الدمام، جدة – سحر أبوشاهين، أحلام الجهني المطيري: تغيرات سلوكية تطرأ على المتحرش به المحظي: الأفلام غير الأخلاقية الأخطر تأثيراً على الأطفال اليونسكو:ازدياد المعدل العالمي لمشاهدة الطفل للتلفزيون من ثلاث ساعات وعشرين دقيقة يوميا إلى خمس ساعات وخمسين دقيقة تفشت ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال وأصبحت مشكلة تؤرق منام المجتمع بأكمله لتأثيرها في جيل يُنتظر أن يطل على المستقبل دون تشوهات تعرض لها في طفولته قد تؤثر على سلوكه، وتولد لديه رغبة الانتقام من العالم المحيط به، خصوصا في ظل صعوبة مواجهة الطفل المتحرش به، لأهله ومحاولة تجاهله وإنكاره لواقعة التحرش على الرغم من ظهور سلوكيات تطرأ عليه. و أكد المختصون أن الانتشار الواسع للفضائيات و فضاء الإنترنت المفتوح الذي يحوي مشاهد الجنس و العنف وعدم خلوها حتى الموجهة منها للأطفال من تلك المشاهد و الإيحاءات، كان له بالغ التأثير في استفحال هذه الظاهرة، حيث تفيد منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) أن الطفل يقضي أمام شاشة التلفاز 22 ألف ساعة مقابل 14 ألف ساعة يقضيها في المدرسة خلال المرحلة نفسها مشيرة إلى أنه مع بدء القرن ال21 زاد المعدل العالمي لمشاهدة الطفل للتلفزيون من ثلاث ساعات وعشرين دقيقة يوميا إلى خمس ساعات وخمسين دقيقة . تحرش وانتقام تقول إحدى الأمهات « تعرض ابني للتحرش من قبل مراهق قبل ثلاث سنوات وبعد فترة أصبح يتحرش بأطفال العائلة، وعندما لاحظت ذلك واجهته وأخفته بالعقاب إن تكرر ذلك، وهدأ فترة طويلة حتى أنني قمت بمدحه ووعدته بالهدايا ولكن بعد مدة عاد مرة للتحرش برفاقه وترددت في إبلاغ والده حتى لا يوبخه ويضربه ويرسخ التحرش في ذهنه أكثر. «وأضافت سيده أخرى:» لاحظت تصرفات غريبة على ابني البالغ من العمر ثماني سنين حيث كان يفضل الجلوس بمفرده بعيداً عن بقية إخوانه، وتطور الوضع إلى أن أصبح يتحرش بإخوانه الأصغر منه علماً أنه تعرض للتحرش قبل أربع سنوات.» انتهاك للطفولة وأشار أبو خالد إلى أنه قديماً كان يخشى على الفتيات الصغيرات عند خروجهن و حالياً أصبحت الخشية على الولد من هول ما يسمع به من انتهاك للطفولة وخروج عن الفطرة البشرية في ظل استغلال ما وصفهم ب «الذين لا يمتون للإنسانية بصلة». وتقول أم أحمد» لا أملك الجرأة لمناقشة أبنائي لحمايتهم من تحرشات قد تقع بهم من أشخاص قريبين خشيةً مني في التأثير على نفسياتهم بالرغم من أني أدرك خطورة العصر الذي نعيشه لذلك دائما ما أكون حريصة على عدم اختلاطهم سواء بأقارب أو أجانب .»