صيدا-الوئام: قال الشيخ اللبناني أحمد الأسير، الذي يقود عصيانا مدنيا في مدينة صيدا الجنوبية ضد ما يقول إنها “هيمنة سلاح حزب الله في لبنان،” إنه مستعد للموت على العيش “عبدا ذليلا في ظل ولاية الفقيه،” مشدداً على أن الأكفان والمدافن حاضرة في مخيمه الذي يقطع طريقاً استراتيجيا بين العاصمة ومناطق الجنوب حيث كتب وصيته “استعدادا للشهادة.” كلام الأسير، المقرب فكريا من التيارات السلفية، جاء خلال حديث خاص لCNN بالعربية، أعلن فيه أن أكثر ما يقهره هو أن الغطاء السياسي لحزب الله يمكّنه من أن “ينزل بسلاحه إلى صيدا ويقتلنا جميعا.” لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن اعتصامه مستمر ويتجه نحو التصعيد قريبا. رافضا الإفصاح عن خطواته التصعيدية المقبلة قبل أوانها بقوله “سأحرق الخطوات لو أخبرتك عنها اليوم.” ويقيم الشيخ الأسير مخيما كبيرا يمتد على مساحة شوارع عدة على مقربة من الملعب البلدي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا، يحتاج الوصول إليه إلى الالتفاف حول الجسر المؤدي إلى طريق الجنوب السريع، وهو جسر أقفله الأسير بنفسه ويبعد أمتارا عن نقطة تفتيش تابعة للجيش اللبناني. أما مدخل “المخيم” فيحرسه رجال لا يحملون أي سلاح ظاهر وتقفل “بوابته” سيارة قديمة يحركها الحراس ليستقبلوا الإعلام بتهذيب بالغ وإصرار على مرور السيارة الصحفية عبر المعتصمين والى عمق الخيام. وترتفع لافتتان عند مدخل المخيم، يندر وجودهما في لبنان. واحدة كتب عليها “للنساء” وأخرى “للرجال” تتسببان للوهلة الأولى بإرباك لدى السيدات، الصحفيات والمصورات، لا يلبث أن يزول بعد الاكتشاف بان هذا الفصل بين الرجال والنساء لا ينطبق على الضيوف. العصيان المدني أدى إلى تغيير نمط الحياة في صيدا وشل الحركة التجارية والسياحية للمدينة. ونسأل الشيخ الأسير لماذا يبلغ الاعتصام إلى إقفال جسر حيوي يؤدي إلى عزل جنوب لبنان؟ ويدافع الأسير بقوله إن هذا الأمر غير صحيح مضيفاً: “لم أتسبب بشل الحركة في صيدا وأنا مستعد لمرافقتك في جولة بسيارتي لتشاهدي أن الحركة طبيعية. أنا لم اقفل مداخل صيدا والطريق الحيوي للمدينة وضواحيها بل أقفلت الطريق السريع الذي يستعمله (رئيس مجلس النواب) نبيه بري للذهاب إلى بيته في المصيلح وهو بالفعل لم يفعل منذ أكثر من عشرين يوما، والذي يستعمله (الأمين العام لحزب الله حسن) نصرالله لينقل مجموعاته إلى الجنوب.” ويضيف “أقفلت الطريق على كل أهل الجنوب (مناطق جنوبي لبنان تقطنها غالبية من الشيعة وسط نفوذ كبير لحزب الله وحركة أمل) كي يشعروا بالوجع وكي تصل الرسالة. رسالتي هي أن هيمنة السلاح على لبنان وعلينا بالذات (أهل السنة) لقد جرى الدوس على كرامتنا ولم نعد نستطيع تحملها.” ولماذا ينكر لحزب الله بطولة المقاومة ضد إسرائيل يرد “سوريا منعت عنا المقاومة وسمحت لحزب الله وهو اليوم يستقوي بسلاحه علينا وعلى الدولة. لقد انتهى هذا الآن.” وعند سؤاله عن هوية الجهات التي تدعم تحركه وتؤمن له التغطية بحيث يتحدى شخصيات نافذة مثل رئيس مجلس النواب اللبناني والأمين العام لحزب الله قال الأسير: “لا يدعمني أحد إلا الحق” ويضيف “أرجوك كتابة هذا الحديث القرآني- سيد الشهداء عند الله حمزة ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره فنهاه فقتله- كلمة الحق أقوى من زلزال حسن نصرالله وظلم نبيه بري.” ولدى سؤاله عمّا إذا كانت خياراته قد باتت واضحة بين اثنين إذا، لا ثالث لهما، وهما أن “الشهادة أو البطولة” ويرد بسرعة “لا انشد البطولة لكنني مستعد للموت. إذا كان البلد كله ارتضى العيش في الذل فأنا فأرفض.” ولم يستبعد الأسير التعرض ل”عمل عسكري” ضده في أي لحظة، ولكن عند سؤاله عمّا إذا كان يمتلك مع سائر المعتصمين معه، أسلحة للدفاع عن أنفسهم قال: “أكفاننا جاهزة ووصايانا مكتوبة. أطلقنا على الدوار القريب من مخيمنا اسم دوار الكرامة وجهزنا أمكنة قريبة لنحفر فيها وندفن هنا قررنا إلا