عبدالله عبود آل سرحان يقصد بالعنف الأسري كل عنف يقع على أحد أفراد الأسرة من داخلها، بأنواعه، الجسدي منها والنفسي والاجتماعي وحتى الجنسي. مرحلة الطفولة هي البذرة التي تنبت إنساناً تتكون منه الشعوب والأمم، وما يعبره هذا الإنسان من عقبات في حياته يشكل شخصيته في قالب ينعكس على تصرفاته وسلوكه، وعندما يقع الطفل بين أبوين غير مؤهلين أو أحدهما لاحتضان وتربية (هذا الإنسان) يكون تعنيفه من أبسط ما يواجهه ليصارع جسده الصغير أو قلبه الغض مرارة الألم، ويتجرع كأس العذاب ليخرج لمجتمعه في شخصية غير متزنة تحمل بين جنباتها الكثير من الحروق النفسية والجروح الدامية التي تبقى على رفوف الذكريات. في صمت من المجتمع المتدثر بعباءة الحياء تاركاً الجسد الصغير في دوامة العذاب يصارعها وحده حتى لا تمس خصوصية، إلا ما كان من نتوءات في جسد الصمت من الشرفاء الذين تقض مضاجعهم المحافظة على الفضيلة ليهبوا لنجدة الضعفاء المعنفين سواء من النساء أو الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة لإنكار منكر الظلم والقسوة التي تتقاطع مع دين الرحمة بالحيوان، فكيف بالإنسان. لقد كفل هذا الدين حقوق الابن كما كفل حقوق الأب، وفرض على الوالدين تربية الابن أو الابنة، وصيانة حقوقه منذ ولادته حتى لو كان بين الأبوين أبغض الحلال إلى الله. وكان لوزارة الشؤون الاجتماعية دور محمود لاحتواء هذه الفئة وغيرها من الفئات لانتشال الطفل المعنف من قسوة ولي أمره، فأوجدت دار التربية الاجتماعية، كما نشطت في تلقي البلاغات عن تعنيف الأطفال من عدة جهات منها إمارات المناطق والمستشفيات وهيئة حقوق الإنسان وغيرها. وحرصت على توفير البيئة المناسبة وسبل الحياة الكريمة ومحاولة دمجهم في المجتمع حتى تنتفي عنهم الفئوية وتغيب عقدة العزلة، رغم ما يشوب هذه الدور من تقصير في وسائل الترفيه. وحاجتها للتطوير ما زالت قائمة في زيادة المباني وتعدد الزيارات للمكتبات والملتقيات الدعوية والمتنزهات السياحية. ويبقى على المجتمع بكل فئاته المبادرة للالتفاف حولهم ومساندتهم معنوياً وإذكاء شعورهم بأن ما أرادته الأقدار لهم من حرمان لا يمكن أن يسيطر عليهم.