على الرغم من الاحتياج المتزايد لخريجى المعاهد الصحية في الوظائف الفنية في القطاع الصحي، الا ان 120 معهدا صحيا تستعد حاليا لاغلاق ابوابها امام الطلاب بنهاية الفصل الدراسي الحالي، بعد صدور قرار وزير الصحة د. عبدالله الربيعة بتخيير اصحابها بين التحول الى كليات صحية او الاغلاق النهائي. وتستند وزارة الصحة في قرارها الى اهمية الارتقاء بمستوى الخريجين في الوظائف المساندة لصالح المرضى وفقا لما هو معمول به في الخارج حاليا، فيما يؤكد ملاك هذه المعاهد عدم وجود حاجة فعلية لهذا الامر، ويتساءل احدهم: هل نحتاج الى خريج جامعة من اجل اعطاء «حقنة او سحب عينة دم من مريض». ويضيف ان هذا القرار ادى الى خسائر كبيرة للمستثمرين ويجب اعادة النظر به. وفي مقابل ذلك استبقت بعض المعاهد القرار بدراسة الدخول في تكتل والتحول الى كليات لمواكبة قرار الوزارة. وتبرز المشكلة بشكل اكبر في تجمع اعداد كبيرة من خريجى المعاهد الصحية امام وزارتي الصحة والخدمة المدنية بحثا عن حقهم في التعيين خاصة أن هذه المعاهد صدرت الموافقة على عملها من الجهات الرسمية. ويتجه اصحاب هذه المعاهد الى التحرك على محورين الاول الشكوى الى الجهات المسؤولة والثاني تحريك دعوى قضائية في ديوان المظالم ضد القرار. « المدينة» طرحت قضية المعاهد الصحية لمناقشة تعثر توظيف خريجها من البنين و البنات , بالاضافة إلى إيقاف قبول الطلاب المتقدمين لها وتحويلها إلى كليات تتبع لوزارة التعليم العالي مع اعتراض عدد من ملاك تلك المعاهد على هذا القرار. في البداية تقول عائشة. م: تخرجت في قسم العمليات الجراحية في أحد المعاهد الصحية بجدة بعد عامين من الدراسة والتطبيق العملي في أحد المستشفيات الخاصة، ولم احصل على اي فرصة عمل حتى في المستشفى الذي تدربت فيه، ويبدو اننى أضعت عامين من عمري في دراسة شيء لم أستفد منه في حياتي العملية, والآن أبحث عن عمل اخر ومن جهته يقول زياد محمد الجهني «فني عمليات»: أدرس حاليًا في معهد صحي بالمدينةالمنورة وأنتظر انتهاء الدراسة من اجل العمل ومن ثم بناء أسرة منوهًا إلى أن كثيرين ممن تخرجوا قبله لم يجتازوا اختبار «هيئة التخصصات» الذى يؤهلهم للعمل في المستشفيات، وبالتالي لجأوا الى العمل في مجالات اخرى وقال فارس عمر البهكلي: بعد التخرج لم أجد وظيفة تناسب خبراتي ومؤهلاتي رغم اجتيازى اختبار الهيئة الصحية، وقد تقدمت بحثا عن وظيفة سواء في المستشفيات أو الخدمة المدنية أو وزارة العمل وتجمعت مع زملائي وذهبنا سويًا لهذه الوزارات دون أي جدوى تذكر, وقال أين نذهب, ماذا نعمل؟ ولو كانت تلك المعاهد تأخذ أموالًا طائلة منا ومن ثم لا نتوظف بعد التخرج الأفضل أن تغلق بدلًا من أن تبقى لنهب أموال الناس. وقالت سهام فتحي: تخرجت في احد المعاهد الصحية الخاصة، وانتظرنا سنوات عدة بعد التخرج رغم وجود نقص كبير من الفنيين في المراكز والمستشفيات الصحية الحكومية والخاصة واستغرب موقف وزارة الصحة على حد قائلا: في الوقت الذى تتذرع فيه بعدم وجود أي وظائف للمعاهد الخاصة تناقض نفسها وتستقدم ممرضات من الخارج, كما استقدمت ممرضات من اندونيسيا والصين رغم انهن لا يتفوقن عنا في هذا المجال ونحن أولى وأحق بهذه الوظائف، واذا كانت الوزارة لا تريد السعوديات فلتخبرنا بصريح العبارة ومن الافضل غلق المعاهد الصحية الخاصة لافتة الى تصريح نشره احد منسوبي الهيئة السعودية للتخصصات الصحية اشار فيه الى وجود عجز يقارب 142 ألف ممرضة حيث من المتعارف عليه ان لكل 4 مرضى ممرضة واحدة وفي المستشفيات الحكومية الآن لكل 20 مريضًا ممرضة.
ملاك معاهد: لا نحتاج حملة بكالوريوس لإعطاء حقنة أو سحب دم وكان من الضرورى أن ننقل معاناة الخريجين الى المسؤولين عن بعض المعاهد وفي البداية قال رئيس مجلس إدارة مجموعة معاهد الكوادر الصحية الدكتور يحيى وزنة ان هذا القرار سيؤدي الى خسائر كبيرة لملاك المعاهد الصحية، مؤكدا حاجة الوطن الى خريجي هذه المعاهد خصوصًا أن المستشفيات تعج بالممرضات الأجانب ومساعدي طبيب الأسنان وفنيي الأشعة, وبين أن إغلاق المعاهد الصحية قرار يحتاج لإعادة نظر قبل تطبيقه بالكامل, وعن تحويل المعهد لكلية قال وزنة: هذا الأمر يحتاج لإجراءات كثيرة, ولا أعتقد أن البلد تحتاج لممرضة تحمل بكالوريوس لحقن مريض أو لسحب دم من مريض. ومن جهته استغرب رئيس مجلس إدارة معهد السباعي الصحي الدكتور زهير السباعي قرار وزارة الصحة بأنها لن تقبل للتوظيف في التخصصات الفنية والتي تشمل التمريض, والأشعة والمختبرات والسجلات الطبية, وفنيي الأجهزة الطبية, ومساعدي أطباء الأسنان, والسكرتارية الطبية, والعلاج الطبيعي, والتأمين الصحي, وفني التخدير الى آخر القائمة. إلا حملة البكالوريوس من خريجي الكليات الجامعية. وبتعبير آخر تجميد أو إغلاق المعاهد الصحية التي تخرج طلابها بشهادة الدبلوم بعد 3 سنوات من الدراسة والتدريب. وردا على سؤال مستوى الخريجين قال السباعي المعاهد الصحية الأهلية منها الجيد ومنها ما هو دون المستوى المطلوب. وخريجو هذه المعاهد بعضهم يعمل في وظائف صحية عالية المستوى وآخرون منهم سافروا الى خارج المملكة ليكملوا تعليمهم للبكالوريوس والماجستير. وقال إن المملكة تحتاج تدريب نحو 500.000 فني صحي سعودي من حملة الدبلوم خلال ال 25 سنة القادمة حتى نستطيع تغطية 70% من احتياجاتنا الى الفنيين الصحيين السعوديين. واشار الى ان الموجود حاليا هو 55.000 فني صحي سعودي فقط بمن فيهم هيئة التمريض تم تدريبهم على مدى 50 سنة مضت, مشيرًا إلى أنه استنادا الى إحصائيات وزارة الصحة يوجد في المملكة نحوا من 53.000 طبيب بشري وطبيب أسنان، وبعد 28 سنة سيتضاعف عدد السكان شأنها في ذلك شأن أغلب بلدان العالم النامي. ومن ثم لكي نحافظ على نفس معدل الأطباء للسكان سنحتاج يومها الى 106.000 طبيب بشري وطبيب أسنان. ولفت الى أن المعدلات الدولية تشير في المتوسط الى الحاجة ل 10 فنيين صحيين في جميع المجالات العلاجية والوقائية والإدارية الى كل طبيب. (المعدل الحالي لدينا هو 2.9 فني صحي لكل طبيب وهو معدل متدن بكل المقاييس). واذا نظرنا الى الولاياتالمتحدةالأمريكية نجد هناك أكثر من 30 فنيا صحيا لكل طبيب. وكل هذا يعني أننا سنحتاج يومها الى ما لا يقل عن 1.060.000 فني صحي. ولو اكتفينا بأن يكون 70% منهم سعوديين بدلا من النسبة الحالية وهي 40% فإننا سنحتاج الى ما لا يقل عن 700.000 فني صحي سعودي ولو افترضنا ان 25% منهم سيكونون من حملة البكالوريوس أي 175.000 وسنحتاج الى 525.000 من حملة الدبلوم. وفي إجابته على سؤال بشأن العقبات التى تمنع أن يكونوا جميعهم او أكثرهم من حملة البكالوريوس, بين الدكتور السباعي ان هناك أسبابا كثيرة تحول دون ذلك. أولها تحويل حامل البكالوريوس ليقوم بمهام يمكن لحامل الدبلوم أن يقوم بها سواء في عنابر المرضى أو العيادات الخارجية أو المراكز