دعا خبير سعودي في مجال التدريب على ضرورة جمع البيانات الدقيقة حول متطلبات سوق العمل، وإشراك سوق العمل في بناء الخطط المستقبلية، إلى جانب تطوير المناهج بما يناسب متطلبات سوق العمل، وجعل التدريب مستمر بين المعاهد والكليات وسوق العمل، فضلا عن استمرارية العلاقة التطويرية للخريجين بعد التحاقهم بسوق العمل. جاء ذلك في ورقة عمل للمهندس عبد العزيز بن محمد العواد، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتدريب بمجلس الغرف السعودية، قدمها أمام المؤتمر الدولي الثاني لتكامل مخرجات التعليم مع سوق العمل في القطاع العام والخاص، الذي احتضنته جامعة البلقاء التطبيقية في العاصمة الأردنية عمان أمس (الاثنين) بحضور عدد كبير من المختصين والمهتمين بقطاع التدريب من عدد من دول العالم. وخاطب المهندس العواد المؤتمر الذي جاء بعنوان "تجارب ناجحة في القضاء على البطالة" ويستمر حتى يوم 16 مايو الجاري، بقوله إن التعليم في الوطن العربي يعاني من أزمة عنيفة ومزمنة، وربما ظن البعض أنها أزمة مستعصية على العلاج بسبب كثرة العوامل والأسباب شديدة التداخل والتعقيد والكامنة وراء هذه الأزمة. وقال العواد : " أن الطموح يكمن في إعادة بناء القوى العاملة بشراكة بين التعليم العالي والقطاعين الخاص والعام، فضلا عن إصلاحات سوق العمل والاقتصاد وتطوير التعليم، موضحاً أنه وفقا لمؤشر المنظمة العربية للثقافة والعلوم (أليسكو) لعام 2011م تبين وجود أكثر من 6 ملايين طفل ممن هم في سن التعليم لا يلتحقون بالمدارس في الوطن العربي إلى جانب ظاهرة الانقطاع في المراحل الأولية والتي تصل إلى مابين 7 إلى 20% وتبلغ أحيانا في بعض الدول 30%. ورأى خبير التدريب السعودي أن ظاهرة عدم الموائمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل ظاهرة عامة بالوطن العربي، وتزداد خطورة واتساعا، ولم تعد شأنا فنيا يخص المعنيين بالتعليم والتدريب وأسواق العمل، بل أصبح موضع اهتمام الساسة في أرفع المستويات، وابرز تعبير على ذلك المذكرة التي تقدمت بها كل من دولة الكويت وجمهورية مصر العربية للقمة العربية المنعقدة في الرياض لتبرر ضرورة عقد قمة عربية خاصة بالشؤون الاقتصادية والتنموية والاجتماعية لمناقشة التحديات التي تواجه الوطن العربي، وكان من بينها عدم الموائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل. وتناول العواد بالتحليل الدقيق تقرير ال (أليسكو) مبينا أن نسبة المتعلمين في الوطن العربي تبلغ 75%، وعدد الأميين 25% من إجمالي السكان، بينما تبلغ نسبة المنتظمين في التعليم الثانوي 73 %، والمنقطعين 27%، ونسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الابتدائي لا تتجاوز 2%، إذ يستمر 98% من الأطفال في التعليم الابتدائي. وأوضح العواد أن إجمالي نسبة الشباب من عدد سكان الوطن العربي تبلغ 70%، وباقي الفئات تمثل نسبة ال 30 %، ونسبة الشباب العاملين تبلغ نحو 74 %، والعاطلين 26%. وتناول العواد الوضع في السعودية كمثال، مستندا على معلومات مصلحة الإحصاء العامة لسنة 2012، والتي أشارت إلى أن عدد سكان السعودية بلغ 29 مليون نسمة، عدد المواطنين منهم 19.8 مليون نسمة يشكلون 69% من السكان، وعدد العمالة غير السعودية 9.2 مليون نسمة أي ما نسبته 31%. وتبلغ نسبة العمالة الوافدة التي تتقاضى راتبا اقل من 2000 ريال 86% من حجم العمالة الوافدة، و14 % تتقاضى رواتب اقل من 2000 ريال في الشهر. وأشار المهندس العواد إلى أن نسبة المواطنين العاملين تتجاوز نسبة العاطلين، حيث تبلغ الأولى 88%، بينما العاطلين 12%، ونسبة حملة المؤهلات الثانوية فأعلى تبلغ 32%، ونسبة حملة الثانوية العامة فاقل 68%. ولفت العواد إلى أن القطاع الخاص وفر خلال السنوات الخمس الأخيرة (2008-2012) نحو ثلاثة ملايين وظيفة، ويحتل المواطنون السعوديون نسبة 58.1% من الوظائف في القطاعين العام والخاص، بينما تحتل العمالة الوافدة 41.9% من الوظائف في القطاعين، مشيرا إلى أن إحصائية العام الماضي الصادرة عن وزارة