عندما تَسمعُ كلمةَ «موت»، ما أول شيء يخطر ببالك؟! سواد عظيم مليء بالكآبة والتعاسة، أليس كذلك؟! مَن زرَع فيك هذا المفهوم البئيس يا تُرى؟! في الحقيقة، لم يُكن الموت كذلك أبدًا.. إنك لم تفهمهُ كما يجب، لذلك تهتَ في الحياة أكثر مما ينبغي. جرِّب أن تركلَ الموتَ وراءَ ظهركَ لتتعلّم كيف تضيع، جرّب أن تضعه أمامكَ لتفهمَ سرَّ الطريق. وكما يُقال: الشخص الذي ليسَ لديه أدنى فكرة عن الموت، ليس لديه أدنى فكرة عن الحياة.! متى يكون المرء أكثر إنسانيّة وفهمًا لواقعه؟ في سكراتِ موته، هكذا ببساطة. كلما اقتربتَ من الموت، كلما اقتربتَ من الحياة. بمجرّد ما تؤمن بذلك، تترتّب الأشياءُ في حياتِكَ كما لو أنكَ لم تلحظ وجودها مِن قَبل.! تترتبُ الأولوياتُ والرغباتُ وما تريد أن تكونَ فعلاً. شعوركَ وإيمانكَ بهذا سيعزّز الهمّةَ بداخلك، سيمنحكَ القوةَ لمواجهة تحدياتكَ دونَ خوفٍ أو وجلْ. المتأمّل في سِير العظماء الذين درجوا، سيلحظُ شيئًا مهمًّا اشتركوا فيه جميعًا، ألا وهو: الموتُ قبلَ الموت. الموتُ في تحقيق أهدافهم وأحلامهم؛ لذلك سيرى أنهم برعوا في تحقيقها وبرزوا. كان السرُّ أنه لا شيء يخسرونه طالما امتدت الأيدي إلى الموت بمودّة وسلام. لا شيء يخسرونه أبدًا؛ لأنهم تحرّروا مِن كلِّ القيود التي تعيقهم وتعرقلُ سَيرَهم. قيد الناس، قيد اليأس، قيد الإحباط، قيد الفشل، قيد الخوف، قيد التردد.. يا الله ما أكثر القيود التي لو عقَدنا صُلحًا مع الموت لربما كَسرها جميعًا، بَعدَ إرادة الله سبحانه.! عندما كنّا صغارًا كانوا يعلّموننا بأن الموتَ شيءٌ مخيف، جعلوهُ أداةً لتخويفنا، حتى أصبحنا نخافه أكثرَ مِن «البعبع» الذي لا نَعرفُ ما شكله، ولكننا نخافه رغم ذلك.! لم يعلّمونا بأن للموتِ وجهًا آخَر، وجهًا يفيضُ بالحياة.! إنَّ الموتَ ينتظرُك في طريقِ حُلمك، لا تتجاوزه أو تتجاهله، ضع يدكَ بيدِه وسِر في طريقِك بآمان، سيُريك أشياءَ مختلفة، كنتَ قبل ذلك تراها أشياء عاديّة، سيعلّمك كيف تصنع حياةً مُختلفة ومميزة. فقط ضع يدكَ بيده. هنالك فلسفة فارسيّة تقول: لكي يعيشَ الحريرُ لا بُدَّ أن تموتَ دودةُ القَزّ.!