سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحوثي يرسل مقاتليه وحزب الله يعدم جنود "الأسد" المترددين -بلدات سورية تتعرض لمجازر بدعم من إيران ووكلائها - الجيش الحر يجبر مراسل"الوطن" على المغادرة حفاظا على سلامته
ساعات فصلت بين دخول "الوطن" في المرة الأولى إلى سورية ودخولها في المرة الثانية التي تعرضنا خلالها لإطلاق نار لم نعلم مصدره، وتابعنا طريقنا إلى سرمين ليلا، وخرجت صباح اليوم التالي منها وأشعر بإرهاق شديد. دخلت المدينة التي كانت تتعرض لاحتلال وجولات من قوات الأسد في النهار لتعود لسلطة "الجيش الوطني الحر" في الليل حين تنفيذ عمليات ضد عناصر النظام الذي يخشون الليل لأنه يذكرهم بمستقبلهم بعد سقوط النظام. كانت المظاهرة مشتعلة في ساحة القرية حيث يسقط العلم السوري الأحمر الذي ارتبط بالدماء ورفرف علم الثورة ككل ليلة إعلانا عن انتصار الشارع على ماكينة الموت. قابلت قائد الجيش الحر في سرمين (أبو هيثم) فرحب بي قائلا: "رجعت سريعا؟". وسألته عن الوضع الميداني، فأجاب: "هاجموا سراقب، دمروها بالمروحيات". ثم فتح جهاز الكمبيوتر وشغل فيلما مكتوبا عليه "هجوم سراقب بالطائرات العمودية". شاهدت 3 مروحيات حربية تتناوب على إطلاق الصواريخ. قلت له: "والآن لمن وصل الدور؟". فقال: "جرجنار (10 كيلومترات شرق معرة النعمان) انتقلت كتائب الأسد إليها وبعض القرى المحيطة بها مثل الدير الشرقي الذي يحتضن قبر الخليفة "عمر بن عبدالعزيز"، وتم تنفيذ الخطة ذاتها من قتل ناشطين وعناصر للجيش الحر والتنكيل بالأهالي وتشريدهم وتخريب المحلات التجارية وحرق بعض المنازل التابعة لنشطاء سياسيين أو منشقين وتدمير المشفى الميداني وجرائم اغتصاب طالت إحداها فتاة في السادسة من العمر". رعب وقلق كنت أستمع وقد تفهمت مشاعر الثوار في إسطنبول، فبعد عام من الأخبار السيئة تتصالح معها، كنت أتحاشى أن أنظر إلى الجدار الذي أعدم عليه ثامر، أو الموقع الذي قابلته به، لا يزال الألم يعذبني وضميري غير مرتاح لأنني ربما لو ساهمت ببعض الدولارات لأنقذت حياته وحياة آخرين. لم أعد أستمع إلى معلومات قائد الجيش الحر (أبو هيثم) الذي كان يتكلم عن جرائم النظام فقد تعودنا عليها مع إسرائيل في فلسطين والآن أصبحنا أقرب منها على يد قادة عرب. لكنه لا يزال يتحدث على الرغم من أنه لاحظ أنني توقفت عن الكتابة، لكن جهاز التسجيل لا يزال يعمل على الطاولة التي جلسنا عندها. قال: "لا يمكن هنا إهمال حالة الصدمة التي يقوم الجيش بإحداثها عن سبق إصرار، فهو يستعمل كل الوسائل التي تحدث حالة الرعب والقلق والترقب من قبل أهالي البلدات الأخرى لتوقعها اقتحام الجيش في أي لحظة وليس بيدها أي إمكانات متكافئة للدفاع عن نفسها، فلا دعم خارجيا ولا عربيا ولا إسلاميا سواء بالمال أو العتاد، وحتى المساجد التي يتم التكبير خلالها أثناء هجوم الجيش فهي أيضا تتعرض للقصف لإسكات من بها وإخراج من تحصن فيها". نريد