لا تزال روسيا متمسكة بموقفها من الأزمة السورية بالرغم من الضغوط الغربية والعربية التي تطالبها بمزيد من الحزم إزاء حليفها السوري وهي غير مزمعة على ما يبدو على تبديل هذا الموقف بعد عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين. فبعدما جرى انتخابه رئيسا لولاية ثالثة بعد ولايتين متتاليتين استمرتا من عام 2000 إلى 2008، أكد بوتين أول من أمس أنه ينبغي عدم توقع "تغيرات معينة" من موسكو، مشيرا إلى أن المسائل المتعلقة بسورية وأيضا بإيران تعالج بقرار جماعي على أعلى مستوى الدولة. وكانت وزارة الخارجية الروسية نبهت الثلاثاء الغربيين من "أن لا يأخذوا رغباتهم على أنها حقائق. فالموقف الروسي من تسوية النزاع في سورية لم يكن يوما مرتبطا بأحداث ظرفية، وهو لا يتقرر بناء على دورات انتخابية، خلافا لما يفعل بعض شركائنا الغربيين". وجاء ذلك التنبيه قبل اجتماع حول سورية غدا في القاهرة حيث سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نظراءه في دول الجامعة العربية الذين انتقد بعضهم موقف موسكو من الأزمة السورية. وصرحت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون الثلاثاء الماضي أنه "من المهم" الآن وقد انتهت الانتخابات الرئاسية الروسية "مواصلة السعي لإقناع روسيا بالاضطلاع بدورها في مجلس الأمن الدولي". وعبرت الولاياتالمتحدة من جهتها عن أملها في أن تتبنى موسكو "موقفا جديدا إزاء المأساة في سورية" حيث أسفرت عمليات قمع النظام عن سقوط حوالي 8500 قتيل منذ بدء الحركة الاحتجاجية في مارس 2011 بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. لكن موسكو لا ترى الأمور من هذا المنظار. وردت وزارة الخارجية بأنه "لا ينبغي قياس كل شيء بمعيار شخصي"، مكررة رفض موسكو لأي تدخل في النزاع السوري، وفق الخط الذي انتهجته منذ البداية روسيا التي لا تزال تبيع أسلحة للنظام السوري. وشددت الوزارة الروسية على "أن هذا النزاع لا يمكن حله إلا من خلال حوار بين كل الأطراف، يتخذ السوريون في إطاره القرارات المتعلقة بمستقبل دولتهم"، فيما يطالب كثير من القادة الغربيين برحيل الرئيس بشار الأسد. لكن لافروف أكد مطلع الأسبوع أنه "من الضروري المطالبة بحزم بأن تضع الحكومة السورية حدا لأعمال العنف في المناطق المأهولة"، في ما يبدو تشديدا من موسكو للهجتها إزاء نظام الأسد. وأضاف لافروف أن لقاء القاهرة قد يكون "فرصة مهمة لإجراء دراسة معمقة للوضع" وعرض "أفكار مهمة يمكن طرحها فيما بعد في إطار دولي أوسع".