بعد سقوط النظام العراقي السابق وإحتلال العراق من قبل الولاياتالمتحدة الاميركية و تسليمه في ما بعد لإيران, استفردت طهران بالمنطقة و أصبحت العراق من دولة كانت تشكل السد المنيع بوجهها إلى الحلقة الوصل المباشرة التي ربطتها بكثير من الدول العربية مثل سوريا و لبنان و فلسطين و الكويت و المملكة العربية السعودية و اليمن والاردن ودخلت تلك الدول في مرمى التدخلات الايرانية المباشرة. بقت ايران تعمل جاهدة لتحقيق أهدافها المشؤومة في المنطقة العربية من خلال أدوات عديدة. ووظفت الإعلام, والأموال, والطائفية والدعاية السياسية لصالحها لكسب الشارع العربي و التأثير عليه من خلال رفع شعارات إسلامية و اللعب على مشاعر العرب و المسلمين من خلال تبني القضية الفلسطينية وإظهار العداء لاسرائيل و اميركا في إعلامها الرسمي, لتغطي بذلك على مشروعها الإحتلالي الذي لا يقل عن إحتلالات اسرائيل من حيث وسعتها وحجم المؤامرة التي تخطط لها. بسبب غياب مشاريع واضحة المعالم عند الدول العربية مشتركة او منفردة لمواجهة التحديات السياسية والأمنية الكبرى التي دفعت المجتمعات العربية ثمناً باهظًا و أفقدت ثقتها بدولهم, بدأت المجتمعات العربية البحث عن بديل لتعول عليه في إعادة ولو جزء قليل من كرامتها. إستغلت إيران ذلك التعطش و حاولت ان تطرح نفسها كبديل و المدافع عن المستضعفين و المضطهدين بالعالم. تحركت بقوة و بكل امكانياتها لإختراق المجتمعات العربية و دعمت بعض المليشيات و الحركات التي لا تبالي في العمل لصالح ايران على حساب مصالح بلدانها و استقرارها.إستطاعت ايران زرع خلايا و مليشيات و احزاب في بعض الدول العربية تعمل بعضها لصالحها بشكل علني و البعض الآخر تعمل بشكل سري كشبكات تجسس تنفذ اجندة ايرانية. و بذلك تمكنت ايران من السيطرة على العراق و سوريا و مصادرة القرار السياسي الوطني في لبنان من خلال حزب الله الذي همه الأول و الأخير تنفيذ اجندة خامنئي في المنطقة على حساب لبنان و سيادته.
وصدرت إيران الفوضى و الفتنة و عدم الاستقرار للبحرين و اليمن و حاولت بكل الأدوات ان تخترق المملكة العربية السعودية و الكويت. و كان لها الدور الأكبر في انقسام الساحة الفلسطينية.جاء الربيع العربي الذي بدأ من المغرب العربي وهو يتجه بسرعة كبيرة نحو المشرق حتى وصل على الحدود الايرانية في العراق و هو يهب نسائمه على الاحواز العربية المحتلة التي تعيش كالبركان الذي يتفجر في اي لحظة. فقدت إيران زخمها الاستراتيجي الشعبي و بدأ دورها الإقليمي يتراجع و الذي صرفت المليارات الدولارات من أجله خلال 33 عاما و ذهب في إدراج رياح الربيع العربي,عندما وقفت بوجه الشعب السوري و ثورته و اصبحت طرفاً إلى جانب النظام, ترتكب مجازر بشعة بحق الشعب السوري الثائر. لم تستطع اخفاء ازدواجيتها و تبرير نفاقها بتأيد ثورات تونس و مصر و ليبيا و اليمن و تشارك في الوقت ذاتها بقتل الشعب السوري و اخماد ثورته التي هي استمرار لتلك الثورات. ضرب أحمدي نجاد بالحذاء ثلاث مرات خلال ثلاثة ايام في مصر كشف و بوضوح مكانة ايران الهزيلة عند الشعوب العربية.إذا كان تقهقر الدور الايراني الاقليمي أصبح ملموساً نتيجة للعوامل المذكورة, فتحديات إيران من الداخل كبيرة جدا, أولها تحدي الحفاظ على جغرافيتها المصطنعة التي تشكلت في العقد الثالث من القرن الماضي بطريقة غير مشروعة باحتلالها لمناطق الشعوب غير الفارسية التي كانت لها سيادتها الوطنية . وهي اليوم تناضل من اجل الوصول لحقها في تقرير مصيرها في إطار المواثيق الدولية. التحدي الثاني هو الحفاظ على النظام الايراني نتيجة الصراع السياسي داخل النظام الذي وصل للقمة بعد ما أكل ذلك الصراع جميع التيارات و الأحزاب التي كانت جزءاً اساسياً من النظام حتى في عقده الثالث, حيث الصراع المتمثل اليوم بين تيار احمدي نجاد و تيار خامنئي دخل مراحل خطيرة و ينذر بكوارث حقيقة ستحل على نظام برمته. و التحدي الثالث الوضع الإقتصادي المتهاوي و الغلاء الواسع و سقوط العملة نتيجة للعقوبات الدولية و الفساد الاداري الواسع و المنتشر في معظم الدوائر الحكومية و الخاصة. و التحدي الرابع فشل النظام الذريع بتحقيق أهداف الثورة و الذي خلق تشاؤماً و تقاعساً واسعاً بالنسبة للنظام و وعوده خاصة عند الشعوب غير الفارسية التي أصبحت على أبواب الربيع و تنتظره بفارق الصبر و تعمل لتحقيقه و تعتبره آت لا مفر منه, مما جعل النظام الايراني و المعارضة الفارسية على حدا سواء تنذر من عواقبه على مسقبل ايران و تعتبره شتاءا مظلما ينذر بتفكك البلد. أربك الربيع العربي و إفرازاته القرار السياسي الايراني و مشاريعها التوسعية بعد ما خلق وعياً سياسياً جماهيرياً و توازناً جديداً في المنطقة و وضع المشروع التوسعي الايراني في تابوت, يدك الشعب السوري و العراقي مساميره بانتظار اعلان موته في لحظة إعلان الثورة الكبرى للشعوب غير الفارسية في إيران و التي تشكل 72% من خارطة ايران الجغرافية و البشرية. إفرازات الربيع العربي الذي خلقت واقعاً جديداً وغيرت الموازين التقليدية بالنسبة للانظمة و الشعوب على حد سواء وعزلة ايران الدولية نتيجة سعيها لامتلاك سلاح الذري و تقهقر دورها و مكانتها الاقليمية نتيجة لسياساتها التوسعية وموقفها المفضوح بالنسبة لثورات الربيع العربي و التحديات الداخلية الكبيرة, كل تلك العوامل و المستجدات جعلت ايران في مرمى مصير الإتحاد اليوغسلافي السابق بحرب خارجية او سواها و حتى العملية القيصرية لا تشفع لها ولا تخرجها من مصيرها المحتوم. حسن راضي الاحوازي رابط الخبر بصحيفة الوئام: مصير ايران المحتوم مابعد الربيع العربي