ما إن تدخل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طرفاً في قضية إلا وينقسم الناس إلى فريقين يتبنى الأول المُنافحة عنها باعتبار جهاز الهيئة حارساً للفضيلة في مُجتمع يظنون به الظنون ، بينما يجدها الثاني فرصة للانقضاض على من يرى أن ممارسة حراس الفضيلة وصل معهم السيل الزبى للحد الذي لايُمكن أن تُمرر هذه الممارسات تحت أي ذريعة دون وجود عقاب رادع لمن جلدوا الناس بسياط الحسبة بحسب مفهومهم وليس بناء على ما جاء به الإسلام . دعوني أُقرر حقيقة أهمية شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ؛ حتى لا أُتهم بأني أحد المُغرِّبين الذين يدعون للتحرر وجنوح المجتمع نحو الرذيلة ، بعدها أرى أن العاطفة والحماسة لكل ما يمُس الدين دون وعي بضرورة الفصل التام عند التعاطي بين الدين كمنهج حياة وليس ككهنوت وبين ممارسي الدين باختلاف نُضجهم العلمي وفَهمهم العميق وقدرتهم على الموائمة بين النص الشرعي والواقع المعاش سبباً جوهرياً وراء الكثير من الممارسات التي دفعت بحرّاس الفضيلة لارتكاب الأخطاء التراكمية التي وصلت تداعياتها للموت ؛ فأيُّ شرع إلهي أو قانون وضعي يُقِّر ذلك ؟ وأي عقل واعٍ أو قلب نابض يوافق على هذا ؟ إن استمرار حرَّاس الفضيلة الميدانيين في عدم الانصياع لأوامر قادة جهازهم أُولى مخالفتهم الشرعية ، ناهيكم عن نتائج الضرب بها عرض الحائط والتي وصلت – للأسف الشديد – حد إزهاق الأرواح ، والسبب يكمن في تخليهم عن استخدام وسائل الأمن الحديثة التي تستطيع الجهات الأمنية بناءً عليها السيطرة على المُخالفين دون جعل الشوارع ميداناً للسباق المحموم للظفر – فقط – بالقبض على شخص أو أشخاص تجاوزا الخط الأحمر . لقد أفرزت حادثة الرياض الذي راح ضحيتها شابين بسبب مطاردة " تاهو " الهيئة على حد زعم فريق المؤيدين ، وبين تبرئة هذا " التاهو " من قبل المُناهضين أن ثمة خللاً في تحليل المواقف التي تكون الهيئة طرفاً فيها ، راجعاً هذا الاحتقان إلى التباين في التوجهات الفكرية لطرفي المعادلة والتعصب الأعمى كلٌ لما يحمله من وعي في تغييب مُخِّل للحقيقة المبنية على الأدلة وليس الأهواء . د . محمد الثبيتي [email protected] رابط الخبر بصحيفة الوئام: «تاهو» الهيئة بين الوهم والحقيقة