أثارت الرواتب المرتفعة لبعض كبار المسؤولين، والتي تزيد أحيانا بمائة مرة عن الأجر الأساسي، الغضب في إيران وتهدد بإضعاف حكومة الرئيس حسن روحاني قبل سنة من الانتخابات الرئاسية. وقال رئيس مجلس الشورى المحافظ علي لاريجاني الثلاثاء 14 يونيو 2016 أمام النواب: "هذه الأجور المبالغ بها أثارت القلق في المجتمع" ردا على نائب أعرب عن غضبه من "رواتب تصل الى ملياري ريال"- ما يعادل 58 ألف دولار – في الشهر في وزارة الصحة، في حين أن الراتب الأساسي في الوظائف الحكومية يبلغ حوالي 400 دولار. وتابع لاريجاني إن "ديوان المحاسبة سينشر تقريراً الأسبوع المقبل" حول هذه المسألة التي باتت محرجة، حتى أن الرئيس حسن روحاني أمر الأحد بفتح تحقيق وبإقصاء بعض المسؤولين وإعادة الأجور والعلاوات المدفوعة لهم. من جهته قدم المتحدث باسم الحكومة محمد باقر نوباخت "الاعتذار" للشعب الايراني مبينا أن المسؤولين الذين تلقوا مثل هذه الأجور "سيقالون من وظائفهم بالطبع"، موضحاً أن المسؤولين عن إدارة الشركات الحكومية لن يكون بوسعهم بعد الآن أن يقرروا وحدهم منح أنفسهم علاوات ومكافآت مبالغاً بها. وبيّن المتحدث أن "99% من الموظفين يتقاضون أجوراً اعتيادية"، مضيفاً أن الفرق بين المستوى الأدنى للأجور والمستوى الأعلى يجب ألا يتعدى العشرة أضعاف. من جانبه، كتب موقع تلفزيون "إرب" الحكومي، أن نشر بيانات أجور مسؤولي التأمين المركزي الذي يشرف على كافة شركات التأمين، والتي بينت وجود رواتب من 700 مليون الى 800 مليون ريال (20 ألف إلى 23 ألف دولار شهرياً) "يثير الاستهجان والغضب بين الناس العاديين ووسائل الاعلام". وبرزت برزت هذه المسألة المثيرة للجدل، في حيث لا يزال الاقتصاد الايراني يعاني من تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية رغم التوصل الى اتفاق حول برنامج أيران النووي في يوليو/ تموز 2015، وبدء سريان الرفع الجزئي للعقوبات في يناير/ كانون الثاني. ولا يزال النمو أقل من 1% والبطالة 11% وقبل أسبوع نشرت وزارتا الاقتصاد والداخلية تقارير كشفت عن وضع اقتصادي واجتماعي قاتم. وفي حين تأخر وصول المستثمرين الاجانب إلى إيران، قدّر الرئيس روحاني حاجة البلاد بما بين 30 إلى 50 مليار دولار (28 إلى 45 مليار يورو) من الرساميل الاجنبية لكي تتمكن من تحقيق نمو بنسبة 8%. وقال وزير الاقتصاد علي طيب نيا: "نأمل بتحقيق نمو من 5% هذه السنة" لكن وسائل الاعلام تنشر يومياً أخباراً عن الفصل من العمل وإغلاق مصانع أو حتى عمال لم يتلقوا أجرهم منذ أشهر. واقر المتحدث باسم الحكومة بوجود "7500 وحدة انتاج متوقفة تعمل الحكومة على إعادة تشغيلها". وتستغل أوساط المحافظين الوضع لتوجيه انتقادات لاذعة للسياسة الاقتصادية لروحاني، وكذلك لغياب النتائج المرتقبة بعد الاتفاق النووي متهمة الحكومة بأنها قدمت الكثير من التنازلات دون الحصول على ضمانات بالرفع الفعلي للعقوبات. وأدان المسؤول المحافظ والنائب السابق لرئيس مجلس الشورى محمد رضا باهنر ما وصل إليه الوضع، مطالباً الحكومة باستهزاء بأن "تهدي الناس على طريق الخلاص من الكساد". لكن الانتقادات تشتد كذلك في صفوف الإصلاحيين والمعتدلين المؤيدين للحكومة، إذ طلب عدد من المسؤولين والصحف الإصلاحية من الرئيس إصلاح حكومته على وجه السرعة قبل سنة من الانتخابات الرئاسية، مع توقع ترشحه لولاية ثانية وأخيرة من أربع سنوات.