أعتقد -وأتمنى أن أكون مخطئًا- أنني لو طرحت هذا السؤال على عينة من الآباء السعوديين فإن نسب الإجابة بنعم ستكون متدنية جدًّ،ا وقد لا يكون هذا غريبًا فمسألة الحوار في ما بيننا يشوبها شيء من الضبابية والحساسية أحيانًا، وما لم تكن الأسرة هي المرتكز الأساسي واللبنة الأولى لهذا الحوار فإن من الطبيعي أن يصبح المجتمع رافضًا لمبدأ الحوار والتحاور، سواءً كان هذا الحوار بين أفراده أو كان حوارًا مع الآخر. إن المتأمل في واقعنا المعاش سيجد أن اجتماع الأب مع أبنائه ومحاورتهم والاستماع إلى هموهم ومشاكلهم أصبح شبه معدوم، إن لم يكن معدومًا بالكلية، إما بسبب انشغال الأب بواجباته الوظيفية أو بسبب انصراف الجميع إلى السيوشل ميديا والإدمان عليها، مما جعل الأسرة بكاملها مرتهنة لأجهزتها الكفية، وما تحتويه من تطبيقات وبرمجيات متعددة ومتنوعة. ولا يشك أحد أن من أهم أخطار هذه الأجهزة والإدمان عليها هو سحب الخيار من يد الأسرة، ومن الأب على وجه الخصوص، وتقلُّص دور القدوة فأصبحت هذه الأجهزة هي الموجه للأبناء، وهي القدوة في كثير من الأحيان، بل إن تأثيرها قد تجاوز العديد من تابوهات المجتمع وأوقعت الكثير من أبنائنا في كثير من المشاكل والانحرافات العقدية والسلوكية. قبل عقد من الزمان كان الكثير من مثقفي المجتمع ينادون بضرورة التنبه إلى تأثير بعض مضامين أفلام الرسوم المتحركة على أطفالنا، وكان بالإمكان حينذاك إيقاف تلك الرسوم والسيطرة عليها، أما اليوم فقد انفرط العقد وأصبحت مسألة تأثير الرسوم المتحركة على أطفالنا شيئًا من أطلال الماضي، بعد أن أصبح باستطاعة الطفل أن يجوب العالم بلمسة واحدة من إصبعه وهو مسترخٍ إلى جوار أمه. وبكل تأكيد فإنه لا أحد ينكر أن وجود الأب في حياة أسرته ومحاورة أبنائه ومناقشتهم والاستماع إلى آرائهم ومشاكلهم يعد واجبًا شرعيًّا وضرورة حتمية لا يمكن لأي أبٍ أن يتخلى عنها، أو أن يؤجلها إلى وقت آخر فالزمن يمضي والعدو شرس ومخادع. همسة: أيها الآباء أبناؤكم أمانة فادركوها قبل أن تضيع رابط الخبر بصحيفة الوئام: هل حاورت ابنك مؤخرًا..؟