مع استمرار تجارة حليب الإبل لسنوات عدة على أطراف مدينة جدة ورغم الطابع غير المنظم لهذا النشاط، يدرك باعة حليب الإبل أهمية الترويج لسلعتهم وضمان بقائها بين الأجيال المتعاقبة وفي مجتمعات متغيرة ومتطورة بشكل مستمر. فلم يعد سرد الفوائد البدهية لحليب الإبل عنصراً ذا جدوى بل تعدى الأمر ذلك ليصبح التسويق له أكثر جدية، إذ يقول أحد الباعه بمنطقة أبرق الرغامة، هناك العديد من الأطباء يترددون عليه لأخذ عينات من إبله لفحصها في مختبراتهم ولأنه يدرك أهمية هذا الأمر فهو لا يطلب مقابل ويقدم هذه الخدمه لهم عن طيب نفس وخاطر. وفي موقف آخر، اقترح أحد باعة حليب الإبل في منطقة "الخمرة" جنوبي جدة على أحد مرتادي المنطقة بخلط كمية قليلة من بول الإبل مع حليبها قبل شربه لفوائدها الصحية ولكن باءت محاولته بالفشل، رغم انتشار هذه الظاهرة وعدم تردد الكثير من زبائنه من شرب هذا "الخلطة" على حد قوله. فرغم صحة بعض المعتقدات إلا أن تلوث حليب أو بول الإبل له مخاطر عديدة أكثر من فوائده. ومع زيادة الطلب على حليب الابل إلا أن أغلب الباعة لا يراعون الجانب الصحي أو حتى البيئي بقدر اهتمامهم بالربح المالي السريع. فالطابع العشوائي منتشر في جميع الحظائر المختصة بتجارة حليب الإبل، فالنظافة شبة معدومة داخل الحظائر التي في العادة تكون صغيرة ومكتظة بالإبل الكبيرة والصغيرة منها أو حتى المريضة والتي تحتاج لعزل. ويبدو ظاهرا للجميع عدم تعقيم أدوات الحلب واستخدامها المتكرر سواء من قبل الزبائن أو الباعه طيلة اليوم، إذ يؤدي ذلك إلى تدني إنتاج الحليب و تلوثه و سهولة انتشار الأمراض المعدية بين عامة المستهلكين. وفي هذا الشأن يقول الدكتور الطيب عطاالله الطيب هناك الكثير من الأمراض التي تصيب الإبل جراء حبسها لفترات طويله في الحظائر ك"الأوديما"، وهو تجمع السوائل في ضرع الناقة وتورم وإصابة مفاصلها، فتسريح الإبل ومشيها في المراعي يساعدها في زيادة نشاطها وصحتها وجودة إنتاجها. وذكر أن عملية إدرار الحليب تعود إلى تغذية الإبل بكميات كبيرة من البرسيم وليس كما يتداوله الكثير عن إبر منشطه إذ يعتبرها لا صحة لها وأنها مجرد وسيلة ترويجية تجارية لهذا النوع من الإبر. وفي نفس الوقت أكد أن نباتات المراعي الصحراوية أفضل لإنتاج حليب عالي الجودة إذ تتنوع المصادر الغذائية، وبالتالي لا تتسبب لدى الإبل في مشاكل كالإمساك الناتج عن تغذية الإبل بمصدر واحد أو الاعتماد في تغذيتها على الخبز القديم الذي يحتوي على فطريات. ويشدد الطيب على أن الخطر الأكبر يتمثل في عدم نظافة الأدوات المستخدمة وأيضاً شرب الحليب مباشرة من غير غليه إذ يساعد ذلك على انتشار البكتيريا ونقل بعض الأمراض مثل البورسيلا أو الحمى المالطية. ويشيع عند بعض أهل البادية أن الإبل كائنات "حرة" يؤدي حبسها في الحظائر إلى أمراض نفسية قد تؤدي إلى تقليل إنتاجها أو حتى نفوقها إذ يفضل ترك الإبل حرة طليقة في مسارح شاسعة.