مطر الأحمدي رقم صعب في الصحافة السعودية، ترى نتاجه وتقرأ لمطبوعته فتظن أنك في حضرة قيصر للصحافة، وما إن تجلس إليه حتى يتبدد كل ذلك، يشعرك بأنه الأقل موهبة والأكثر حظاً، ويزعم أن كل شيء يأتيه ولا يذهب هو إليه. بدأ رئيس تحرير مجلة «لها» صحافياً رياضياً في الداخل، ثم هاجر إلى لندن واحترف السياسة، ولأنه سياسي محنك هرب لعالم النساء وهناك سدد كل فواتيره المتأخرة. يدين لدراسته في أميركا لأنها منحته تسامحاً مع الآخر ومنعته من تشدد وتطرف كاد يذهب إليه. عاش طفولته في دار الأيتام التي يرى أنها المؤسسة الفاعلة التي صنعت اسمه وعقله ومنحته الضوء الأخضر لينطلق. مطر الأحمدي له من اسمه نصيب فهو غيث لكل أحد، ويحمد ربه كل حين على أي حال. في حوارنا معه هناك حديث عن الهلال وعن رجال الدين وعن دبي ... فإلي تفاصيل الحوار: وأنت تقترب من الستين.. كيف تقرأ العقود التي مضت؟- عندما نصل إلى مرحلة معينة من العمر نحاول تعزية النفس بمجموعة من الأقوال والأمثال التي لا تقدّم ولا تؤخر ولا توقف قافلة الأيام والأسابيع والشهور والعقود. نقول: إن العمر مجرد رقم، ونقول: إن الحياة تبدأ بعد الأربعين، ثم الخمسين، ثم الستين، ثم السبعين.أحمد الله الذي أسبغ نعمه الباطنة قبل الظاهرة عليّ، وإذا كان الراحل الكبير الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي، رحمه الله، لم يخطط لمنصب أو مركز وصل إليه، باستثناء التعليم في الجامعة، فأنا لم أخطط لشيء في حياتي، من هجرتي من البادية إلى المدينة، ومن المدينةالمنورة إلى الرياض، ومن الرياض إلى أميركا، ومن الرياض إلى لندن، ومن لندن إلى بيروت. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لغيّرت الكثير في حياتي (180 درجة). مثلاً؟لكنت تزوجت في سن العشرين أو قبلها، وأنجبت ثلاثة أو أربعة أبناء (صبيان أو بنات). ولدرست الطب وأصبحت باحثاً يحاول اكتشاف أدوية للأمراض التي تفتك بالبشرية، لكني راضٍ بقدري، وكل يوم أدعو الله: «اللهم يا سميعُ متّعني بسمعي، ويا بصير متّعني ببصري، ويا قوي متّعني بقوتي، ما أحييتني واجعله الوارث مني». ثنائية البدوي والحضري.. هل جعلتك بلا هوية؟- بل وفّرت لي هذه الثنائية هويتين أختار بينهما، بحسب الموقف. أن تعيش في دار أيتام 11 عاماً... ألا يمنحك ذلك نقمة على المجتمع أكثر؟- ولماذا أنقم على المجتمع؟ لم يقتل والدي، ولم يحرمني أمي. دخولي دار الأيتام أجمل وأهم حدث في حياتي، أشكر ربي على نعمته هذه. كنا في دار الأيتام أفضل حالاً من نصف من هم في سننا خارج أسوار الدار، لو لم يدخلني خالي، أطال الله في عمره ومتعه بالصحة، دار الأيتام لما عرفت الطريق إلى المدرسة، وبالمناسبة، بقيت في دار الأيتام 12 عاماً. عندما اكتشفت أن لك أماً وإخوة.. ما الذي ألجم قلبك فلم تعلن الحب كله؟- هل تسمع بالمثل القائل: الأم هي التي تربي وليست التي تلد؟ حب الأم والعائلة كلها يتكون مع حليب الرضاعة، وعشرة السنين الأولى. الحب، بكل أنواعه، ليس قراراً نتخذه ساعة نشاء، هي مشاعر لا نستطيع التحكم بها وبمسبباتها. الحب يختلف عن القيام بالواجب، وهو ما حاولت القيام به، تربطني بزملائي الذين كانوا معي في دار الأيتام علاقة حب رائعة. تخصصك في الكيمياء... ماذا منح تفاعلاتك الحياتية؟