سلاحا فقط تحدث العقيد أبو هيثم على الجهاز، وقال: "إن عميدا في الجيش السوري أبلغهم بالخطوات التالية للجيش في محافظة إدلب ستتوجه إلى تفتناز (لتنفيذ الهجوم الثاني عليها بعد هجوم بالمروحيات تم قبل أيام) ثم معرة النعمان ثم بنش ثم معرتمصرين، نحن سننتصر بإذن الله لأننا لسنا جيشا عاديا منفصلا عن الناس، نحن نمثل الدرع الحامي للشعب ليعبر عن إرادته في إسقاط النظام وكان انشقاقنا عن الجيش النظامي لأننا رفضنا قتل الناس المدنيين وقمنا بواجبنا، لكننا نعاني من نقص حاد في الأسلحة والذخيرة. لا نريد مساعدات تصلنا على شكل ملابس لا نريدها لا نريد طعاما لا نريد إلا السلاح والذخيرة فالمدن والبلدات التي سقطت كان سقوطها بسبب غياب التسليح والمساعدة للجيش الحرّ". أبلغته بأني أريد الوصول إلى سراقب قبل الصباح، فقام بإجراء كل الترتيبات وهي قريبة جدا، لكن الخوف كان من الحواجز الأمنية التي أصبحت ترافقها دبابات ومدرعات تشكل خطرا، رافقنا ضابط من الجيش الحرّ وانطلقنا باتجاه سراقب لكننا أضعنا نحو ثلاث ساعات في محاولة الالتفاف على الطوق الأمني الذي كان يحاصر المدينة من كل الطرق. وبعد اتصالات وتنسيق أبلغني الضابط (الذي رفض حتى إطلاق اسم مستعار له) بأننا سنتجه إلى تفتناز بدلا عن سراقب. وافقت لأنها كانت على جدول المدن التي أريد الدخول لها. وصلنا إلى تفتناز في الصباح الباكر من اليوم التالي، وكنت نلت قسطا من الراحة في النوم في السيارة التي لم تتوقف عن الاهتزاز نتيجة استخدامنا طرقا جانبية لم نكن نسير بها حتى خوفا من الألغام، لكني وبعد وقت من الاهتزاز تعودت على الأمر واستسلمت للنوم لأستفيق مع توقف السيارة والهدوء الذي ساد المكان فجأة لأرى أننا أمام مدخل عمارة تعرضت للقصف، نزلت من السيارة مع مرافقي وتم إدخال السيارة في أحد الدكاكين التي نهبت. قطار الموت قابلت القائد العسكري الذي أوضح لنا أن قوات الجيش بدأت في استخدام واسع للمروحيات القتالية الروسية بعد أن حصل استهداف للمدرعات بشكل واسع منذ مطلع العام الحالي، وقال: "المروحيات تخرج من المطار العسكري في تفتناز ما جعلها أحد أهم مشاكلنا على رغم أننا أسقطنا بعضها إلا أنها لا تزال تشكل هاجسا بالنسبة لمقاتلينا سنجد طريقة لإسقاطها بشكل واسع لكننا نحتاج إلى دعم إخواننا". وقال والحزن واضح في صوته: "هناك بلدات استسلمت خوفا على بناتها من الاغتصاب وعلى أبنائها من القتل نتيجة قطار الموت الذي يدمر المدن السورية والبلدات والقرى"، مبينا أن شخصيات لها ارتباط مع النظام عملت تسوية بين الجيش النظامي وتلك القرى ضمن شروط ثلاثة فرضها النظام الدكتاتوري عليها، وهي تسليم السلاح من قبل عناصر الجيش الحر في تلك البلدات إلى الجيش النظامي، وإزالة الألغام التي زرعها عناصر الجيش الحر في تلك البلدات، وإيقاف التظاهرات السلمية تماما في مقابل عدم اقتحام الجيش النظامي لتلك البلدات. سألته: "ما هي البلدات التي استسلمت؟"