يعلم الجميع أن هدف صياغة القواعد أو المواد القانونية في التشريعات واللوائح هو تحقيق مصالح مهمة لولاها لم تكن لتصاغ هذه المواد، وبالتالي نصوص هذه المواد ليست على سبيل النصح والإرشاد وإنما الإلزام. وإذا كان نص المادة ملزماً فإن تعطيله ليس مخالفة للقانون فحسب وإن كان ذلك معيباً في حد ذاته وإنما هو تعطيل أيضاً للمصلحة والغاية التي صيغت وشرعت من أجلها المادة، والذي سيؤدي إلى خلل في أداء المؤسسة الخاضعة لذلك التشريع أو تعطيل مصالحها. وهو ما ينطبق في رأيي تماماً على قرار جدولة اجتماعات الجمعيات العمومية للأندية الأدبية في مواعيد متفرقة خارج المدة المحددة في اللائحة الذي شرعت إدارة الأندية في تنفيذه بدءا من أدبي جازان بتاريخ 16 أبريل، ذلك القرار الذي يهمل نصاً ملزماً، بصيغة آمرة، ليس فيه ما يتيح العدول عن حكمه، هو نص المادة 18 من اللائحة الأساسية للأندية الأدبية التي تنص على: (تجتمع الجمعية العمومية اجتماعاً مرة كل عام بدعوة من رئيس المجلس خلال 45 يوماً من بداية السنة المالية الجديدة...)، هدف هذا الاجتماع توضحه المادة التي بعدها وهو إقرار الخطة والميزانية.. دعونا نتأمل نتائج عدم اجتماع الجمعيات في بداية السنة المالية، نحن أمام خيارين: أولهما/ عدم تنفيذ الخطط وإيقاف صرف الميزانيات لحين إقرارها في الاجتماع المجدول من قبل أعضاء الجمعيات العمومية، وفي ذلك تعطيل للمؤسسات الثقافية. وثانيهما/ تنفيذ الخطط وصرف الميزانيات دون إقرارها من الجمعيات لحين الاجتماع المجدول لإقرار خطط وميزانيات نفذ وصرف جزء كبير منها، وهو ما يحصل في أنديتنا كخطأ مركب فيه مخالفة لنص ملزم في اللائحة، وتنفيذ لخطط وميزانيات دون إقرار، وعدم احترام لحق الجمعيات العمومية المخولة بإقرار الخطط والميزانيات، ورسم سياسات الأندية حسب نص المادتين 19، 16 من نصوص اللائحة الأساسية. المبررات القانونية لهذه الجدولة، والتي أوردها أحد قانونيي الوزارة في اجتماع جمعية أدبي جازان تتمثل في المادتين 38 و39 من اللائحة تحت بند أحكام عامة: التبرير الأول المادة 38: (تعد هذه اللائحة نافذة المفعول من تاريخ إقرارها من الوزير وله صلاحية تفسيرها وتعديلها)، وأرى أن هذا تبرير غير منطقي، لأن التفسير للمبهم والغامض، وليس للواضح. والتعديل لا يكون إلا بنص آخر أو تشريع آخر يراعي المصلحة التي وجد من أجلها ذلك النص أو التشريع السابق. التبرير الآخر المادة 39: (إذا طرأ أمرٌ لم ينص عليه في هذه اللائحة يكون للوزير صلاحية اتخاذ القرار بشأنه وفقاً للأنظمة النافذة ومقتضيات المصلحة العامة)، وأرى أن موعد اجتماع الجمعية العمومية العادي ليس أمرا طارئاً لم ينص عليه في اللائحة، بل حدد بزمن حسب المادة 18، وإذا اعتبرنا (عدم الاجتماع) أمراً طارئاً وغير منصوص عليه فعلينا ألا نغفل أنه في الأصل مخالفة أو تعطيل لنص المادة 18، وكما تنص المادة 39 التي تورد كتبرير قانوني لتلك الجدولة على أن أي قرار يجب أن يراعي المصلحة العامة، فإني أرى ما تراه اللائحة السارية المفعول أن المصلحة العامة في أن تعقد الجمعيات بموعدها في بداية السنة المالية الجديدة، وألا تنفذ الخطط أو تصرف الميزانيات إلا بإقرار أعضاء الجمعيات العمومية وذلك جوهر تجربة الانتخابات. وإذا كانت جدولة اجتماعات الجمعيات العمومية أمراً حتمياً فليكن ضمن الفترة الزمنية التي تنص عليها اللائحة، أو كانت المشكلة في أن الوزارة ليس لديها ما يكفي من المراقبين للقيام بالمهمة في وقتها القانوني، ولا تستطيع تعيين مراقبين جدد، واختارت التعديل في النص فلا مشاحاة في ذلك، لأن من يملك سلطة وضع النص يملك سلطة إلغائه وتعديله شريطة ألا يتعارض ذلك مع القانون والمصلحة العامة للأندية.