قتل عشرات المدنيين بينهم 12 شخصاً من عائلة واحدة جراء غارات كثيفة استهدفت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب السورية. وغداة تلويح واشنطن ولندن بإمكانية فرض عقوبات على سوريا وحليفتها روسيا، نفى الاتحاد الأوروبي أي توجه مماثل، متحدثاً عن إمكانية "توسيع" العقوبات المفروضة سابقاً على النظام السوري. لكن الاتحاد اعتبر أن حملة القصف الروسية السورية على حلب يمكن أن تصل إلى "جرائم حرب". وذكر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن "13 مدنياً على الأقل بينهم تسعة أطفال قتلوا صباح الإثنين 17. أكتوبر /تشرين الأول 2016 جراء غارات لم تعرف اذا كانت سورية ام روسية على حي المرجة"، موضحا ان 12 منهم اقرباء وينتمون للعائلة ذاتها. وبين القتلى أم تبلغ من العمر 17 عاما ورضيعها. وتأتي هذه الحصيلة غداة مقتل 34 شخصا الاحد، 18 منهم على الاقل جراء غارات روسية استهدفت مبنيين سكنيين في حي القاطرجي، وفق حصيلة جديدة للمرصد. وافاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في الاحياء الشرقية ان متطوعي الدفاع المدني كانوا يعملون صباحا في القاطرجي على البحث عن نحو عشرين مفقودا تحت الانقاض. ويظهر في احدى الصور متطوع في الدفاع المدني يحمل جثة طفلة تم سحبها الاثنين من تحت الانقاض. وقال عنصر في الدفاع المدني ان تحليق الطائرات في الاجواء ليلا حال دون استمرار اعمال الانقاذ خشية تجدد القصف. وتظهر مقاطع فيديو تم التقاطها ليل الاحد، الطفل معروف (12 عاما) يرتدي قميصا اصفر اللون وهو مرهق وفي وضعية الجلوس على حافة الطابق الثالث من مبنى استهدفته الغارات لكن رجليه عالقتان تحت الركام. ويحاول معروف سحب رجليه من دون فائدة، قبل وصول آلية تابعة للدفاع المدني عملت على انقاذه ونقله الى المستشفى. في المستشفى المكتظ بالجرحى، يستلقي جريح على سرير بعد تضميد رجليه اثر عملية تثبيت اسياخ حديدية فيهما. وفي غرفة اخرى، تنام طفلة بهدوء على سرير فيما جفت دموعها فوق الغبار الذي يغطي وجهها وثيابها ويسمع في الخلفية رجل يصرخ وطفل يبكي من الالم. ويقول ابو محمد وهو سائق سيارة اسعاف بانفعال "كارثة في مدينة حلب، قصف على حلب القديمة"، مضيفا "المستشفيات مكتظة بالجرحى.. وفرق الاسعاف لا تستطيع نقل كل الجرحى". وتتعرض الاحياء الشرقية في حلب منذ 22 ايلول/سبتمبر لهجوم يشنه الجيش السوري في محاولة للسيطرة عليها. يتزامن الهجوم مع غارات روسية واخرى سورية وقصف مدفعي وتسبب منذ بدايته بمقتل اكثر من 430 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وفق حصيلة للمرصد. كما قتل 82 شخصا معظمهم مدنيون ايضا جراء القذائف التي تلقيها الفصائل المعارضة على الاحياء الغربية. ويترافق الهجوم مع معارك بين الطرفين على محاور عدة من المدينة. على جبهة اخرى، قتل الاثنين 23 شخصا في غارات روسية على قرية عويجل التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في ريف حلب الغربي، وفق المرصد السوري. وتعد مدينة حلب الجبهة الابرز في النزاع السوري، وهي تشكل محور المباحثات الدولية منذ تصاعد التوتر الروسي الاميركي على خلفية انهيار هدنة في 19 ايلول/سبتمبر صمدت اسبوعا. وردا على التصعيد العسكري في حلب، حذر وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره البريطاني بوريس جونسون الاحد بان على الحلفاء الغربيين ان ينظروا في عقوبات ضد أهداف افتصادية في سورياوروسيا ردا على حصارهما للاحياء الشرقية. لكن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني نفت الاثنين اي توجه مماثل ضد روسيا على خلفية تورطها في النزاع السوري. وقالت موغيريني قبل بدء اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين، ردا على سؤال حول خطوات مقبلة ضد موسكو "لم تطرح أي دولة عضو (في الاتحاد) هذه المسألة". وأضافت "لكن هناك عقوبات ضد النظام السوري وتجري مناقشات حول ذلك وبالتاكيد توسيعها أمر ممكن"، معربة عن "فخرها" لان الاتحاد الاوروبي ليس قوة عسكرية تشكل طرفا في النزاع. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يملك "أدوات كثيرة أخرى" غير العقوبات. ويفرض الاتحاد الاوروبي أساسا عقوبات على سوريا بما يشمل حظر اسلحة ونفط وقيود على اكثر من 200 شخصية و70 كيانا. وفي لوكسمبورغ، شكك وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير بإمكانية ان تساهم العقوبات في تحسين وضع المدنيين في حلب. وقال "لست الوحيد المشكك بالنسبة الى العقوبات"، مشددا على ان المحادثات "لا تزال أفضل وسيلة". وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت "سندرس كل الخيارات التي تسمح بالضغط بشكل أكبر بكثير على نظام بشار الأسد، إنما كذلك على حلفائه". على صعيد آخر، أجرى رئيس مكتب الامن الوطني السوري علي المملوك محادثات رسمية في القاهرة، وفق ما أوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) الاثنين، في أول زيارة معلنة لمسؤول سوري أمني بارز الى مصر منذ اندلاع النزاع قبل اكثر من خمس سنوات.