وتضيف أم سلطان:» تحرش أحد سكان العمارة التي نسكنها بابني و لاحظت عدم رغبته في الخروج كالعادة وخوفه كلما طرق أحد الباب و لم يخطر ببالي أبداً أنه قد تعرض لتحرش ولكنه صارح أحد إخوانه بأنه يخاف الخروج حتى لا يصادف المتحرش به وعندها أخبرني أخوه فاستطعت أن أتدارك الموقف.» أفلام جنسية وذعرت( ه، ف) حين فتحت باب غرفة ابنها البالغ من العمر تسعة أعوام، ووجدته في وضع مشين مع زميله في المدرسة، و استدعت والده، الذي ضربهما بعنف، حتى كاد أن يقتلهما، و بعد التحري عن الأمر، اتضح لها إدمان ابنها و زميله تحميل ومشاهدة أفلام جنسية للمثليين، لتقوم بعد ذلك بنقله لمدرسة أخرى، و تسجيله في ناد رياضي بعد الدوام المدرسي. المسلسلات الكرتونية وتقول المدرسة علياء أمين « أسمح لابني بمشاهدة المسلسلات الكرتونية دون قيود، لظني ألا ضرر منها، حتى رأيت مشهدا يعرض على قناة عربية للأطفال يقوم فيه بطل القصة (الطفل) بمشهد مخل، وما أن يفعل ذلك حتى يكافئه الناس بدفع النقود، « مضيفة «أن الضرر لا ينحصر في المشاهدة الصريحة والمباشرة، في المواقع والقنوات الممنوعة، أو مدفوعة الثمن، بل في الجرعة المفرطة من مشاهد العنف والجنس في القنوات الفضائية العادية.» الذهاب للبقالة ويحذر ( أحمد، خ) الأهالي من السماح لأبنائهم بالذهاب للبقالة بمفردهم، مستشهدا بحالة ابنه ذي الخمسة أعوام الذي اعتاد على الذهاب للبقالة عصر كل يوم، و في أحد الأيام أتاني أحد الجيران ليحذرني من أن بائع البقالة من جنسية أجنبية، يتحرش بابني و يريه مشاهد غير أخلاقية على جواله، مبيناً أنه قام بعمل كمين له بالاتفاق مع الشرطة، وانتظر الموعد الذي يذهب فيه ابنه للبقالة عادة، فيما جلس مراقبا مع الشرطة، و حالما بدأ محاولة التحرش، حتى تم القبض عليه. عوامل متشابكة وأكد المعالج بالطاقة والمستشار النفسي جزاء المطيري أن التحرش الجنسي بالأطفال مشكلة كبرى تواجه العالم، وقد استفحلت بشكل ملحوظ، وأوضح أن التحرش الجنسي يقصد به كل إثارة جنسية يتعرض لها الطفل من آخرين سواء بالفعل أو القول، أو تعريضه لمشاهد جنسية ( صور أو أفلام)، و قال المطيري:» العوامل التي تؤدى لانتشار الظاهرة متشابكة بدرجة كبيرة على الرغم من أن لكل حالة فرديتها، إلا أن هناك عوامل شبه عامة تؤدي لظهور هذه الكارثة منها: الطفح الجنسي في الإعلام بكافة صوره، وغياب الرقابة من قبل الوالدين، الثقة الزائدة في بعض المقربين للطفل وتركهم بمعزل عن المراقبة، خوف الأسرة من الفضيحة في معاقبة الجاني مما يؤدى لتكراره لجريمته، عدم تثقيف الأطفال حول أجسامهم ومن وكيف ومتى يتعامل الآخرون معه، خوف الطفل من الإبلاغ، مشيرا إلى أن التحرش بالأطفال لا يخضع لجنسية و لا لمرحلة عمرية ، فالطفل منذ سنوات عمره الأولي ممكن أن يتعرض للتحرش الجنسي، وأيضاً في كل الجنسيات يخضع لذلك، وتختلف النسبة بحسب وعي المجتمع، وتطبيق أحكام مغلظة على الجاني، كما أنه لا يخضع لنوع المجني عليه، بمعنى أن الأطفال من الإناث والذكور يتعرضون له على حدٍ سواء. صدمة التحرش وأشار المطيري إلى أن هناك تغيرات كثيرة تطرأ على شخصية الطفل الذي يتعرض لصدمة التحرش