يقوم رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون هذا الأسبوع بجولة حساسة تمر بباريس ولندن لتسويق فكرته حول ضرورة اجراء اصلاحات قبل الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، واستبق ذلك بلقاء مع خصمه السابق رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر. وقامت حكومة رئيس الوزراء المحافظ بخطوة في اتجاه الناخبين البريطانيين بتأكيدها ان الاستفتاء المقرر في موعد اقصاه اواخر 2017 لن يكون مفتوحًا لحوالى 1,5 مليون من رعايا الاتحاد الاوروبي المقيمين في الجزيرة البريطانية. وباستقباله أمس رئيس السلطة التنفيذية الاوروبية على مأدبة عشاء في مقر اقامته الريفي في تشيكرز، يدخل كاميرون في صلب الموضوع، في اطار غير رسمي، بعيدًا عن مقر الحكومة في شارع «10 داونينغ» بلندن. قبل حوالى السنة خرج كاميرون ضعيفًا معزولًا وخاسرًا من حملته ضد تعيين يونكر لرئاسة المفوضية الأوروبية، معتبرًا ان هذا المؤيد لمؤسسة الاتحاد الاوروبي لن يعمل على تبني الاصلاحات التي تطالب بها لندن. وسيقدم كاميرون الذي يؤيد بقاء بلاده في الاتحاد بعد تبني الاصلاحات، مطالبه الى خصمه السابق المعروف بسياسته العملية: فهو يريد اعادة بعض الصلاحيات الى بريطانيا باسم سيادة البرلمان البريطاني، وتشديد ظروف الحصول على المساعدات الاجتماعية لرعايا الاتحاد الاوروبي، ولاسيما من دول اوروبا الشرقية. ويشكل هذا التشدد الذي قد يبدو من الصعب الحصول عليه «مطلبًا أساسيًا» للزعيم المحافظ، فيما ارتفع من جديد عدد الواصلين الى الاراضي البريطانية في 2014. يفتتح العشاء مع يونكر أسبوعًا يهيمن عليه الملف الاوروبي وسيكون للاستفتاء حيزًا كبيرًا في «خطاب الملكة» التقليدي الاربعاء لتقديم البرنامج التشريعي للحكومة الجديدة. وسيكون الاستفتاء موضوعًا لمشروع قانون. والاستفتاء الوحيد حول مسألة البقاء في الاتحاد الاوروبي يعود الى 40 عاما، الى فترة كانت فيها الكتلة الاوروبية سوقًا مشتركة اكثر مما كانت هدفًا سياسيًا، وقد تعهد ديفيد كاميرون بتنظيم الاستفتاء الجديد قبل اواخر 2017 لكن يمكن ان يقدمه الى 2016. وستكون الهيئة الناخبة هي نفسها -عمليًا- للانتخابات التشريعية أي انها مؤلفة من مواطنين بريطانيين ومواطنين ايرلنديين ومن الكومنولث مقيمين في بريطانيا، وتفوق اعمارهم جميعًا 18 عامًا. وخلافًا لما يحصل في الانتخابات التشريعية، يستطيع اعضاء مجلس اللوردات ان يدلوا بأصواتهم. ولن يشارك رعايا الاتحاد الاوروبي الذين يسمح لهم بالتصويت في الانتخابات المحلية اذ يتخوف معارضو الانتماء للاتحاد الاوروبي ان يصوتوا بكثافة لمصلحة البقاء ويرجحوا بذلك كفة الميزان ضد الخروج من الاتحاد. وبعيد خطاب الملكة سيبدأ كاميرون حملته الديبلوماسية لدى الدول الاخرى الاعضاء في الاتحاد الاوروبي بدءًا بالحلفاء المحتملين لدعم مطالبه الاصلاحية وكذلك البلدان الكبيرة في الاتحاد الاوروبي. مساء غد الاربعاء سيتوجه كاميرون الى الدنمارك حيث سيشارك الخميس في افطار عمل مع رئيسة الحكومة الدنماركية هيلي ثورنينغ-شميت. وفي اليوم نفسه، سيتوجه كاميرون الى هولندا حيث سيلتقي رئيس الوزراء مارك روت وإلى فرنسا حيث سيتناول العشاء في الاليزيه مع الرئيس فرنسوا هولاند. وتستمر جولته الديبلوماسية يوم الجمعة، وتتضمن لقاء مع رئيسة الوزراء البولندية ايفا كوباتش في وارسو ولقاء آخر مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في برلين. وينوي كاميرون لقاء جميع شركائه السبعة والعشرين الاوروبيين قبل قمة رؤساء الدول والحكومات في 25 و26 حزيران/ يونيو في بروكسل. وقال مصدر قريب من رئيس الوزراء البريطاني: «إنها الفرصة المتاحة لرئيس الوزراء ليقول لماذا يفعل ذلك، وللتعبير عن رأي المملكة المتحدة في الاتحاد الاوروبي وتقديم الحجج لاعادة التفاوض وتغيير الوضع الراهن».