لا تزال إدارة الرئيس باراك أوباما تظهر علامات تردد شديد في تبني موقف حاسم تجاه المجازر التي لا تتوقف في سورية، على الرغم من الفشل الواضح لخطة المبعوث الدولي والعربي المشترك كوفي عنان على نحو ما كان متوقعا من قبل أن تبدأ. فقد قالت تقارير أميركية إن آخر محاولات وزارة الخارجية للبحث عن بديل لخطة عنان ومهمة المراقبين الدوليين التي لا تصلح بحكم شروطها في وقف ما يحدث، تمثلت في اتصالات جرت مع موسكو وبكين لفرض حظر على تسليح نظام بشار الأسد. بيد أن الاتصالات توصلت إلى أن صدور قرار من مجلس الأمن بهذا المعنى يفترض أن يتأسس في صيغته على البند السابع من ميثاق الأمانة العامة للأمم المتحدة وهو البند الذي يجيز استخدام القوة لاستعادة السلم والاستقرار الدوليين. ورفضت موسكو وبكين الاقتراح بسبب رفضهما لأي صيغة تذكر البند السابع من الأصل. وخلال البحث عن حل بديل اقترحت موسكو فرض حظر على الجانبين معا، أي على النظام والمعارضة بيد أن واشنطن على الرغم من رفضها تسليح المعارضة أبدت تحفظا على ذلك، إذ إن المعارضة في تقديرها تبحث عن كل السبل الممكنة للدفاع عن المدنيين السوريين ومن ثم لا يمكن مقارنتها بقوات النظام المعتمدة على جهاز القمع الحكومي. فضلا عن ذلك فإن تقارير أخرى تشير إلى أن الجهود الدبلوماسية لبدء عملية سياسية لحل الأزمة تعثرت بدورها مع رفض المعارضة الجلوس مع ممثلي بشار الأسد ومع رفض النظام التفاوض مع الممثلين الحقيقيين لمن يقاومونه في الشارع، فضلا عن ذلك فقد ساهم تشرذم المعارضة في جعل أي حديث عملي عن الحل السياسي حديثا غير واقعي. من جهة أخرى تتردد انتقادات متعددة للإدارة الأميركية بسبب قول بعض مسؤوليها إنها ترفض توريط الولاياتالمتحدة في حرب جديدة في الشرق الأوسط، وكأن ذلك هو الخيار المطروح أو كأن هناك من يدفعونها لذلك، فيما يقوم البيت الأبيض بحقن أرواح الأميركيين. بيد أن من ينتقدون هذا الطرح من قبل الإدارة يقولون إن أحدا لا يريد توريط الإدارة في حرب جديدة، وإن هناك حلولا أخرى من قبيل تسليح المعارضة وتدريبها وإمدادها على وجه التحديد بما ينقصها، أي الأسلحة المضادة للمدرعات وأدوات الاتصال وأساليب الاستطلاع والرصد والدعم اللوجستي، ولاسيما في مجال المعلومات. فضلا عن ذلك فإن الدعوات التي ترددت عن إقامة مناطق آمنة كان يمكن أن توضع في سياق الأممالمتحدة، بل وبتواجد روسي تحت إشراف الخوذات الزرقاء في تلك المناطق الآمنة لطمأنة موسكو بأنها لن تستخدم في غير أغراضها، حسب قول معارضي سياسة الرئيس أوباما تجاه الأزمة في سورية. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض أصدر تعليماته بالبحث عن بدائل لخطة عنان التي يعرف الجميع الآن أنها تمضي من فشل إلى فشل فإن المشكلة حسب قول منتقدي أوباما ليست في العثور على بدائل مناسبة لوقف المجازر ولكنها في توفر الإرادة السياسية لتطبيق حل يوقف إراقة دماء السوريين الذين فاقت معاناتهم قدرة الكلمات على التعبير.