نذهب إلى المقابر فكل من يستشهد هنا سيدفن هنا.” وأضاف: “لن نخرج من هنا حتى آخر طفل ارفض العيش ضمن ولاية الفقيه وأن يغامر نصرالله بحرب جديدة تدمر البلد كلما أراد ذلك. لا أقبل ان يهددني ويرفع أصبعه في وجهي.” ولدى سؤاله ما إذا كان يناضل ضد هيمنة سلاح حزب الله من منطلق وطني أم ديني وما مدى التنسيق مع تيار المستقبل قال: “لا تنسيق مع تيار المستقبل فهم يصرحون أنهم ضدي كما هو معروف لأكثر من يحاربني هو تيار المستقبل، (رئيس الوزراء الأسبق) فؤاد السنيورة هو الذي جمع الخصوم وطلب من الدولة إزالة الاعتصام وكشف ظهرنا أمنيا ثم عمل على تحريك التجار والهيئات الاقتصادية ضدي.” وعن تفسير ذلك وهو يطالب بحقوق الطائفة السنية وهل يعتبر نفسه أنه يمسك بالشارع السني ويقلقهم انتخابيا؟ يوضح الأسير: “جعلوني عدوهم اللدود لشدة غبائهم السياسي رغم أني أرفع نفس شعاراتهم السياسية وهي المطالبة بالسلاح ضمن الدولة وضد الحرب الأهلية.” ويضيف “اعتبر تصرفهم من الغباء السياسي لأنني أعلنت مرارا أنني لن أؤسس حزبا سياسيا ولا أطمح لأي منصب ولا أنافسهم. فليراجعوا أرشيفي وسيعرفون أنني اصدق القول. لا أريد الترشح لمنصب نيابي أو وزاري ولا حتى ديني لأنني اعرف أنني ناجح في نشاط التوعية ولا أريد أن أخوض في غمار القرف السياسي.” تصرون أن لا جهات مخابراتية أو سياسية تدعمكم. كيف يمكنكم الاستمرار في اعتصامكم؟ يرد ” لبنان مكشوف ويمكن للإعلام أن يكشف الأسرار ومعرفة أي دعم مخابراتي أمني أو لوجستي ومعروف أن المسيطر على لبنان وعلى جزء من مخابرات الجيش هو خصمي السياسي وأنا أسأل: لماذا لم يستطع احد بعد الكشف عن الجهات التي تدعمني مخابراتيا او ماليا؟ تحركنا منذ عام 1989 هو بنفسنا ومالنا. أهل الخير في صيدا كثر وعندما نحتاج لمزيد من المال نبيع أملاكنا. هناك أخت تعرض قطعة ارض ببلدة برجا للبيع وهناك أخوات عمدن إلى بيع مصاغهن.” ووعد الأسير بالتحضير لتصعيد تحركه مع حلول ذكرى مرور شهر على انطلاقته، ولكنه امتنع عن تحديد ما سيقوم بعمله قائلاً: “سأحرقه لو أفصحت عنه.” وعن وجود عناوين جديدة للتصعيد قال الأسد: “أطالب أن أعيش في دولة تحميني ونتساوى فيها كلنا دروز وشيعة وسنة من دون أن يهمين أي طرف على الآخر.” وحول رسالته للمسيحيين، وما إذا كان يريد لهم المساواة وحفظ كرامتهم أيضا؟ يرد “أنا قلت لشباب ثورة الأرز أني تعلمت منهم. هم أخرجوا الجيش السوري من لبنان. مشكلتهم معي ربما ان مظهري ديني (ويشير إلى لحيته الطويلة) شو بدي أعمل هذا أنا.” هل حصل أي اتصال مع القوات اللبنانية يجيب “لا تواصل مباشر مع القوات، زارتني عدة وفود مسيحية تدعم تحركي ومنها وفد رسمي من حزب الوطنيين الأحرار وأهدوني شعار حزبهم.” وعن الفترة التي قد يستغرقها تحركه رمى الأسير الكرة عند ملعب ” الطرف الآخر” قائلا: “الموضوع عندهم، أنا أريد حلا ولا حل عندي الآن غير الاستمرار في الاعتصام. طالبت المسؤولين السياسيين والأمنيين على مدى سنوات طلبنا منهم أن يوقفوا الاعتداءات على كرامتنا ولم يفعل احد شيئا حتى وصلت القضية إلى أعراضنا بالنسبة لابناء صيدا ولابناء طائفتنا. يشتمون ديننا ومذهبنا السني أمام باب مسجدنا يوميا.” ويروي الشيخ الأسير كيف طلب احد عناصر حزب الله إلى عناصر من الجيش اللبناني توقيف إمام المسجد وتفتيشه وتكبيله واحتجاز زوجته ورضيعها لخمس ساعات داخل شاحنة الجيش في الشمس. ويعتبر الأسير أنه نجح حتى الآن في “في خنقهم (حزب الله) فصلت الرأس عن الجسد أي الضاحية النوبية لبيروت عن الجنوب.” لم يغادر الشيخ الأسير مخيمه منذ أكثر منذ قرابة الشهر حيث تعيش معه، إلى جانب مئات العائلات، زوجته وأولاده الثلاثة محمد وعبد الرحمن وعمر، وقد احتفل منذ أيام بعقد قران داخل المخيم، أما الشعارات المرفوعة فمنها ما كتب عليه: “ممنوع إدخال السلاح ولو شفرة”. وشعار آخر “ممنوع الكلام بالطائفية والمذهبية.” وشعار آخر يردده هو “أنا احمد الأسير، عبد فقير.”