تطصدم المفاوضات للتوصل الى اتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني قبل شهر من الموعد المحدد لانهائها بالمسالة الحساسة المتعلقة بدخول المواقع العسكرية في ايران. فايران ترفض من جهتها فتح ابواب مواقعها العسكرية امام مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤكدة انه لن يخزن فيها اي مواد نووية. في المقابل تطالب القوى العظمى باجراء عمليات التفتيش هذه بسبب معلومات تنفيها ايران باستمرار، مفادها ان ابحاثا عسكرية ايرانية جرت في الماضي بغية اقتناء القنبلة الذرية. وفي هذا الصدد اعتبر المحلل الاميركي مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان "القوى الغربية لا يمكنها ان تقبل باتفاق يمنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المواقع العسكرية". وقال في حديث مع وكالة فرانس برس "سياسيا سيتعذر تبرير هذا الامر". وقد وعد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي الاسبوع الماضي ب"عدم السماح باي تفتيش للمواقع العسكرية من قبل اجانب". لكن نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي خفف من وطأة هذا التصريح. وقال ان البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، الوثيقة التي تعهدت ايران بتطبيقها في حال التوصل الى اتفاق نهائي، "ينص على (امكان) دخول المواقع غير النووية التي يمكن ان تكون مواقع عسكرية". وقد ابرمت طهران والقوى العظمى في مجموعة خمسة زائد واحد (الولاياتالمتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) اتفاق اطار مرحليا في الثاني من نيسان/ابريل في لوزان. وبات امام الاطراف المتفاوضة الان مهلة حتى 30 حزيران/يونيو لتوقيع اتفاق شامل ونهائي يضمن الطبيعة السلمية البحتة لانشطة ايران النووية مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الاسلامية. وعندما توجهت اليه وكالة فرانس برس بالسؤال هذا الاسبوع اشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو الى البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي لتبرير عمليات تفتيش المواقع العسكرية. في مجمل الاحوال يبدو ان هذه المسالة بالتحديد يمكن ان تعرقل الاتفاق التاريخي المنشود في اواخر حزيران/يونيو بعد اكثر من عقد من التوترات. لكن الاتفاق لا يمكن ان توافق عليه فرنسا الا في حال كان "واضحا بانه يمكن القيام بعمليات تتفتيش لكافة المنشآت الايرانية بما فيها المواقع العسكرية" على ما اكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاربعاء. ورد نظيره الايراني محمد جواد ظريف بالقول "ادعو شركائي في المفاوضات الى الاحجام عن تقديم مطالب مبالغ فيها". ويلتقي ظريف ووزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم السبت في جنيف. وصرح مصدر غربي مساء الخميس طالبا عدم كشف هويته "ان كيري سيشدد امام ظريف على اهمية دخول (المواقع واجراء) عمليات التفتيش". ومن شأن الاتفاق النهائي ان يمنع عمليا ايران من امتلاك السلاح النووي. واذا كانت الدول الكبرى تصر على تفتيش المواقع العسكرية للجمهورية الاسلامية فذلك لكي تكون قادرة في المقام الاول على رصد اي مخالفات محتملة في المستقبل. وذلك ايضا بسبب معلومات محددة وصلت الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2011 ومفادها ان ايران قد تكون اجرت ابحاثا حتى 2003 وربما بعد ذلك التاريخ لامتلاك القنبلة الذرية — وهذا ما سماه الدبلوماسيون "البعد العسكري الممكن" للبرنامج النووي الايراني. ويتطلب التحقيق بشأن البعد العسكري المحتمل اخذ عينات من بعض المواقع التي يعتبر جزء منها عسكريا، واستجواب علماء ايرانيين بخصوص ابحاثهم. وموقع بارشين بضاحية طهران هو بالذات الموقع الذي ترغب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العودة اليه اكثر من غيره بعد زيارتين سابقتين في 2005. فبحسب الوكالة التابعة للامم المتحدة، ثمة مؤشرات تبعث على الاعتقاد بامكانية القيام بعملية "تنظيف" فيه. الى ذلك يبدو الملف في نهاية المطاف سياسيا اكثر مما هو تقني. فبرأي مارك فيتزباتريك السبب الرئيس لاصرار ايران على موقفها الرافض لعمليات تفتيش مواقعها العسكرية يعود الى معارضة "المتشددين" في النظام الايراني للاتفاق بوجه عام. رابط الخبر بصحيفة الوئام: المفاوضات النووية الايرانية تصطدم بمسألة دخول المواقع العسكرية