- علمتني الكيمياء أن الحياة مجموعة من المعادلات. كنت مشروع أستاذ جامعي.. من بدّد حلمك؟- صحيح أنني كنت معيداً في جامعة الرياض (الملك سعود) لكني لم أكن قبل ذلك مشروع أستاذ جامعي، بل كنت مشروع طبيب ناجح، لكن ظروفي في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية بدّدت الحلم كله، على رغم أنني كنت بفضل الله من الأوائل في المرحلة التي قبلها. أردت أن أعيد العام الدراسي، لكن كبار المسؤولين في وزارة المعارف رفضوا ذلك، وكان من غير المسموح به البقاء في دار الأيتام إذا لم أكن منتظماً في المدرسة. ولم أكن أستطيع الحصول على بعثة خارجية. يا أخي، «لو» تفتح عمل الشيطان. أحمد الله على كريم نعمه. ابتعثت للدراسات العليا في علم الوراثة فخدعت الملحقية الثقافية ودرست الإعلام.. هل تنصح المبتعثين بخداع الملحقية كثيراً؟- عملتُ في الصحافة قبل حصولي على البعثة، وعندما وجدت نفسي في أميركا، أدهشني الإعلام هناك، بكل وسائله، حينها عرفت معنى «السلطة الرابعة»، فأحببت أن أصبح واحداً من رجالها. وقررت دراسة الإعلام، فحصل ما حصل. وأنا لا أشجع المبتعثين على خداع الملحقية الثقافية، لكني أشجع الملحقية الثقافية على إتاحة الفرصة للطلاب المبتعثين لدراسة ما يرغبون. المملكة ستستفيد من كل تخصص، ولا سيما في المرحلة الماضية، وهنا يحضرني ما كتبه المرحوم الدكتور غازي القصيبي في إحدى رواياته، عندما غيّر تخصصه ولم يرفض طلبه، لأنه كان مبتعثاً من شركة أرامكو التي تستفيد من كل تخصص. الدراسة في الخارج.. هل هي سبب إعادة صياغة توجهات حياتك؟- قد يكون ذلك صحيحاً، لكن الأهم من ذلك أنني عرفت «الآخر» في أميركا، وأجدها فرصة، ولو متأخرة، لأشكر حكومة بلدي التي أتاحت لي تلك الفرصة. البعثة طهرت نفسي من التشدد والتطرف. عشت عن قرب مع مجموعة من البشر تشاركنا في رابطة الإنسانية، وإن اختلف المعتقد. الكل يعبدالله على طريقته. وجدتُّهم أكثر صدقاً من بعض المجتمعات التي أعرفها، وأكثر حباً للعمل وإتقاناً له. وقبل ذلك كله وجدت التسامح الحقيقي. وأكررها مرة أخرى: لو لم أنته في أميركا في تلك السن لربما كنت في عداد المتطرفين. في صحيفة «الجزيرة» لم تكمل أسبوعين، وأصبحت رئيس القسم رياضي... من صنع هذا الإنجاز؟- تقصد القرار؟ كان قرار رئيس التحرير الأستاذ الكريم خالد المالك. توسّم فيّ الخير، ولا أدري إذا كان قد تأسف على قراره.الواقع الرياضي والهلال لماذا تحظى الصحافة الرياضية بهامش من الحرية لا تناله صحافة أخرى؟- وتحظى أيضاً بشعبية لا تتوافر لصحافة أخرى. ولا عجب أن رئاسة التحرير تمرّ بالقسم الرياضي. في الصحافة الرياضية نتعامل مع لاعبين وجماهير ورؤساء أندية ومسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب. ابتعد عن الأخيرة، وبالتالي تبتعد عن المسؤولين. تستطيع أن تقول رأيك بصراحة في اللاعبين، وتنتقد الجماهير، وتعاتب رؤساء الأندية بكل حرية. ولكن الحرية لا تعطيك الحق في الإساءة إليهم. ما شهادتك عن الراحلين: فيصل بن فهد وعبدالرحمن بن سعود؟- الأمير فيصل بن فهد، رحمه الله، رجل دولة بالمعنى الحقيقي. وهو صاحب فضل كبير على الرياضة السعودية. وباختصار، لولاه لما تحقق للرياضة والرياضيين عُشر ما هو موجود الآن.