تعيش الأقليات الإسلامية في جل دول العالم اضطهاد صارخ وتضييق منظم يصل في بعض حالاته إلى جرائم الإبادة والتطهير العرقي كما حدث في التسعينيات من القرن الماضي في البوسنة والهرسك ومن بعدها في كوسوفا وكما هو حاصل الآن في إقليم أراكان المسلم الذي تحتله دولة ماينمار (بورما سابقا) ولم تقتصر الجرائم ضد المسلمين على دولة بعينها دون الأخرى بل إننا نجد أن المسلمين يحاربون ويضيق عليهم في دول عديدة من دون أي مساعدة أو نصرة لهم وتعتبر مأساة إخواننا في ماينمار هي المأساة الكبرى التي غابت عنها الأضواء وتناسها الإعلام ولم تلتفت لها الدول الإسلامية ولم تسعى أي جهة لنجدة هذا الشعب المسلم المضطهد الذي يعاني أشد أشكال القهر والحرمان والتنكيل من حكومة العسكر المجرمة في بورما وللمجازر تاريخ مع إخواننا المسلمين في هذه الدولة وتحديدا في إقليم أراكان المسلم فقبل أن تستقل بورما عن الاحتلال البريطاني عام 1948م حدثت مجزرة كبرى ضد مسلمي بورما في إقليم أراكان المحتل ففي عام 1942م قام البوذيون بمجزرة ضد المسلمين بعد تحريض قوي من قبل بريطانيا طمعا منها في أن ينشغل البوذيون وهم الأكثرية في حرب وخصومة مع المسلمين ولحقد بريطانيا الدفين على الإسلام والمسلمين فسقط من المسلمين في ذلك العام وحده أكثر من مائة ألف مسلم ولا حول ولا قوة إلا بالله. من ذلك الوقت وإخواننا في بورما يعانون أشد المعاناة وهم الأخوة في الدين والعرق فكثير من مسلمي أراكان تعود أصولهم إلى الجزيرة العربية واليمن والشام والعراق وغيرها من بلاد العرب ونسبة منهم تعود أصولهم إلى بلاد فارس والبعض منهم تعود أصولهم إلى الهند وبنغلادش, وتقدر الدراسات أن نسبة المسلمين في بورما تزيد عن 15 % من أصل عدد السكان البالغ 60 مليون نسمة غير أن الحكومة البورمية لا تعترف في هذه النسبة وتتحدث عن نسبة لا تتجاوز ال 5% وهي التي حاولت منذ انقلابها عام 1962م تهجير المسلمين وتصفيتهم في إقليم أراكان الذي يبلغ تعداد سكانه قرابة ال 6 ملايين نسمة يشكل المسلمون فيه70% ويتوزع باقي المسلمين في العاصمة وبعض المدن ويعرف المسلمون في بورما بالروهينغيا ويعانون من تردي في أوضاعهم بشكل عام وخاصة في إقليم أراكان المحتل الذي يتفشى فيه الفقر وتكثر فيه الأمية ويعاني أهله الحرمان والتضييق والاضطهاد فالحال يرثى لها هناك والمجازر والجرائم الرهيبة التي يتعرضون لها تحدثك عن تاريخ مؤلم في الماضي والحاضر فالبعض يقدر عدد من قتل في الأحداث الأخيرة بقرابة ال 20 ألف مسلم وتمت مهاجمة وإحراق أكثر من 100 مسجد وتدمير وإحراق عشرات الآلاف من المنازل ومازالت الهجمات المنظمة والإبادة الجماعية ضد المسلمين مستمرة إلى يومنا هذا مع غياب صارخ للدول الإسلامية ومع دور مخجل للدولة الجارة وهي دولة بنغلادش التي تمنع دخول اللاجئين وتعطل عمل المنظمات الخيرية التي تساعد المسلمين الروهينغيا في ميانمار بل أن زعيمة بنغلادش الشيخة حسينه هي من تحارب هؤلاء المسلمين المستضعفين وتتواطأ مع حكومة العسكر المجرمة في بورما وتزيد من معاناة اللاجئين وما يجري على بنغلادش ودورها المشين ينسحب على الدول القريبة من ميانمار كماليزيا وإندونيسيا فهي دول غنية ولها حضورها الدولي وتستطيع أن تمارس ضغوط قوية على حكومة بورما وتنتصر لهذا الشعب المسلم الذي يعاني منذ سنين طويلة من دون أي تحسن في معيشته وحريته فيجب أن تكون هناك وقفة حاسمة وجادة من كافة الدول الإسلامية تجاه حكومة العسكر في بورما ويجب أن تمارس الدول الإسلامية الضغط على الصين عبر مصالحها الكبرى في دولنا فهي حليفة للنظام في بورما مع يقيننا أنها لا تقل دموية عن الدول المستبدة الأخرى ولكن يجب أن تستنفر الهمم وتتوسع المطالب لتشمل حق شعب أراكان المسلم في تقرير المصير والاستقلال كما حدث في تيمور الشرقية وجنوب السودان فالقضية يجب أن يتم تدويلها على المستوى العالمي ويجب أن تكون هناك وقفة شعبية إسلامية لنجدة ودعم صمود إخواننا فهم في محنة منذ عقود طويلة والأفعال وحدها هي من ستنتصر لهم لا الأقوال والإدانات. تركي الربعي للمتابعة على التويتر @turki_alrobee