الجنسي يمكن للوالدين أن يلاحظاها ومنها أن يفقد الطفل حيويته ويميل إلى العزلة والخوف والانطواء ويعاني من القلق، واضطرابات النوم وكثرة البكاء بلا سبب كما يفقد الطفل الثقة في الآخرين و يكرههم ولا يرغب في العلاقات الاجتماعية وفي بعض الأحيان يترك المتحرش علامات في جسد الطفل نتيجة لاستخدامه العنف و منهم من يصاب باضطرابات نفسية مختلفة أو الكآبة أو الوسواس القهري، إضافة إلى أن الطفل ممكن أن يخبر عن عملية التحرش من خلال عملية الرسم في الورق و كراسة الرسم. حماية الطفل وقال المطيري عن كيفية حماية الطفل من التحرش الجنسي «لابد من توعية الطفل أن يروى للوالدين كافة الأمور الغريبة التي قد تواجهه ويتعرض لها وهو بعيد عن أسرته، وكذلك ملاحظة الطفل عن بعد بشكل مستمر، مع عدم السماح لأي من الأفراد الغرباء عن البيت الانفراد به، و لابد من مراقبة سلوك أي من المقيمين في المنزل وطرق تعاملهم مع الأطفال مثل الخدم أو الأقارب، وكذلك تخصيص الوالدين لكل طفل أوقات خاصة بشكل يومي، من أجل التحدث معه حول آماله، ومنحه الشعور بالأمان، وتشجيعه على ممارسة مجموعة من الأنشطة والرياضة حتى يتطور، ولابد من منع الأطفال من الذهاب لأماكن مهجورة ونائية وحدهم دون أهاليهم، والتفريق بين الأطفال عند النوم وفى حجرات مستقلة، وكذلك الاهتمام بتعليم الأطفال مبادئ وأخلاقيات ديننا، و مراقبة المواقع الإلكترونية التي يتابعها الطفل، والتأكد من عدم خطورتها عليه. تواصل قوي وتضيف رئيسة علم النفس بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة نسرين يعقوب، قائلة :» إذا وجد الحوار والعلاقة الوطيدة بين الأم وطفلها والتواصل القوي فإنها تحمي طفلها من أي تحرشات وعلى العكس تماماً إذا فقد الحوار بين الأم وأطفالها واعتمدت علاقتها بهم على السلطة والتوبيخ والتوجيه العنيف كل هذا يقوي احتمالات أن يتمنع الطفل عن مصارحة والدته بما يواجهه أو يعبر عنه حتى عند خوفه. ووصفت المشكلة بأنها «تتركز في حرج الأمهات من فتح موضوع كهذا أمام طفلها لاعتقادها الخاطئ أنها تفتح عينه أو عقله لأمور غفل عنها وبهذا لا تدرك بأنها تجعل طفلها أكثر عرضة للتحرش وتخدع نفسها بمقولة الأمهات المعتادة ( لا داعي أن أنبه طفلي بنفسي ) والحقيقة أن الأفضل أن تأتي المعلومة منها بدل من أي شخص آخر، لذلك لابد أن تتخلص الأم من فكرة أن هذا الموضوع محرج ولا يمكن أن أناقش أبنائي فيه، ويجب على الأم إذا بلغ طفلها ثلاث سنوات أن تبدأ بتوعيته.». تقويم سلوك وذكر مدير دار التوجيه الاجتماعي بالدمام عبد اللطيف النعيم أن إحدى الأمهات كان زوجها مسجونا و طلبت ضم ابنها للدار، بعد أن لاحظت أنه بدأ يتحرش بأخواته، و بها أيضا، لتعرف لاحقا أنه يتبادل وزميله الصور الفاضحة، يقول النعيم» ساعد ضمه للدار على إخراجه من بيئته السابقة و تقويم سلوكه و ابتعاده عن