عملت تحت إدارته ، في الاتحاد العربي للألعاب الرياضية واللجنة الأولمبية السعودية. كانت له هيبة كبيرة، على رغم أنه لم يكن يؤذي أحداً، لا يضايق أحداً في رزقه، يتأكد بنفسه بأن من يقدم استقالته من عمله ليس بسبب مضايقات مديريه. وأذكر مرة أنه اتصل برئيس تحرير إحدى الصحف السعودية عاتباً على موضوع نُشر في صحيفته. وفي اليوم التالي وصله خطاب من رئيس التحرير يوضّح فيه أنه بعد التحقيق في الموضوع تم فصل المحرر المسؤول. وهنا علق، رحمه الله، على الخطاب: العقاب أكبر من الجرم. أرجو أن يعاد إلى عمله إذا كان ذلك سبب فصله، وطلب من مدير مكتبه عدم كتابة أي ملاحظات إلى رئيس تحرير تلك الصحيفة. كان فيصل بن فهد من أعمدة اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم. كان صانع الرؤساء فيهما من دون تحفظ.أما الأمير عبدالرحمن بن سعود، رحمه الله، فهو صاحب فضل على مسيرتي الصحافية. أستطيع أن أقول إنني استثمرته صحافياً. كان يعرف تماماً أنني أحترمه، وأعرف أنه كان يحترمني، ولهذا تمتعت بعلاقة جيدة معه. وقام بدور كبير في تطوير كرة القدم في السعودية، من خلال طريقته الفريدة في إدارة التنافس بين نادي النصر وبقية الأندية، ولا سيما نادي الهلال. هو بلا شك، ملح وسكر ومتعة الكرة السعودية. ولا يكتمل الحديث عن الرياضة السعودية من دون التطرق إلى الدور الحضاري الذي قام به الأمير خالد الفيصل. فهو الذي وضع الأسس واللوائح والأنظمة المعمول بها حالياً، وهو صاحب فكرة دورة الخليج، التي لها الفضل الكبير في ما حققته كرة القدم في السعودية والمنطقة من إنجازات. هل الصحافة الهلالية منحت الخبر الصحافي تميزاً واطراداً لا مثيل لهما؟- لا توجد صحافة هلالية، هناك صحافي ذو ميول هلالية، وآخر نصراوية وثالث اتحادية، ورابع اتفاقية، وهكذا. شعبية الهلال الجارفة جعلتهم ينسبون الصحافة التي لا ترضيهم إليه. الهلال أعطى تميزاً لكل ما حوله. غرْقك في الشأن النسائي أكثر من ربع قرن... هل أنساك حب الهلال؟- حتى لا يحسدني أحد، فأنا لم أكمل خُمس قرن في الشأن النسائي، كما تقول، أو مجلات المرأة والمجتمع. أحزن كثيراً لخسارة الهلال في كل الأوقات، حتى لو كنت أتابع إعادة مباراة مسجلة. هذا أكبر دليل على أنني نسيت الهلال. خالد المالك. فرحت بالعمل معه... هل ستفرح بالعمل معه الآن؟- أستاذنا أبو بشار يشرفني العمل تحت إدارته في كل وقت. لم أجد منه إلاّ الخير. له أسلوب إداري فريد، ولو لم يغادر صحيفة «الجزيرة»، لظروف معينة، لربما كنت معه إلى اليوم. كان أبو بشار يقدّر عمل الصحافيين، ويقدّم مكافأة لأصحاب المواضيع المميزة. هو رئيس رؤساء التحرير، وقد تبوأ عدد من العاملين معه مسؤوليات رئاسة التحرير في صحف ومجلات داخل المملكة وخارجها. صحيفة «الجزيرة»... مما استمدّت وهجها آنذاك؟- بالعمل الصحافي المميز، بقيادة الأستاذ خالد المالك. وبوجود عدد من الصحافيين البارزين، وقبل ذلك كله بسبب وجود المدير العام الرائع الشيخ صالح العجروش، رحمه الله رحمة واسعة. عند مجيء محمد بن عباس إلى صحيفة «الجزيرة».. ما الجميل الذي لا تنساه له؟- الأستاذ محمد بن عباس لم يرتكب ذنباً في «الجزيرة». تلك كانت قدراته وإمكاناته، ويبدو أن صدره قد ضاق ذرعاً بملاحظاتي، فأعطاني ورقة الخروج، وتلك الورقة كانت جواز عبوري إلى ميدان أوسع. وقد تكره شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً. تركي السديري... كيف تقرأ منهجيته الصحافية؟- أبو عبدالله أستاذ الجميع. وجدت منه تشجيعاً، خلال عملي في صحيفة «الجزيرة». ومن حسن الحظ وجوده على رأس هيئة الصحافيين السعوديين. أتابع زاويته «لقاء» وأتعلم منها، وقلمه ناجح في تناول المواضيع الكبيرة، كما في تناوله الاهتمامات الصغيرة التي تلامس حاجات الناس. أنت وعثمان العمير وعبدالرحمن الراشد... هل ينطبق عليكم أسطورة الفرسان الثلاثة؟- الأصح أن تقول: «فارسان وربع»، يا أخي أنا لا أقارن بهما، منهما تعلمت الكثير، وما زلت أتعلّم. انظر إلى إنجازاتهما وستعرف الحقيقة. ولا أريد أن أعدد تلك الإنجازات حتى لا أظهر أقل من ربع فارس، الأستاذ عثمان العمير قرأني، وطلب مقابلتي وقدمني إلى الأستاذ خالد المالك، وهو ذكي لمّاح. وعبدالرحمن الراشد هو أفضل صحافي عربي، من وجهة نظري. انتقالكم جميعاً إلى الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، صدفة أم أمر قضي بليل؟- بل أمر قضي في عز النهار، لا أتحدث عنهما، لكني وجدت نفسي من دون عمل بعد أن فصلني، وهذه حقيقة، رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» آنذاك الأستاذ محمد بن عباس. ومن حسن حظي أن الأستاذ عثمان العمير كان رئيساً لتحرير مجلة المجلة في لندن، والأستاذ عبدالرحمن الراشد نائباً له، كنت أتسوّل أو أتوسّل عملاً، وكانا من المحسنين، خلعا عليّ منصب مسؤول تحرير المجلة في الخليج. عثمان اختار الإلكترونية وعبدالرحمن اتجه للإعلام المرئي، وأنت مُصر على الصحافة النسائية، لماذا ثباتك وتغيرهما؟- ربما لأنني صاحب مواقف ثابتة! قلت لك من قبل لم أخطط لشيء في حياتي. أنا أكوّن علاقة مع الناس والمكان، ووفائي للذين أعمل معهم يمكنني من الصمود في وجه العروض والإغراءات، وهي كثيرة للذين تعمل معهم حق في ما تتخذه من قرارات، حتى لو تعلقت بمستقبلك. لماذا فرطت في حب مدرجات الملاعب وانتقلت إلى «صوالين» النساء؟- الظاهر أنك لم تدخل صوالين نساء من قبل، حتى تظنني مقيماً فيها، وكما يقولون: صيت غنى ولا صيت فقر. ما الخلفية النسائية التي جعلتك تتبوأ منصب رئيس تحرير مجلة نسائية؟- يجب أن تطرح هذا السؤال على من اتخذ قرار تعييني رئيساً لتحرير مجلة «سيدتي»، لا أفهم المقصود من سؤالك، لكنني أؤكد لك أنني شخص طبيعي 100 في المئة. أول يوم في «سيدتي»... هل أزكمتك العطور وسحرتك العيون؟- موت في غيظك! العمل في سيدتي ولها لا يختلف عن عروض الأزياء في باريس، عطور وعيون «جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري». قلت لك: صيت غنى ولا صيت فقر. آخر يوم لك في «سيدتي»... هل فرحت الكثيرات به؟- بالنسبة إليَّ لم ألحظ الفرق بين اليوم الأول والأخير، وليس من عادتي النظر إلى الخلف، لذا لا أعرف من فرح ومن بكى. التنافس بين سيدتي و«لها».. هل يفيد المرأة العربية في شيء؟- لا أدري عن فائدته للمرأة العربية، أعتقد أنه يفيد «الشركة السعودية» و«دار الحياة». ما الذي لم يسعفك الوقت لتحقيقه في «سيدتي» وفشلت في تحقيقه في «لها»؟- كثيراً. لم أستطع أن أصل بأي من المطبوعتين إلى مستوى المجلات والمطبوعات المعروفة في أوروبا وأميركا. صورة غلاف «لها» محتكرة لهيفاء وهبي وأخواتها... هل الجمال الفاضح شرط لصورة الغلاف؟- وغلاف مجلة «فوغ» محتكر لبيونسيه وأخواتها، نانسي وإليسا وهيفاء وغيرهن لا يدفعن لنا مقابل نشر صورهن على الغلاف، ولا نحن ندفع لهن. ولا أظنك وغيرك من القارئات والقراء ممن تلفتهم صورة شخصية مجهولة، أو غير جميلة.وظيفة الغلاف تسويقية بحتة، وكما تعرض البوتيكات أجمل ما لديها في النافذة الخارجية (الفترينة)، فهكذا حال المجلات أيضاً. الملكة رانيا والشيخة موزة المسند والسيدة أسماء الأسد والأميرة للا مريم... هل يمكن أن يخرج عدد من «لها» من دونهن؟- أتمنى ألاّ يحدث ذلك. هؤلاء السيدات الفاضلات قدوة للفتيات العربيات، بما يقمن به من أدوار فاعلة تسهم في نهضة أوطانهن. ونحن نقدمهن رائدات في العمل الاجتماعي.عندما تقود الملكة رانيا حملة «مدرستي»، فذلك يعني المزيد من الطلاب والطالبات في المدارس. ومن يرى السيدة أسماء الأسد تحتضن الأطفال في دور الأيتام ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، فذلك يبعث فيهم أملاً ويوصل إليهم رسالة خاصة. كما أن الشيخة موزة المسند أعادت إحياء «دار الحكمة» بفتح فروع للجامعات العالمية في قطر. هل المشكلة في أنهن جميلات وأنيقات! ما أكثر القضايا الاجتماعية المحلية المؤرقة في نظرك؟- العنف ضد المرأة والأطفال بكل أنواعه، متى نرى ذلك اليوم الذي تحصل فيه المرأة على الحقوق التي يعترف بها الرجال من فوق المنابر، وتنتهي تحت أقدامهم عندما يغلقون عليهم أبواب بيوتهم؟نحن و رجال الدين ينتقد البعض حرصك على رجال دين معينين لتمرير رؤاكم في مجلاتكم؟- ليست لي أجندة خاصة. أنت تقول رجال دين، وأنا أقول علماء دين، حيث يشمل ذلك النساء والرجال، وكثير من العالمات اللاتي نستنير بآرائهن في «لها» يتفوقن على بعض العلماء الرجال. إذا كنت تقصد علماء وعالمات الأزهر الشريف، من شيخه الأكبر إلى بقية علمائه، فهذا ثناء كبير، ونحن نتبع أسلوب «بشّروا ولا تنفّروا». هل تستطيع إقناع بعض علمائنا الأفاضل في قبول الحديث إلى «لها»؟ كيف ترى المتغير والثابت في تحولات رجل الدين السعودي؟- لا أفتي بما ليس لي به علم. تنوعتْ مناصبك التحريرية ومشاربها.. هل أنت ضد التخصص في المهنة؟- صحيح أنها تنوعت، لكنها مناصب صحافية. التعدد والتنوع أفاداني كثيراً عندما أصبحت رئيساً للتحرير، والمناصب والألقاب لا تعني شيئاً في الصحافة. هناك عدد كبير من رؤساء التحرير في المطبوعات العربية لا يعرفون ما ينشر في صحفهم ومجلاتهم. هم ضيوف شرف، لا أقل ولا أكثر. هل تؤيد هيئة عليا لتصنيف الصحافيين ولضمان سلامة المهنية لديهم؟- من الأفضل أن نترك الناس تعيش. هيئة الصحافيين السعوديين.. لماذا أنت بعيد عنها؟- أنا عضو فيها، ويدفع أخونا جميل الذيابي رسوم العضوية. وهي في أيد أمينة بقيادة أستاذنا وشيخ الصحافيين الأستاذ تركي السديري. حقوق الصحافي السعودي.. كيف تراها من الخارج؟- المهم أن تكون مضبوطة من الداخل، لا توجد لديّ فكرة عن هذه الحقوق. هل تختلف عن حقوق العمّال؟ تنقلات الإعلاميين والكتّاب بين المطبوعات... هل تتم في جلسات سرية؟ ومن المستفيد: الصحافي أم المطبوعة؟- لم أحاول استقطاب صحافي من مطبوعته إلى المطبوعة التي أديرها. إذا سمعت أن هناك صحافية أو صحافياً مناسباً يبحث عن عمل أتصل به إذا لم تكن له علاقة مع أية مطبوعة، لا علم لي بالجلسات السرية ولم أشارك في أي منها. حتى متى وعلاقة الصحافي برؤسائه علاقة فيها نوع من العبودية؟