الصحية وفي ذلك إهدار للموارد البشرية. والثاني لو أننا سألنا وزارة التعليم العالي عن العدد الذي يمكن أن تخرجه الجامعات الحكومية والأهلية من حملة البكالوريوس خلال 28 سنة, ستكون الإجابة أقل بكثير من الرقم الذي افترضناه خاصة انها تفترض اشتراطات عالية في منح التراخيص لفتح الكليات الجامعية، اما الامر الثالث فهو أن العالم أجمع يعتمد في الخدمات الصحية على حملة الدبلوم أكثر مما يعتمد على حملة البكالوريوس. ورحب بتوجه الوزارة نحو الارتفاء بمستوى التعليم والتدريب في المعاهد الصحية الحكومية والاهلية على السواء، مؤكدا أن ذلك لا يعني اغلاق أو تجميد المعاهد أو المستشفيات أو المراكز الصحية. وذكر أن نسبة الفنيين الصحيين السعوديين في القطاع الصحي الخاص لا تزيد على 3% من مجموع العاملين الصحيين. وهذه النسبة يجب أن ترتفع. ولا يمكن أن يكون ذلك بفرض نسبة السعودة، وإنما ببحث القضية بموضوعية وشفافية بين الوزارات المعنية والقطاع الصحي الخاص. وأشار الى أنه بعد قرار وزارة الصحة بإغلاق المعاهد الصحية بعضها أقفلت أبوابها بعد أن تكبدت خسائر جمة في المعامل والمختبرات والفصول. وبعضها اختار الاندماج في شركة واحدة على أن تطرق أبوابا غير التدريب الصحي. وجميع المعاهد الصحية بلا استثناء سرحت الكثير من موظفيها ومنهم مواطنون كانوا يتعيشون من المعاهد. وخلص الى انه "اذا كنا نقدر للمسؤولين في وزارة الصحة رغبتهم في الاصلاح. حبذا لو كان مبنيا على الحوار الموضوعي والاحصاء الدقيق". هيئة التخصصات: 70% من خريجي المعاهد لم يتجاوزوا الامتحان كشفت مصادر مطلعة في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ل "المدينة" أن حوالى 70% من خريجي وخريجات المعاهد الصحية الأهلية لم يستطيعوا تجاوز امتحانات الهيئة في الآونة الأخيرة لضعف مخرجات المعاهد، وعدم تأهيلهم بالشكل المطلوب مؤكدة انه لا مجال للتساهل في هذا الأمر نهائيًّا. وقال المصدر إن قرار الاغلاق ينص على أن تستمر المعاهد الصحية بتدريس جميع الطلاب والطالبات المسجلين لديها قبل صدور الامر الملكي الكريم حتى تخرجهم, وقبول الطلاب والطالبات المستجدين في الفصل الاول من العام الدراسي 1432ه /1433ه فقط, بحسب الاعداد التي تحددها الهيئة في التخصصات التالية فقط وهي مساعد طبيب اسنان، التخدير، السكرتارية الطبية، العلاج التنفسي، نظم المعلومات الصحية، الصحة المهنية، المراقبة الصحية، الاجهزة الطبية , مبينًا أن هذا القرار ينم عن ادراك القيادة باهمية الجودة والارتقاء بالعمل الصحي في المملكة من خلال تطوير مخرجات القطاع الصحي والارتقاء بمؤهلات العاملين فيه وايجاد فرص العمل المناسبة لهم. ووفقا لنفس المصادر فانه يشترط للتقديم على الامتحانات دفع رسوم 840 ريالًا لحساب «الهيئة» لكل من الامتحان الأول والثاني، وفي حالة الإخفاق في المحاولتين يقوم الطالب أو الطالبة بدفع 600 ريال للامتحان الثالث. وفي حال إخفاقهم في الامتحان الثالث يطلب منهم اجتياز دورة تدريبية لا تقل عن 3 أشهر، ثم يسمح لهم بالاختبار الرابع، وفي حالة رسوب الطالب أو الطالبة بالامتحان الرابع، يتم إعادتهم للتأهيل من خلال الدراسة لمدة عام كامل كسنة تقوية بالمعهد، على أن تشتمل التدريب النظري والعملي حسب ما يوصي به الأساتذة بعد دراسة حالته، ومن ثم يسمح له بخوض آخر محاولتين للامتحانات، مع دفع رسوم 600 ريال بعد إعادة السنة للمحاولتين الأخيرة.