الرياض – الشرق ألقى معالي وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى محاضرة بعنوان “الحسبة الضمانات والمضامين” بحضور الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ضمن البرنامج التوجيهي لأعضاء الهيئة الميدانيين بمنطقة الرياض، وبحضور 500 عضواً ميدانياً بقاعة المحاضرات بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي. وقال العيسى إنه لا يقدح في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا ظنين في دينه أو مدخول في فكره”, وأكد أن الاحتساب العشوائي مسيء للعمل الحسبوي المؤسسي, وأضاف: “الهيئات صمام أمان المجتمع ورعاة الخير وحماة الفضيلة وحراس السفينة ويكفي أن شعار المحتسبين الدعوة لحياض الشريعة وقيمها الرفيعة”. وكانت الجلسة الأولى لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن محمد السدحان عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بعنوان “القواعد الشرعية والنظامية في الأعمال الإنسانية”، واستهلها بشكر معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوكلاء ومديري الإدارات على دعوتهم، ثم ابتدأ فضيلته بذكر مفردات العنوان ودلالاتها. وبيّن أن القاعدة هي أمر كلي تُبنى عليه جزئيات كثيرة، واستشهد بعدد من الأمثلة المتفرقة بين الفقه والتفسير والفرائض وغيرها، وذكر قاعدة تفسيرية مثالاً للتعريف: “هناك قاعدة عند أهل التفسير ذكرها الشيخ ابن باز رحمه الله وذكرها قبله ابن تيمية وابن كثير وهي (إذا جاءت الآية عامة فتبقى على عمومها ولا تخصص إلا بدليل) فهذه القاعدة تنطبق على كثير من الآيات كقوله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) فالحسنة هنا لا يقصد بها شيء محدد لا زوجة صالحة ولا بيت واسع ولا ذرية طيبة، بل يقصد بها الجميع دون تخصيص لعدم وجود دليل على ذلك”. وفي لفظ (الشرعية) قال: “القواعد التي نحتكم إليها هنا ونذكرها شرعية وهي قواعد صالحة لكل زمان ومكان من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، وجاءت عنه صلى الله عليه وسلم من خلال الوحيين، بل إن هناك من القواعد ما يمتد وجوده من عهد آدم عليه السلام إلى قيام الساعة ومنها أهمية حفظ الضرورات الخمس إذ هي مرتبطة بالفطرة”. وتحدث فضيلته عن القواعد (النظامية) وأنها في المملكة العربية السعودية مستمدة من القرآن والسنة. وذكر أن الاعمال الإنسانية تهتم بالأمور النفسية والبدنية للإنسان، ومن أهم الأعمال الإنسانية الدعوة إلى الله عز وجل، إذ هي الدعوة لنجاة الإنسان ببدنه ونفسه من العذاب الدنيوي والأخروي، ومنها أيضاً العمل السياسي والاقتصادي الذي يصلح للإنسان عيشه ويعينه على تدبير أموره. وبيّن أن الدين لم يأت إلا بما يصلح أمر الدنيا والآخرة . كما ألمح فضيلته لمعنى الرفق بالحيوان وأنه من الدين، وأوضح أن من القواعد المهمة الإخلاص لله عز وجل في العمل، وأن إرادة وجه الله سبحانه رغم أهميتها في العمل لا يدل عليها قبول الناس، حيث أن الأنبياء هم أطهر الخلق على الإطلاق وأكثرهم إخلاصاً لله عز وجل ومع ذلك فإن النبي يأتي يوم القيامة ومعه الرهط ويأتي النبي ومعه الرهيط ويأتي النبي وليس معه أحد. وبين بعد ذلك قاعدة المتابعة، للداعية الأول، النبي صلى الله عليه وسلم في القول والعمل وأهميتها لدى المحتسب بشكل كبير وأشار إلى أن هاتين القاعدتين مهمتين لكل مسلم وليس للمحتسب فقط. ثم ذكر فضيلة الشيخ السدحان قاعدة (براءة الذمة لا يستلزم منها زوال المنكر) وفصّل فيها وأوضح بالأمثلة أن ما يقوم به المحتسب هو لتغيير المنكر فإن لم يتغير فهو قد أعذر لربه. وذكر فضيلته قاعدة ذكرها العلماء للأعمال الإنسانية وخاصة الدعوة إلى الله تعالى وهي (تقديم الرسائل بين يدي المسائل) ومثّل لها بتقديم الدعاء على الأمر بالمعروف كأن يقول المحتسب: وفقك الله.. افعل كذا، وكذا مثل على أهمية التعامل مع الناس وسلوك الطريق المناسب معهم في الدعوة بالطبيب الذي يقدم علاجاً لمريض وأهمية موافقة العلاج لحالة المريض، فمن رأى منه منكر فلا بد أن ينكر المنكر بطريقة متقبلة لدى صاحبه قدر المستطاع فلا بأس بالاستعطاف والذلة للمؤمنين أحياناً في سبيل تحقيق المقصد وهو زوال المنكر. ثم استقبل فضيلته عدداً من الأسئلة موجهة من الأعضاء الميدانيين تدور حول الموازنة بين طلب التشجيع على العمل وبين تجديد النية في الاحتساب لله عز وجل، وتلقى عدداً من الأسئلة حول بعض المواقف في الأسواق والأماكن العامة وفق الرأي الشرعي. بعد ذلك ألقى معالي وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى محاضرته التي كانت بعنوان (الحسبة الضمانات والمضامين) مشيراً إلى تاريخ الحسبة الممتد من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكداً أن مفهومها واسع ومستمد من سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، والدولة وفقها الله جعلت لها جهازاً على سبيل الاختصاص فالغالب أن الحسبة مرتبطة بهذا الجهاز المبارك. كما ذكر معاليه أن من الطبيعي أن يلمز الجهاز وأعضاؤه بما ليس فيهم حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسلم من السب والشتم والإيذاء بل وصل الأمر لدى بعض من عاداه بسب الذات الإلهية تعالى الله عن ذلك، والأمر طبيعي بناء على أن وجود الشر سنة كونية ماضية إلى قيام الساعة. ثم امتدح معاليه عمل أعضاء الهيئة وذكر أنهم حماة الفضيلة وحراس السفينة وأن رجل الحسبة هو جبين الأمة المضيء وناصيتها المشرقة. 000