الرياض-الوئام: العلاج الناجح لمرض الاكتئاب من التقاعد هو أن يعتقد المتقاعد وفق قول د. رشيد بن حويل في مقاله بعكاظ، أن الله عافاه تعالى من سيئات الماكتب والنميمة والمشاكل في العمل، وفتح أمامه أبواب الخير والفلاح، شريطة أن يقترب من الله تعالى، ويكون ممن يعملون لإرضائه. وقال الكاتب “أعتقد أننا لو نظرنا إلى التقاعد بهذه النظرة الإيجابية، لن نقع فريسة للاكتئاب والأمراض النفسية”. لمطالعة المقال: التقاعد والشعور الخاطئ يشكل سن التقاعد نقطة فارقة وعلامة بارزة في حياة الإنسان، وقضية التقاعد قد أصبحت تعني الكثيرين في زمن تهافت الناس فيه على الوظيفة الحكومية.وللتقاعد آثار سلبية على صاحبه، إذ يسبب في الغالب حالة من عدم الرضا والتعاسة تنعكس سلبيا على الصحة النفسية للمتقاعد، كما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض الاكتئاب؛ فالعمل يمد المرء بالعديد من المزايا كتنظيم الوقت والعلاقات الاجتماعية الموسعة التي لا تلبث أن تتأثر بانقطاع المرء عن العمل، ناهيك عما يسببه التقاعد من تقليص لمورد رزق قد يكون الوحيد المتاح لصاحبه، وشعور الفرد بأنه لم يعد ذا قيمة في الأسرة أو المجتمع. إذن، التقاعد حالة حتمية، لابد أن يمر بها الكثيرون، وتأثيراتها السلبية على الأفراد دفعت الخبراء والعلماء إلى القيام بدراسات لمواجهة هذه التأثيرات، وأبرز نتائج هذه الدراسات تمثلت في أن هناك ارتباطا ملحوظا بين التدين والصحة الجسمية والنفسية والأمن النفسي عند المسنين، فممارسة الأنشطة، وتوسيع مدى العلاقات الاجتماعية لا يكفي لمعالجة الحالة النفسية للمرء بعد إحالته إلى التقاعد. لقد أثبتت الدراسات أن التمسك بالدين والمواظبة على أداء الشعائر الدينية، وبخاصة الصلوات، هي وسائل ناجعة لمعالجة تداعيات التقاعد وتأثيراته السلبية على الإنسان. فالتقرب إلى الله تعالى، في كل وقت وحين بشكل عام، وعند المسنين بشكل خاص، يخلق حالة من الأمن النفسي، ويقضي على مشاعر الخوف والوحدة، وقد أكدت الدراسات النفسية المتخصصة على أن التدين لا يعالج هذه المشاعر السلبية بعد التقاعد وحسب، بل هو أيضا وسيلة مهمة للوقاية من الوقوع في الأمراض النفسية. الكثير من المتقاعدين يعتقدون أنهم لم يعودوا ذوي قيمة، وأنهم اقتربوا من الموت، مع أن الموت لا علاقة له بالسن أو المرض، فكم من سليم معافى فارق الأهل والأحبة، وكم من شاب يافع لم يهنأ بوظيفته وجاءته المنية. وعليه، فالشعور بأن التقاعد يقرب صاحبه من الموت شعور خاطئ، بل علينا أن نعيد صياغة الحالة فنقول: إن التقاعد يقرب صاحبه من الله تعالى، نعم، فهو يتيح الفرصة لصاحبه كي يتقرب إلى ربه وخالقه بعبادات كالصيام وقيام الليل ربما كان من الصعب عليه ممارستها خلال حياته العملية، كما يؤدي حتما إلى اتساع دائرة العلاقات الاجتماعية، حين يحل المسجد وأنعم به من مكان محل المؤسسة أو الوزارة أو أي جهة عمل، فيجد المرء وقتا للتعارف والتزاور مع أصدقاء جدد، لم تجمعهم مصلحة دنيوية، بل التقوا في ظلال الرحمن، وفي بيته.أعتقد أن التقاعد يحقق للمرء صفاء نفسيا، وراحة ضمير، بل وراحة جسمانية، للكثيرين، فغالبية الموظفين مقصرون في أداء عملهم، قد يتأخرون في الذهاب إلى العمل لأسباب عديدة ويعطلون مصالح الناس، ولا يخفى علينا حلقات الغيبة والنميمة التي تشهدها المكاتب، علاوة على التشاحن والتنافس الذي قد يولد في النفوس الكراهية والبغضاء. فإذا أحيل المرء للتقاعد، عافاه الله تعالى من كل هذه السيئات، وفتح أمامه أبواب الخير والفلاح، شريطة أن يقترب من الله تعالى، ويكون ممن يعملون لإرضائه.أعتقد أننا لو نظرنا إلى التقاعد بهذه النظرة الإيجابية، لن نقع فريسة للاكتئاب والأمراض النفسية التي يعاني منها كثيرون وبخاصة من غير المسلمين.واللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها.