مما لاشك فيه أن اليوم الوطني مناسبة مهمة لاستلهام الدروس من تاريخ هذا الوطن ، ومعرفة المراحل التي مر بها ، وكيف أصبح اليوم ؟ .وما هو المطلوب منا للحفاظ عليه واستمرار مسيرته التنموية ؟ . لذلك لا يجب أن تكون علاقتنا باليوم الوطني مقتصرة على عبارات منمقة أو مقالات مسطرة أو شعارات مرفوعة أو مظاهر احتفالية تفتقد في مضمونها لإشاعة حب الوطن ، بل يجب أن تكون هذه المناسبة فرصة لإشاعة أفعال وسلوكيات مخلدة تسهم في بناء الوطن ، وتعمق ماهية الوطن وقيمته ، وتعزز الولاء والانتماء له ، والدفاع عنه من أعداء الداخل والخارج ، ووضع مصلحته فوق كل اعتبار ، والإخلاص والأمانة في العمل ، والحفاظ على ممتلكاته ومقدراته. ففي هذا اليوم لسنا بحاجة للتذكير بحقوق الوطن الواجبه تجاه أبناءه أكثر من حاجتنا الماسة لمعرفة قيمة الوطن ومكانته ، ودور أبناءه في الحفاظ عليه ، وتنميته ، واستمرار عطائه ، فقبل ستة وثمانين عاماً ، كان هذا الوطن أقاليم مشتته تغلب عليها الصراعات والنزاعات فقيض الله لها القائد المؤسس الملك عبد العزيز برؤية الدول القائمة على الكتاب والسنة دستورا ومنهاجا فأصبحت في مدة وجيزة تعتبر قصيرة بعمر الدول من دولة تفتقد كل مقومات الحياة ، وتواجه تهديدات سياسية ، ومخاطر أمنية ، وتحديات تنموية كبرى ، إلى دولة عصرية تحجز لها مكانة سياسية واقتصادية مرموقة بين الدول المتقدمة ، بفضل دور القيادة الحكيمة ، والإدارة الرشيدة التي سارت على خطى المؤسس في تحقيق التنمية الشاملة والمتكاملة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حتى تحولت هذه الدولة من صحراء قاحلة تغيب فيها كل مقومات الحياة إلى مدن عصرية تنعم بكافة المشاريع الخدمية .وجعلت هذه القيادة المواطن محل اهتمامها الأول لأنها تدرك أنه أساس أي تنمية وعمادها ، وثروة الوطن التي لا تقدر بثمن فكان الاستثمار في المجال البشري بتوفير الالاف من المداس التعليمية في المدن والقرى ، والعشرات من الجامعات التي تضم بين جوانبها مئات الالاف من الطلاب ، وبرامج الابتعاث إلى أفضل الدول تعليميا للاستفادة من العلوم المتقدمة ، ولأن الدول المتقدمة تبحث دائما عن مستقبل متجدد وأفضل للأجيال القادمة ، ولا تكتفي بما وصلت له من منجزات حضارية ، أطلقت هذه القيادة رؤية 2030 لمواصلة تحقيق النمو الاقتصادي القائم على استثمار الفرص ومجابهة المخاطر في ظل المتغيرات المتسارعة التي يمر بها العالم . في هذا اليوم يجب أن يفخر كل مواطن سعودي بأن تقود دولته تحالف عربي وإسلامي غير مسبوق لمواجهة الأعداء اللذين يريدون التربص بنا ، والانقضاض على مقدراتنا وطمس حضارتنا وإشاعة ثقافة الفوضى والإرهاب ، ويفخر المواطن بأبطال الوطن في الحد الجنوبي وما يسطرونه من ملاحم في الذود عن حمى الوطن في مواجهة فئة باغية طامعة تنفذ أجندة إقليمية هدفها النيل من الشعوب وتفتيت الأوطان ، وما يقوم به أبطال الأمن بالداخل في مواجهة مع أرباب الفكر المتطرف اللذين يسعون إلى نشر الفوضى ، وتعكير الأمن ، وقتل الآمنين. ونحن نفخر بكل هذه المنجزات في جميع المجالات التي وصلت لها بلادنا ، يجب أن نتذكر في اليوم الوطني حجم التهديدات والتحديات المحيطة بنا ، وأن ندرك الأخطار المحدقة بنا التي تمر بها المنطقة المحيطة وجعلتها في وضع مضطرب ، و نتذكر ماحولنا من الدول التي نال منها الأعداء فأصبحت مفككه تتنازعها الأفكار الطائفية ، وتعصف بها الحزبيات ، وتسيطر عليها المليشيات لندرك أهمية دورنا في الوقوف صفاً واحداً ضد كل من يريد النيل من هذه الدولة سواء بأفكاره المتطرفة أو تقسيماته الطائفية ، لذلك تتطلب طبيعة هذه المرحلة أن ننهض جميعنا بدورنا الديني والتربوي والإعلامي في حماية الوطن ، من خلال كشف مخططات الأعداء ، وبيان أهدافهم ، والتحذير من الفتن ودعاتها ، وتحصين شبابنا ضد الأفكار الدخيلة ،وأن نعمل على تعزيز الهوية السعودية والحفاظ على مكتسباتنا الوطنية في ظل هذه المتغيرات والتحديات . كما يجب أن نتذكر في هذا اليوم أهمية الدور التنموي والحضاري لكل مواطن تجاه وطنه ومجتمعه ، بالحفاظ على مقدرات الوطن وممتلكاته العامة، والعمل بكل إخلاص وتفان للرقي بالوطن في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية ، والمساهمة في خدمة الوطن في أي مجال يحتاجه ، وإشاعة ثقافة العمل التطوعي من خلال نشر ثقافة الأنظمة واحترامها ، والمشاركة في المؤسسات الاجتماعية ، ويجب أن يكون اليوم الوطني مناسبة لتذكير مؤسسات القطاع الخاص ، ورجال الأعمال بضرورة القيام بدورهم في رد جزء بسيط من جميل الوطن تجاههم ، وأن استمرار التنمية الشاملة مرهون بالمشاركة الحقيقية والفاعلة من القطاع الخاص ، من خلال توطين رؤوس الأموال ، وتدريب أبناء الوطن وتأهيلهم،وإيجاد فرص العمل لهم، وتعظيم مبدأ المسئولية المجتمعية من خلال دعم الأعمال الاجتماعية والخيرية. عميد كلية إدارة الاعمال بعفيف