ظلت الصحافة الجامعية قصة منفصلة بحد ذاتها عن عالم صاحبة الجلالة وهو ما وضعها في مرمى "الاستهداف المهني" على خارطة الطريق الصحافية، باعتبارها صحافة تبالغ في نشر الأخبار الرسمية بكل منشط بشكل كبير لأركان أي جامعة على حساب المادة الصحافية الحقيقية التي تهم الفئة المنسية وهي مشاكل الطلاب وهمومهم وتطلعاتهم. هذه الصورة القاتمة والنمطية عن الصحافة الجامعية السعودية بدأت في التغير كما يقول المسؤول التحريري لصحيفة "منبر الجامعة" حلوش المقري، التي تمثل اللسان الإعلامي الرسمي لجامعة الطائف الذي تحدث بعد خروجه من إحدى الدورات الصحافية الخاصة لتأهيل فريق العمل الصحفي القائم على صناعة صحيفتهم الجامعية، موضحا أن هناك وعيا مطردا في أن تكون صحافتنا المتخصصة مكملة لرسالة الجامعة تجاه المجتمع الجامعي الخاص والمجتمع المحلي عموماً مما سينعكس على مستواها التحريري بشكل أكثر مقروئية. حلوش يمضي في سرده ورسائله التي قال عنها: إنها ستكون مباشرة وحملت مزيجاً أيضاً من "الدفوعات القانونية" عن رئيس جامعته بالقول: أحببنا أن ننهي عزلة الصحافة الجامعية عبر التثقيف المهني للفريق الصحافي المسؤول عن تسيير أعمال الصحيفة، عبر استصدار قرار من الهرم القيادي الأول في الجامعة الدكتور عبد الإله باناجه، يبني الثقافة المهنية للفريق التحريري المسؤول عن صياغة الصحيفة الرسمية للجامعة عبر ملتقيات إعلامية واسعة ومتخصصة من حيث الدورات والأمسيات الإعلامية المتخصصة والاحتكاك بخبراء متمرسين في المجال التأطيري والمعرفي الصحافي، من أجل أن تكون الصحيفة الجامعية متنفساً حقيقياً عن آراء الطالب وهمومه وناقلاً أميناً لها". لم تكتمل قصة أزمة عقود من قوالب "الصحافة الجامعية" الجامدة، فكانت العودة إلى المدونة الإلكترونية. المتخصص في الصحافة الجامعية الدكتور عبيد بن سعد العبدلي، حينما سئل سؤالاً سابقاً مهنياً في الصميم هل يمكن للصحافة الجامعية أن تكون مقروءة؟ قال :" نعم ولم لا"، ليضع بعدها في سياق إجابته حزمة شروط منها أن "تفرض نفسها على القارئ بأن تنقل همومه وتستجيب لحاجاته وتلامس واقعه واهتماماته فيجدها المسؤول وسيلة لربطه بنطاق مسؤولية، وتحمل له ردود الفعل على قراراته بأمانة تامة". إلا أن الدكتور العبدلي الذي رأس تحرير ثلاث صحف جامعية أضاف إشكالية رئيسة في الشكل المهني للصحافة الجامعية تتعلق بذهنية "المسؤولين الجامعيين" برغبتهم في جعل صحيفتهم تخاطب المجتمع المحلي بإيصال رسالة الجامعة لهم إلا أنهم "لا ينجحون في ذلك" ما دامت "العقلية داخل أسوار الجامعة"، مستشهداً بعدد من المواقف ضمنها عدم رغبة المسؤولين الجامعيين في مناقشة مشاكل الطلبة الداخلية باعتبارها "نشرا للغسيل أمام المجتمع" كما يقول. أغلب الانتقادات الموجهة صوب الصحف الجامعية عموماً "الحجم الهائل" من كلمات المديح والثناء وإبراز المنجزات على حساب الطلبة ومشاكلهم "الدراسية" أو حتى اللوجستية المتعلقة بتحصيلهم الدراسي، إلا أن المسؤول التحريري في صحيفة منبر جامعة الطائف يعطي – وفقاً له- خاصية مختلفة وهو يدلي بكلمة "سر" يقول: إنها ركيزة أساسية في إعادة بوصلة صحيفة الجامعة التي يقف خلفها رئيس الجامعة، لتكون واجهة حقيقية تبتعد فيها عن الرسميات والتعامل مع الخبر الجامعي وفقاً لمعطيات الصناعة الإعلامية المحترفة والطالب هو الأساس فيها. لم تكن القضية "الإعلامية الجامعية" على المنوال ذاته في رأي مطور البرامج الإعلامية الخاصة علي المراني الذي يقول: الإشكالية المهنية في صحافة الجامعات تقع على عاتق الفريق المهني المتخصص، الذي يستطيع أن يقنع من خلالها المسؤول الجامعي أياً كان منصبه ومركزه الإداري بضرورة تطبيق "المعايير المهنية الصارمة" في الذراع الإعلامي الرسمي لأي صحيفة جامعية. وفي سياق متصل، يشير المراني إلى أنه من خلال "اتصاله الاستقصائي" مع عدد من المسؤولين الجامعيين اتضح أنهم "يميلون إلى عدم الراحة لظهور الصور المبالغ فيها في صحف جامعاتهم التي تتكرر في بعض الأحوال لأكثر من 6 مرات في العدد الواحد"، واضعا ذلك في خانة "السلبية والتزلف غير المحمود".