استيقظ البريطانيون على كابوس مفزع عندما وجدوا أن أبناء وطنهم أيدوا انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبدت عليهم الصدمة والحزن ومظاهر الغضب بعدما خلد العاملون منهم بالمؤسسات المدنية في الاتحاد الأوروبي والمحامون وأعضاء جماعات الضغط في العاصمة الأوروبية إلى النوم بعد أن طمأنتهم استطلاعات الرأي التي أشارت إلى التصويت بالبقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء بريطانيا الذي أجري أمس الأول الخميس. وبينما كانت الأمطار تُغرق بروكسل فجر الجمعة مصحوبة بدويّ هزيم الرعد وجّه الناخبون البريطانيون صاعقة برق قوية للاتحاد الأوروبي دفعت المواطنين العاملين هناك للبكاء. وأجهشت امرأة بريطانية بالبكاء على أبواب إحدى المدارس الدولية، حيث أرسل الآباء من دول عديدة أطفالهم للمدارس في يوم بدأ هادئاً بشكل خاص بعد ليلة عاصفة شهدت إضراباً عاماً في بلجيكا أدى لتوقف وسائل النقل العام. وقال بريطاني آخر يعمل في بروكسل منذ 30 عاماً: «أشعر بالحزن الشديد، ووصف قرار انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالمأساة الكاملة، لا يمكننا أن نتوقع ما فعلناه بأطفالنا». وظائف وترقيات ويخشى كثيرون على وظائفهم، وإن لم يكن ذلك فإنهم يخشون على ترقياتهم في العمل، وللانضمام إلى المؤسسات المدنية في الاتحاد الأوروبي يتعين على العاملين بشكل عام أن يكونوا من مواطني الاتحاد الأوروبي، لذا بمجرد أن يفقد البريطانيون هذا الوضع فستكون مواقعهم عرضة للخطر وسيعتمد ذلك جزئياً على الترتيبات التي ستتفاوض بروكسل عليها مع لندن. وكتب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر رسالة للموظفين لطمأنة البريطانيين قائلاً إنه سيبذل كل ما في وسعه للتأكد من أنهم بإمكانهم الحفاظ على وظائفهم. وعند سؤاله عن شعوره إزاء نتيجة الاستفتاء قال وليام فلويد، المسؤول بالمفوضية الأوروبية: «بالطبع أشعر بخيبة الأمل.. هم بحاجة لنا، أعتقد أنني أقوم بعمل مفيد هنا وسوف أواصل القيام بذلك». الوجوم يكسو الوجوه بينما بكى البعض خيّم الوجوم على وجوه آخرين من البريطانيين في المفوضية الأوروبية حتى وإن لقي يونكر ترحيباً غير عادي من العاملين في غرفة الصحافة عندما قال للصحفيين إن ما حدث ليس بداية النهاية للاتحاد الأوروبي. وسعى قادة التكتل إلى التأكيد على إدارة التداعيات على الرغم من أنهم لم يتمكنوا من إخفاء شعورهم بالمفاجأة لاسيما بعد أن كانت استطلاعات الرأي تشير إلى الاتجاه نحو البقاء. وقال مسؤول شارك في الإعداد لتلك التأكيدات: «لدينا خطابان جاهزان. لكننا أمضينا كثيراً من الوقت على خطاب البقاء.. للأمانة كان خطاباً أفضل كثيراً». الجنسية البلجيكية ويتقدم بعض البريطانيين بطلبات للحصول على جوازات سفر بلجيكية كمقيمين لفترة طويلة أو الحصول على جنسيات من دول أزواجهم الأوروبيين، وقال رؤساء بلديات الأحياء والبلدات المحيطة ببروكسل لصحيفة «لوسوار» إن موظفيهم في البلديات تلقوا طلبات لا حصر لها اليوم الجمعة من البريطانيين للحصول على الجنسية. وقالت فلورنس رويتر، رئيسة بلدية ضاحية واترلو، إن 5 من نحو 450 بريطانياً يسكنون الحي تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية البلجيكية، وإن العشرات سألوا عن إجراءات هذه العملية. وقالت جويس هيل، وهي متقاعدة بريطانية عاشت في بروكسل على مدى عقود لرويترز إنها حصلت رسمياً على الجنسية البلجيكية أمس الخميس في نفس يوم الاستفتاء. وقالت إنها تشعر بالحزن الشديد لنتيجة الاستفتاء. وأضافت: «كان البريطانيون دائماً شبه منفصلين عن الاتحاد الأوروبي.. لم يكونوا داخل الاتحاد قط. وحقيقة أنهم اختاروا الخروج محزنة لكنها ليست مفاجأة كبيرة».وسيتم التفاوض على الوضع النهائي للبريطانيين العاملين في مؤسسات الاتحاد الأوروبي بين لندنوبروكسل.