وقفت يوماً من الأيام وإذا بي أجد أحد طلابي وكما هو معتاد بأن الإنسان يسعد عندما يجد أحد طلابه في وظائف مرموقة ومناسبة، ويحزن عندما يكون العكس عندما يجد أحد طلابه مدمنا للمخدرات أو فاشلا، فقلت له أين تعمل: فقال: عاطل باطل. كيف؟ فقال كنت في السلك العسكري وجمعت مبلغا يكفي لأن اشتري به سيارة، ثم فصلت، وقابلت شخصا آخر في مناسبة وقلت له أين تعمل؟ فقال تم فصلي من الوظيفة وعرفت أنه بسبب إدمانه للمخدرات. وقابلت آخر كان يدرس في الجامعة فقلت له في أي مستوى دراسي الآن؟ فقال فصلت من الجامعة بسبب تكرار رسوبي في مادة توعدني الدكتور بعدم النجاح فيها مادام هذا الدكتور يدرس في هذه الجامعة، وشخص آخر تم فصله بسبب معاناته من مرض نفسي، وطفل بالصف الثالث الابتدائي قابلته وقلت له كيف أخبار المدرسة؟ فقال: لا أدرس، لماذا؟ فقال: والدي لا يرغب أن يصحو في الصباح الباكر ويذهب بي إلى المدرسة، وطالب في الصف الأول المتوسط ترك الدراسة والسبب عدم الرغبة في إتمامها، كل هذه النماذج من يتحمل مشاكلهم مستقبلاً؟ هؤلاء سوف يكون مستقبلهم الجهل والبطالة والجريمة، هؤلاء يحتاجون وأمثالهم إلى التأهيل والإرشاد والرعاية والضبط والمتابعة ويحتاجون إلى تدخل الجهات الأمنية، فهم سوف يكونون عبئا على أنفسهم أولاً ثم على مجتمعهم ووطنهم. أملي أن يتحمل كل مسؤول مسؤوليته فهذا الشاب إن صلح، صلح لوطنه ومجتمعه، وإن فسد فسوف يُفسد ابني وابنك وابن وطنك، والذي استوقفني لكتابة هذه السطور هو دراسة مسحية ميدانية تم عملها على طلاب لثلاثة أشهر فقط للتعرف على عدد الطلاب المنقطعين عن الدراسة فوجدت عدد المنقطعين عن الدراسة 51 طالباً، إذاً كم طالب انقطع عن الدراسة في المملكة! وكم موظف ترك الوظيفة! ويؤسفنا أننا نأخذ من وطننا ولا نعطي، وطننا يحتاج إلى أن نقف صفاً واحداً لحمايته من كل ما من شأنه زيادة الجريمة والبطالة والجهل، وطننا يحتاج إلى البذل والعطاء.