رفاق السوء، و ضمه لحلقة القران و إشغال وقته بالبرامج الرياضية و الاجتماعية» منوها إلى أن افتقاد الرقابة الأسرية يمثل العامل الأول في انحراف الأبناء الذي يزداد مع انفصال الوالدين بطلاق أو هجرة أو سجن أحدهما، مضيفا أن الوقاية خير من العلاج و تقويم السلوك المنحرف في بدايته أسهل و أكثر تأثيرا، مشيرا إلى ضرورة البعد عن أسلوب الضرب والشتم، والإهانة التي تزيد الهوة بين الأهل وابنهم واستبدالها بالإقناع. إهمال الرقابة وحذرت اختصاصية الطب النفسي بمستشفى الأمل للصحة النفسية الدكتورة بسمة هاشم من إهمال الرقابة على وسائل الاتصال و شددت على الإنترنت والذي تصف السيطرة عليه بالصعبة في ظل تنوع الأجهزة التي يعمل عليها، منوهة إلى أن الطفل يبدأ بتطبيق مشاهداته مع محيطه سلبا أو إيجابا، وتقليد مشاهد العنف أو الجنس التي يتلقاها وأضافت» على الأهل شرح ما يشاهده أولادهم أطفالا أو مراهقين، وعدم الاكتفاء بكلمة عيب أو حرام، بل توضيح أن هذه الأمور تحدث بين البالغين بعد الزواج، و يجب الابتعاد عنها، والإيضاح للطفل أن منطقة الأعضاء التناسلية خاصة ولا يجب أن يلمسها أو يكشفها أمام أحد، مضيفة ضرورة تقنين استخدام الأجهزة المحمولة ومشاهدة التلفاز بأوقات محددة، وتنمية مهارات الطفل ومواهبه، والتي تقضي عليها ساعات مشاهدة التلفاز الطويلة.» قوة التأثير د.جبران المحظي وأوضح الاختصاصي النفسي الدكتور جبران المحظي قائلاً « إن قوة التأثير التربوي للتلفزيون تأتي من عدة مداخل أهمها أن الطفل غير قادر على التمييز، و يشكل التعلم بالقدوة المتوفرة في الأفلام أو الرسوم المتحركة إحدى طرق التعلم لديه». ومضيفا «توفر الألعاب التعلم المرتبط بالتعزيز المعتمد على المراحل فكلما اجتاز مرحلة حقق جوائز ومكافآت، وكلما قتل أو دمر نجح وكسب المكافأة، كما أن الإعلام يوفر وسائل التشويق والترفيه مما يجعله يمتلك أقوي أدوات التأثير مقارنة بغيره من المؤسسات التعليمية الأخرى». النمو الجنسي وأشار المحظي إلى الدراسات التي أثبتت أن الطفل المشاهد للتلفاز دون رقابة أو انتقائية يصبح أقل تعاطفاً أو إحساسا بآلام الآخرين ومعاناتهم وأكثر رهبة وخشية للمجتمع المحيط به وأشد ميلا إلى ممارسة السلوك العدواني، وهو ما يفقده مهارات التواصل الاجتماعي. وأضاف «إن اختلاف مراحل النمو الجنسي الانفعالي للطفل، ففي السنوات الأولى يتحسس الأعضاء التناسلية و تلفته الفروق بين الجنسين، فلا يوجد سلوك جنسي مباشر يعبر عن رغبة، بل مجرد فضول، ومن سن السادسة إلى الثانية عشرة مرحلة كمون جنسي، حيث يجب توفير الحماية للأطفال من التعرض لبعض المشاهد المثيرة و تقليد سلوك معين ليس من باب اللذة في البداية ولكن هذا التقليد يجره لاستحسان ما يقوم به أو التعود عليه، و تأثير الأفلام غير الأخلاقية في سنوات الطفولة المتأخرة أخطر.» طفل يشاهد التليفزيون