرحلة تطبيق المعرفة ذاتها، حيث يشكل تعذر تطبيق المعرفة بشكل دقيق ومركَّز أحد مراحل دورة المعرفة. وقال: "تحتاج المعلومات التي ترد بشكل متلاحق مع تطورات العصر دائماً إلى من يقيمها تقييماً صحيحاً ويحدد ما هو مفيد منها أو قابل للتطبيق." وقال أيضاً في هذا الإطار: "نحن هنا في هذه المرحلة أمام معادلة تتطلب الجمع بين أجيال من ذوي الخبرة والشباب القادر على التعامل مع أدوات العصر. ويتطلب ذلك بدوره بناء جسور مستمرة لنقل المعرفة وضمان تواصل الأجيال. ولما كان الشباب في أرامكو يمثلون أكثر من 50% من القوى العاملة فقد حرصنا على تمكين هؤلاء الشباب ليقوموا بدورهم في دورة المعرفة في الشركة، وقمنا بتشكيل مجلس استشاري للقادة الشباب يجتمع فيه الشباب الواعد وجهًا لوجه مع أعضاء الإدارة العليا لمناقشة الأمور التي تخص الشباب في الشركة والمساهمة في اتخاذ القرارات." وتناولت محاضرة النفيسي الحديث عن مفهوم ثقافة المعرفة كأحد المحاور الرئيسة في استراتيجية استثمار المعرفة في أرامكو السعودية. وقال :"حرصنا في أرامكو السعودية على إرساء هذه الثقافة وتوفير ما يلزمها من وسائط وأنظمة لإدارتها إلكترونياً، فيوجد لدينا نظام لإدارة الأفكار. كما أطلقنا الكثير من المنصات الإلكترونية للحوار وتبادل المعرفة في المجالات المتخصصة، إضافة إلى برامج للتدريب والتطوير وهي الأكبر من نوعها في الصناعة، وهي جمعيها تساعدنا على الاستفادة من المعرفة بأشكالها المختلفة. مشيراً إلى أن المعرفة تعد من نواح متعددة هي الخيط الرابط لنسيج الأعمال لدينا في الشركة، وحول إدارة التغيير لإذكاء ثقافة المعرفة، قال النفيسي إن في كل مؤسسة مقاومة للتغيير، وذلك من طبيعة البشر، وهو ما يشكل تحدياً يجب التعامل معه بتفهم ومرونة لإتاحة الفرصة للاطلاع الكافي على إيجابيات التغيير وتقبله. وللمعرفة دور أساس ومهم في إدارة التغيير وتحقيق النتائج المنشودة منه بشكل أكثر فاعلية وتأثيرًا، حيث إن المعرفة تمكن الموظفين من اتخاذ قرارات سليمة وتحمل المسؤولية في نطاق التغيير، وتتيح لهم الفرصة بأن يكونوا أكثر مرونة لما يستدعيه التغيير من تعديل في مساراتهم العملية والعلمية. وفي أرامكو السعودية تتم الاستفادة من توظيف البيانات والمعلومات ليسهل على الموظفين تحقيق هذا التغيير على أرض الواقع بشكل أكثر فاعلية. وحول تحفيز المعرفة في المملكة أشار النفيسي إلى أن لدى أرامكو السعودية ثقافة عريقة ومسؤولة في نشر المعرفة في جميع مناطق المملكة والعالم، فالشركة ومنذ المراحل الأولى لتأسيسها لها دورها في نشر الأساليب المثلى في التعامل مع السلامة والبيئة ووضع المعايير الهندسية وأنظمة البناء والتثقيف الصحي، وبناء المدارس. ومواكبة لروح العصر ومقتضياته، تقوم الشركة أيضاً بتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة بالتعاون مع جامعات وشركات سعودية، بالإضافة إلى برامج تدريبية تقنية ومهنية للموارد البشرية الوطنية الشابة وموظفي شركائنا. وقال مختتماً حديثه: " تقوم أرامكو السعودية الآن بتنفيذ مرحلة جديدة من الاستثمار أساسها المعرفة من خلال مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران." تجدر الإشارة إلى منتدى أسبار الدولي 2016 يناقش المنتدى 45 ورقة عمل، في 11 جلسة، يتحدث فيها أكثر من 60 متحدثًا، وتتناول 3 محاور رئيسية هي: الطلب والابتكار والسياسات، والمنظمات والمعرفة، والتحول إلى مجتمع المعرفة، إضافة إلى 6 ورش عمل، تتناول: دور اتفاقيات العقود في نقل التقنية، ودور الجامعات في اقتصاد المعرفة، ودور المنظمات في اقتصاد المعرفة، وشراكات القطاع الحكومي والخاص: أفضل الممارسات، وتصميم وتنفيذ الدورات التدريبية الفنية لنقل المعرفة.