، فأجاب: "معرتمصرين (8 كيلومترات شمال إدلب)، وكفريحمول (12 كيلومترا شمال إدلب)، وهناك قرى أخرى ربما تضطر إلى عمل مثل هذه التسويات بسبب نقص السلاح والذخيرة وتخلي العالم عنا بمن فيه الأصدقاء". قلت له لماذا كل هذا الهجوم في الشمال السوري؟ فقال: "لا يا عزيزي هذا الوضع ينطبق على مدن منكوبة أخرى ومناطق عديدة في سورية كريف دمشق وحمص وحماة وريف حلب ودرعا وبقية المدن والبلدات وما خفي كان أعظم". اتصال ومغادرة وجاءه اتصال، فاعتذر وقال "أعود بعد قليل". ثم عاد وقال "عليكم المغادرة، هناك هجوم قد يبدأ بعد ساعة". ونادى على محمد العقلا وقال: "آسف لا تستطيعون البقاء هناك هجوم قريب ولا نريده أن يتعرض لأذى". نظر لي مرافقي وقال: "خالي علينا الذهاب لبنش". وافقت وتحركنا وأنا اشعر بعدم الارتياح لكني لا أريد أن أشوش عليهم، وأضيف عليهم حملا. تحركنا في الرحلة التي كان يفترض أن تكون قصيرة جدا لكن التغير المفاجئ في الاتجاه ومرور الوقت الطويل والهمسات والإشارات بين مرافقي والسائق وتخفيضه لصوت الجهاز جعلتني أستفسر عن الوضع لأعلم منه وبعد إلحاح مني أخبرني أن مدينة بنش تتعرض لهجوم واسع جدا وأنهم لا يجدون طريقا للدخول فهي محاصرة وقد تعرضت لقصف متواصل لساعات. واقترح بعد اتصالات على الجهاز أن نتجه إلى سرمين لمقابلة ضابط من الاستخبارات الجوية أنشق حديثا، فوافقت على الفور، وبعد تجاوزنا لعشرات من نقاط المراقبة والتفتيش التي أصبحت منتشرة بشكل واسع دخلنا سرمين، وكان الوضع فيه الكثير من الترقب مع وصول أصوات انفجارات بعيدة كانت من بنش وإدلب في وقت واحد. هرعنا إلى شقة ومنها عبرنا جدارا محطما لنقابل العميد المنشق يعرب (أبو شريف)، عرفني بنفسه وقال: "نحن مجموعة من الاستخبارات قررنا الانشقاق في حلب فقد تحولنا من حماة للشعب نحارب إسرائيل إلى حلفاء لإسرائيل نحارب شعبنا وهو ما رفضناه.. لقد اكتفينا من الكذب والخداع والنفاق واستغلال القضية الفلسطينية". سألته عن موقف السعودية فقال: "دول الخليج وعلى رأسها السعودية مواقفها شجاعة لكن لم تصلنا مساعدات على الأرض، ولدى الجيش الحر نقص حاد في الذخيرة". الجهود الخليجية قلت له هناك جهد سياسي خليجي: فأجاب: "نشكرهم عليه نقدر تعاطف الناس معنا لكننا نموت ولا يفيدنا التعاطف ولا يدفع عن أهلنا الجوع والصواريخ والقتل. لكننا نحتاج إلى دعم من أصدقائنا الذين لم نجد فيهم غير دول الخليج وتركيا فقط". سألته عن المساعدات الخارجية التي تصل نظام الأسد، فقال: "هنا الموضوع مختلف فنحن في الاستخبارات الجوية نعلم تماما ولدينا وثائق عن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر التي وصلت من إيران وعناصر الحرس الثوري الإيراني بخاصة من جيش القدس، وعبدالملك الحوثي أرسل 200 عنصر شاركوا في معارك جسر الشغور ومعرة النعمان وعناصر حزب الله في كل فرقة مجموعة صغيرة منهم يقتلون من لا ينفذ التوجيهات ويربطون ربطات صفراء على أكتافهم وأذرعتهم". الثريا مخترقة قلت: "ماذا أيضا؟ هذا مهم"، فأضاف: "توقف الجيش الحر عن استخدام الثريا، فالموظفون الإيرانيون أو المتعاونون مع إيران مخترقون لها داخل الشركة الإماراتية والاستخبارات الإيرانية وفرت لنا في الاستخبارات هذه التقنيات فأصبحنا نسجل المكالمات على الثريا، فيما وفرت موسكو فريقا من المستشارين العسكريين للفرقة الرابعة التي تتولى إدارة غرفة العمليات الأمنية العسكرية المشتركة التي يقودها العميد ماهر (الأسد)، فيما كانت تصلنا تقارير من مواقع الاستطلاع البحري الروسية التي كانت تساعدنا في مراقبة عمليات تهريب الأسلحة إلى سورية". قلت له: "روسيا أرسلت مستشارين مثل الرائد إيليا كورينيف الذي عمل في معسكر خان قلعة ضمن فريق المستشارين العسكريين للقذافي؟ هل يدربون؟" فقال: "نعم فريق كبير للعمليات الخاصة ومكافحة الشغب والاستخبارات وكما كان لهم دور في تدريب أفراد اللواء المعزز 32 بقيادة خميس القذافي، فهم يدربون القوات الخاصة ويشاركون جيش القدس في تدريب الفرقة 101". قلت له: "تقصد قوة النخبة الرئاسية الوحدة 101؟"، فقال: "اسمها فرقة النخبة 101 وهي جديدة تتبع لماهر الأسد أيضا وعناصرها غالبيتهم من الحرس الجمهوري والاستخبارات". عناصر روسياوإيران سألته عن قوات تشارك في العمليات من روسيا أو إيران فقال: "هناك من العراق كثير من العناصر المتطوعين من الأحزاب الشيعية يدعون معركة إيران ومتخصصون في تعذيب من هناك. توجد قوات كبيرة روسية في طرطوس لكنها لا تقاتل ضد الجيش الحر لكنها توفر معلومات استخبارات وصور أقمار صناعية وتشارك في الخطط وتوفر أسلحة وتقنيات. من إيران هناك عناصر من جيش القدس وأمسك الجيش الحر في عملية سبعة منهم في حمص مات واحد من قصف القوات السورية وباقي ستة". سألته عن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، فقال: "نعم تصلنا منهم معلومات متواصلة عن مواقع تجمع الجيش الحر وهذا ما تسبب في توجيه راجمات الصواريخ والمدفعية بشكل واسع". سألته عن نوعية الأسلحة التي قدمتها إيران فقال: "هناك رشاشات تأتينا من روسيا وأوروبا سأحضر لك وثائق أريدك أن تطلع عليها". في هذه اللحظة دخل علينا العقيد أبو هيثم قائد الجيش الحر في سرمين، وقال لي: "اعتذر منك، جاء اتصال من لواء في الجيش السوري وسألني هل لديكم شخص سعودي فاستفسرت عن سبب سؤاله ليبلغني أن الاستخبارات العسكرية السورية يحققون ويبحثون عن سعودي موجود في سورية وأعطونا أوصافك فيجب أن تخرج فورا". فقلت له :"أحتاج إلى ساعة". فرفض وأرسلني فورا في سيارة أخرى مع سائق آخر ومرافقي إضافة إلى عنصر مسلح حيث قاد السائق السيارة بسرعة بالغة، وقال لي: "لا تقلق اللواء أمن لك الطريق". وهذا ما أقلقني حقا أن أخرج بعلم لواء في الجيش السوري، ونزلت مع مرافقي ومشينا نحو 500 متر وصولا إلى الحدود التركية لأودع التراب السوري وأنا لا أعلم متى أراه مجددا.