قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن المملكة العربية السعودية سحبت عشرات المليارات من أصولها الخارجية في الوقت الذي تسعى فيه لتخفيض العجز المتزايد وتقليص انكشافها على أسواق المال العالمية المتقلبة في غمرة التراجع الدائم لأسعار النفط. وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتياطيات الخارجية لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في تراجع منذ أن بدأت أسعار النفط انخفاضها العام الماضي في حين تمضي المملكة في برامجها المتعلقة بالانفاق لضمان استمرارية النمو الاقتصادي . وقامت «ساما» بالتوجه نحو البنوك المحلية لتمويل برنامج لإصدار السندات لمواجهة التراجع السريع في الاحتياطيات. ونسبت الفاينانشال تايمز إلى مصادر مطلعة على هذا الموضوع قولها إن العديد من مديري الأموال الذين يتولون إدارة الاحتياطيات الخارجية للمملكة تضرروا خلال الشهر الجاري جراء موجة من عمليات الاسترداد والتي جاءت على رأس قائمة من عمليات السحب الاولية خلال 2015. وقال احد مديري الصناديق «لقد كان ذلك بمنزلة يوم الاثنين الأسود بالنسبة لنا» في إشارة إلى الأصول الضخمة التي سحبتها السعودية الأسبوع الماضي. وقالت الصحيفة إن المؤسسات المالية التي جنت ثمار الازدهار لسنوات طويلة بفضل ارتفاع وتراكم الأصول المدارة لحساب دول الخليج الغنية بالنفط بدأت الآن تشعر بثقل وطأة تراجع هذه الأصول بعد انهيار أسعار النفط العام الماضي. وفي هذا السياق قال الرئيس التنفيذي لخدمات الأسواق المالية في شركة انسايت ديسكفري نيجيل سيليتوي: «إن مديري الصناديق يقدرون أن ساما سحبت ما يتراوح بين 50 مليارا و70 مليارا من الدولارات خلال الأشهر الستة الماضية، والسؤال الكبير المطروح بشدة هو متى ستعود هذه الأموال، وذلك نظرا لأن هؤلاء كانوا في السنوات الأخيرة يعتمدون بشكل تام وبقوة على الودائع السعودية». ومنذ الربع الثالث من عام 2014 تراجعت الاوراق المالية الاجنبية التي تملكها ساما في الخارج بواقع 71 مليار دولار ومثلت بذلك معظم التخفيض الذي طال اجمالي الأصول السعودية فيما وراء البحار والذي قالت الصحيفة انه بلغ 72.8 مليار دولار. وعلى الصعيد ذاته، يقدر مديري آخرون في إدارة الأموال أن حجم السحب السعودي من مديري الأموال الحاليين تجاوز 70 مليار دولار في وقت استخدم جانبا من هذه الأموال في تمويل العجز، ويقول هؤلاء المديرين ان ساما تسعى إلى اعادة استثمار جانب من هذه السيولة في منتجات استثمارية اقل من حيث المخاطر واكثر امكانية للتسييل. وقال مدير آخر «ان السعوديين غير مرتاحين لانكشافهم على الأسواق المالية الاجنبية». علاقات وثيقة من ناحية اخرى، قالت الصحيفة إن مديري الصناديق الذين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع صناديق الثروات السيادية الخليجية مثل شركة بلاك روك وفرانكلين تمبلتون وليغال اند جنرال تلقوا اشعارات برغبة السعوديين باسترداد أموال وفقا لمصادر مطلعة، والتي أشارت إلى أن بعض مديري الصناديق رأوا مليارات عديدة من الدولارات تسحب من بين ايديهم لتصل في مجموعها إلى ثلث أو ربع الاحتياطيات السعودية المدارة من قبل الصناديق. وأشارت المصادر إلى أن مؤسسات لإدارة الأموال مثل ستيت ستريت ونورثرن تراست وبنك نيويورك ميلون كانت تدير أصولا ضخمة ومن المرجح أن تكون هي الأخرى قد تضررت بشدة من قيام الحكومات الخليجية بالسحب من ارصدتها لتغطية احتياجاتها، وقال احد هؤلاء المديرين «لسنا مندهشين بدرجة كبيرة فقد كانت ساما على سبيل المثال على درجة عالية من المخاطر منذ بعض الوقت وقد اعددنا انفسنا لمثل هذا الوضع». وكانت ساما قد بنت لسنوات طويلة علاقات مع سلسلة من المؤسسات التي تدير احتياطياتها مثل ابردين اسيت مانجمنت وفيداليتي وانفسكو وبنك غولدمان ساكس. رابط الخبر بصحيفة الوئام: المملكة تسحب 70 مليار دولار من استثماراتها في الصناديق العالمية