حياة السلفات (زوجات الإخوة) دراما مليئة بالأقنعة التي تتوجها الغيرة، ويقول المثل الشعبي "مركب الضراير سار مركب السلفات احتار". وفي مثل آخر "دم الضراير اختلط ودم السلفات جمد"، فلم يدر في خلد هند المتزوجة حديثا والتي تقطن مع زوجها في بيت العائلة المكون من ثلاثة إخوة أكبر من زوجها مع زوجاتهم (سلفاتها) بأن الغيرة والحسد قد تمس من العلاقات الأسرية، وأن هناك كما هائلا من المقالب بانتظارها كونها جميلة وصغيرة وموظفة، ولم تعلم هند بأن هناك مؤامرات تحاك في الخفاء من قبل سلفاتها للنيل منها، ولإنقاص قدرها عند العمة وهي أم الزوج، فبعد شهر من زواجها فضلت هند الذهاب إلى مطبخ العائلة والاختلاط بسلفاتها، وقبل أن تصل إلى مبتغاها وقع بصرها وسمعها على زوجة الابن الأكبر وهي تحيك مؤامرة للنيل من سلفتها الثانية بمساعدة السلفة الثالثة، وكما تروي هند: في هذه اللحظة كتمت أنفاسي وأدركت أنني في مكان لا يمكنني العيش فيه، فقد نشأت على محبة الجميع ولا مكان لدي للغيرة أو المؤامرات بحسب تربيتي، وفضلت أن أصارح زوجي بذلك الذي فاجأني وهو الإنسان المتعلم بقوله: "أفعلي أي شيء يقربك من أمي وشقيقاتي، وحاولي أن تكوني مع (أم غسان) فهي ذكية ولديها تدابيرها لتقربك إلى أمي دونما الأخريات"، واستطرت هند بحسرة وخيبة أمل كلامها حيث قالت: لا يمكنني فعل ذلك ولن أخضع لقول زوجي، فأنا على طبيعتي، ولا يمكنني تدبير المكائد لأحد، ولن أرضى بأن أكون غير ذلك. ختمت هند حديثها ل"الوطن" بتلك المثاليات، وساقتنا إلى موضوع في غاية الأهمية من شأنه تمزيق العلاقات الأسرية في الأسرة الواحدة، فما هي الدوافع التي تجعل من السلفات أعداء؟. وكيف يمكن التغلب على تلك المكائد في محيط الأسرة الواحدة؟. وهل تؤثر علاقة السلفات على أبنائهن في المستقبل؟. وما دور الأزواج في التصدي لتلك الغارات؟. وهل الزلفى لأم الزوج وممارسة فنونها تتطلب تلك المكائد؟. تقول السيدة أم علي 37 عاما: مشاكلي الأسرية لا تنتهي والسبب في ذلك غيرة سلفتها أم حاتم 40 عاما، وبحسب قولها: فإنه لا يكاد يمر يوم دون أن يكون هناك فصل من فصول غيرة سلفتها، الذي ينكد عليها وعلى بقية الأسرة حياتهم، وتتابع أم علي قائلة: "سلفتي تسكن في الشقة المقابلة لي في بيت العائلة، حيث فضل زوجي السكن مع والدته بعد وفاة والده مؤخرا، ومنذ ذلك اليوم وأنا في عراك دائم معها وهي التي تحاول جاهدة التقرب من عمتي أم زوجي عن طريق المؤامرات والخطط التي تتقنها وتخرج منتصرة علي في النهاية، وعن السبب في كل ذلك تقول: ليس هناك سبب يبرر غيرتها بهذا الشكل، أو لربما كان السبب الوحيد هو كوني موظفة وهي لا، وقد يكون السبب هو إجادتي لفنون الطبخ ولي نفس في الطبخ والجميع يشهد لي بذلك، وينتظر جميع العائلة بفارغ الصبر اليوم الذي يأتي علي الدور لأعد لهم الأطباق الشهية. وعن غيرة السلفات تقول أخصائية التربية الأسرية تهاني العافت: إن من أهم الآثار السلبية لغيرة السلفات هي ما يمس العلاقات الأسرية، فالغيرة من شأنها أن تفتك بعلاقات الأسر فتظهر العلاقات غير المتوازنة داخل محيط الأسرة الواحدة. وتتابع العافت قائلة: يدق ناقوس الخطر في الأسرة جراء غيرة السلفات عندما تمتد إلى أزواج السلفات وأبنائهن، ومن هنا تتسع دائرة الغيرة لتقضي على الأخضر واليابس بل تتعدى ذلك إلى علاقة الأبناء بأمهم التي قد تنجرف في بعض الأحيان إلى زوجة ابن دونما الآخر، في حال كانت زوجة الأخير لا تجيد تلك الفنون السلبية، وعن أسباب تلك المكائد قال العافت: هناك أسباب كثيرة ولعل من أهمها الغيرة التي تجد بيئتها الخصبة في البيوت الممتدة في حال غاب التوجيه والتصرف بحكمة من قبل الأزواج، وعن المبرر لتلك الغيرة تقول: الغيرة بين السلفات لها أسباب عدة فمنها ما يتعلق بالناحية الاقتصادية خاصة إذا ما كانت إحدى السلفات موظفة والأخريات غير كذلك، وفي بعض الأحيان يكون للجمال دور في إثارة تلك الغيرة والتحفيز لها. وتنصح العافت السلفات بضرورة تحري الوعي والاقتناع بما قسمه الله، ودعت إلى ضرورة تحكيم العقل من قبل الأزواج في الحد من تلك التصرفات التي تصدر من زوجاتهم فالرجل مهم جدا ويلعب دور البطولة سواء في التأييد أم المعارضة والحد من تلك التصرفات التي تسيء إلى الأسرة بكاملها وتفرز سم الغيرة في نفوس الأطفال فينشؤون تنشئة غير سوية في مجتمعهم الصغير الذي أقحم بالمكائد وعدم الاستقرار.