أكد عبد العزيز بن فوزان بن صالح الفوزان، أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان السعودي، أن الدولة في الإسلام ملزمة بألا تترك فقيرا عاجزا عن توفير ما يكفيه لنفسه وعائلته، وأن لها أن تجبر الأغنياء على المساهمة بذلك في حال تقاعسهم عن التحرك، محذرا من ترابط الفقر بالجريمة في المجتمعات. وشدد الفوزان على أن الدين الإسلامي هو «دين التكافل بمعناه الواسع الشامل»، عادا إياه «مبدأ أصيلا من مبادئ هذا الدين»، وأضاف أن «الدولة في الإسلام والقادرين من المجتمع لديهم التزام بكفاية المحتاجين ماديا، وذلك بسد حاجات الفقراء والمعوزين، ويتحقق ذلك عمليا عبر ثلاث وسائل هي: الزكاة، والصدقات، والأوقاف». وأوضح الفوزان، في بحث قدمه في «ندوة البركة» للاقتصاد الإسلامي، المنعقدة مؤخرا بجدة، وتناول فيه دور الدولة والأغنياء في التكافل الاجتماعي، أن الإسلام «عني عناية فائقة بترسيخ التكافل الاجتماعي وتعزيز المسؤولية الاجتماعية والتنمية»، مضيفا أن التزام التجار المسلمين والمؤسسات المالية الإسلامية بالمسؤولية الاجتماعية «يجب أن يكون أكثر من غيرهم؛ لأنهم ملزمون بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع تعاملاتهم». وأبان الفوزان أن الاقتصاد الرأسمالي بدأ يهتم بهذا الجانب بعد الأزمة التي ضربت السوق الدولية والتي قال إن سببها كان «غياب القيم الأخلاقية في الأسواق والمعاملات المالية، وتغليب مصلحة الفرد على مصلحة الجماعة، والأخذ بمبدأ الحرية المطلقة للأسواق المالية وأن الأسواق الحرة تصحح نفسها بنفسها»، مؤكدا أن ذلك أدى إلى «غلبة الأنانية والمصالح الفردية وأكل أموال الناس بالباطل وانتشار البيوع المحرمة القائمة على الربا والغرر والميسر». وأكد الفوزان أهمية الزكاة بقوله: «الزكاة أول تشريع منظم لتحقيق التكافل المادي، أو ما يسمى بالضمان الاجتماعي، الذي لا يعتمد على التبرعات الفردية الوقتية، بل يقوم على مساعدات حكومية دورية منتظمة، غايتها الكفاية لكل محتاج، الكفاية في المطعم والملبس والمسكن وسائر الحاجات بما يكفل له ولعائلته مستوى معيشيا ملائما من غير إسراف ولا تقتير». وشدد الفوزان أيضا على أهمية دفع الزكاة في تنشيط العملية الاقتصادية والحركة التجارية عبر تحريك الأموال وتداولها وتنميتها، مما يرفع الإنتاج ويحد من البطالة ويوفر فرص العمل، قائلا: «لو أن أهل الأموال جميعهم أخرجوا زكاة أموالهم لما بقي في المسلمين فقير، وما احتاج فقير إلا بما منع غني». وأكد الفوزان أنه في حال عدم تمكن الفرد من توفير الكفاية لنفسه، فإن «الدولة المسلمة مسؤولة عنه، وعليها أن توفر ما يكفيه من الطعام والكساء والمأوى»، أما إذا لم تتمكن الدولة من تحقيق ذلك من خلال الموارد المالية المتاحة لها، يصبح من مسؤولية الأغنياء التدخل، مضيفا أن للدولة في حال حاجتها للأموال «الحق في أن تفرض حقوقا إضافية على الأغنياء القادرين في كل بلد». ولفت الفوزان إلى ترابط الفقر بظاهرة الإجرام، مضيفا أن الفقر والشعور بالظلم الاجتماعي يؤثران في الأمن الخارجي للأمة ويهددان حريتها واستقلالها، محذرا من أن لا مبالاة الأغنياء بما يعيشه الفقراء يزيد من حقد الفقراء عليهم «فتنتشر الفتن وتكثر الجرائم، وخاصة الجرائم المالية من سرقة وغصب ونهب وإتلاف». واستدل الفوزان على صحة كلامه بما قاله الشيح محمد الغزالي: «لا أستطيع أن أجد بين الطبقات البائسة الجو الملائم لغرس العقائد العظيمة والأعمال الصالحة.. إنه من العسير جدا أن تملأ قلب إنسان بالهدى إذا كانت معدته خالية». رابط الخبر بصحيفة الوئام: الشيخ الفوزان: على الدول المسلمة إجبار الأغنياء على كفالة الفقراء