العمل أوضحت أن عدد الوظائف في القطاعين بلغت 10393163 وظيفة، نصيب المواطنين منها 4251723 وظيفة، ونصيب العمالة الوافدة 5884670 وظيفة. وبين العواد أن الإحصائية أوضحت أن عدد الوظائف في قطاعي التجزئة والتشييد والبناء تبلغ 3560500 وظيفة، نصيب العمالة الوافدة منها 3160000 وظيفة أي نسبة 76%، بينما تبلغ نسبة المواطنين فيها 24% أي 400500 وظيفة. وتناول خبير التدريب السعودي في حديثه التجربتين الماليزية والسويسرية كتجارب أثبتت نجاحها في هذا المجال، وقال أن التجربة الماليزية نموذجا يحتذي به للعديد من الدول التي تعاني من البطالة، فالنهضة بماليزيا جاءت منطقية نتيجة جهود عظيمة توفرت أركانها الموضوعية، السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية. وقال العواد : " أن أهم الأسس التي انتهجتها ماليزيا لتصبح احد لنمور الاقتصادية تمثلت في إزالة العقبات أمام الاستثمارات الأجنبية، والاعتماد على الموارد الذاتية ورفض الاقتراض الخارجي، وتوفير التعليم الجيد، والاعتماد على العمالة الوطنية المدربة تدريبا جيدا. فضلا عن تطبيق نظام الابتعاث الخارجي، وعمل توائم مع الجامعات المتقدمة، وتشكيل وكالات توظيف لمساعدة الباحثين عن العمل، إذ بلغت 760 وكالة في العام 2010م". وأضاف العواد: " كل هذا العمل أنتج في العام 2012م 3% فقط عاطلا في البلاد بعد أن كانت نسبتهم 52 % في العام 1980، وتحول العاملين من 48% في العام 1980 إلى 97 % في العام الماضي". وعن التجربة السويسرية قال المهندس عبد العزيز : " أن طالب الصف الأول الابتدائي يتلقى بعد انقضاء ربع الساعة الأولى في اليوم الأول من الدوام، مطرقة ولوحة خشبية ومسطرة ومجموعة من المسامير، ويطلب منه أن يدق المسامير في اللوحة حسب مقاسات معينة، وفي الحصة الثانية من اليوم نفسه يعطى الطالب لوحة خشبية أخرى وملفا ويطل منه أن يقوم بنزع المسامير اللولبية من اللوحة وبعدها منشارا، وهكذا لمدة أسبوعين متواصلين، وبعد ذلك يواصل العمل اليدوي في حصة مستقلة". وتابع العواد: " في سويسرا لا يحق لأي طالب أن يتغيب دون عذر، ويمنح القانون السويسري الحق لآي مدرس الاتصال بالشرطة مباشرة لجلب الطالب إلى المدرسة بالقوة مع إنزال غرامة مالية عالية بالأبوين ومن حق الشرطة إحالتهما إلى المحاكمة". وأشار العواد إلى أن القانون يمنع تشغيل أي شخص لا يملك شهادة تخرج من معهد فني، الحلاق أو عامل النظافة أو بائع الخضر من شأنه شأن المصرفي والطبيب والمهندس مطلوب منه أن يقدم شهادة تخرج من معهد تقني، إذ أن المتدرب يدرس ثلاثة أيام ويعمل يومين مقابل أجور مجزية، فصاحب المؤسسة رابح لأنه كسب يدا عاملة مجانية، والمعهد الفني رابح لان هناك غيره من قام بالتدريب، والطالب رابح بأجوره. وأوضح العواد أن النتيجة تمثلت في تقليل نسبة البطالة في سويسرا مقابل بقية دول الاتحاد الأوروبي والدول ال 17 الأعضاء في منطقة اليورو، حيث بلغت نسبة البطالة في الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا العام 13.9%، وفي الدول ال17 الأعضاء في منطقة اليورو 12.8%، حققت سويسرا 3.4%فقط. وأشار العواد إلى أن المنطقة العربية من اسبق مناطق العالم النامي في خلق وظائف جديدة، فقد استطاعت أن توجد سنويا عدة ملايين وظيفة جديدة، وهو انجاز كبير، إلا أنه غير كاف، وغير متوازن في الدول العربية، وقال أن المنطقة تبقى في عمومها محتفظة بأعلى معدلات البطالة بين مناطق العالم، إذ تجاوز معدل البطالة العامة فيها 25 %. وطالب المهندس عبد العزيز العواد في ختام ورقته باتخاذ التحدي السكاني الذي يمثل في الصين واليابان مثلا رافدا للنمو الاقتصادي، ولسعي للتكامل بين الدول العربية في مجال إعطاء العمالة العربية الأولوية في العمل بالبلدان العربية، وتوفير فرص عمل جديدة تناسب الداخلين الجدد في سوق العمل، وزيادة معدل تشغيل النساء وإصلاح التعليم والتدريب، وتطوير النشاطات الاقتصادية. رابط الخبر بصحيفة الوئام: خبير سعودي: القضاء على البطالة يمر عبر بوابة إصلاح التدريب