- انتقلنا من حرية الصحافة إلى حرية الصحافي! إذا كان هذا النوع غير الصحي من العلاقة موجوداً، فهو من باب: كما تكونوا يولّ عليكم، الرئيس الذي يذل العاملين معه تافه بمعنى الكلمة، أسوأ ما يقوم به شخص ضد آخر مضايقته في رزقه. في الغرب تفلس صحف ومجلات كبرى. نحن هنا لا نرى ذلك.. ما الفرق بيننا؟- عين الحسود فيها عود. ولماذا أنت متضايق من ذلك؟ هل لديك مجلة في الغرب؟ ما الفرق بين الاحتراف الرياضي والاحتراف الإعلامي؟- الرياضي أغنى مالاً وأصغر سناً من الصحافي. تواجه الصحافيات السعوديات بأنهن لا يمتلكن الخبرة الكافية، مع عدم وجود فرص للتدريب والتطوير... من يحل هذه المعادلة؟- في الوقت الذي تكتسب فيه الصحافية السعودية الخبرة وتصبح جاهزة لتتبوأ مناصب في المطبوعة التي تعمل فيها، يضع الزوج حداً لكل ذلك، ظروف الصحافية السعودية صعبة جداً، أقلها أنها محدودة الحركة (لا تقود سيارة، وتبقى تحت رحمة السائق أو الشقيق).ز وهي التي تتحمل مسؤولية الاهتمام بأولادها (توصلهم إلى مدارسهم، وتعيدهم إلى المنزل، وتذهب معهم إلى المستشفى، وتطبخ..). وإذا سلمنا بأن الصحافة مهنة المتاعب، فستزداد هذه المتاعب مع الصحافية. ما نصيب الصحافيات السعوديات من «سيدتي» سابقاً و«لها» حالياً؟- المطلوب الجودة وليس العدد، الكيف وليس الكم. أتمنى العثور على صحافية سعودية، لكن مجلتا «سيدتي» و»لها» للأسرة العربية كلها، وعدم وجود صحافيات سعوديات فيهما هو بحكم وجودهما في لبنان ودبي، على عكس ما هو موجود في مكاتبنا في السعودية. الإعلام السعودي في الخارج.. هل ينقل الصورة المحلية كما يجب؟- الإعلام السعودي في الداخل يتمتع بسقف أعلى من الحرية في نقل الصورة المحلية. الإعلام السعودي في الخارج (قناة «العربية» مثلاً) ينقل الخبر نفسه، وبمقدار أقل حدة، ويتهم بتشويه صورة البلد. على المستوى الإعلامي نركز على أننا لا نزال بحاجة إلى خبرات العرب.. ألم يحن أوان الثقة بالمنتج المحلي؟- ليست مسألة عدم ثقة بالمنتج المحلي بقدر ما هي مشكلة شح في كمية الإنتاج ونوعيته. وليس السعوديون هم الأكثر كفاءة بين الشعوب العربية، فأنا أرى أن اللبنانيين الشعب العربي الأكثر كفاءة ومثابرة. لماذا رؤساء التحرير السابقون يعمرون، والحاليون نفسهم في الكرسي قصير؟- الحاليون بدأوا مع عصر السرعة والإنترنت وزيادة الفرص وانتشارها. هل يستطيع رئيس التحرير النجاح من دون سند يتكئ عليه؟- وماذا يفعل إذا راح السند؟ كل ما يحتاج إليه رئيس التحرير الناجح موارد مالية وبشرية كافية، وإدارة تعينه على أداء مهمته. كيف هي علاقتك مع وزراء الإعلام؟- تشرفت بالتعامل مع بعض الوزراء عندما كنت أشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة «المجلة»، وهي علاقة رسمية بحتة، ومعظم علاقاتي بالمسؤولين في المواقع الكبيرة رسمية. وزير الإعلام الحالي يكتب في مجلتك.. هل مارست دور الرقيب عليه مرة؟- الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، إنسان رائع، وهو من أحسن من يمشون على الأرض، كريم ونبيل وكتلة من الأخلاق لو وزعت على قارات لكفتها. راجعته مرة في ملاحظة عن إحدى قصائده، بعد أن أصبح وزيراً، فأجابني: أنت المسؤول، فتصرف كيف شئت.جائزة دبي للصحافة هل غضبت عليك دبي بعد غضبك على جائزتها؟- دبي لا تعلن غضبها على الصادقين معها، وموقفي من الجائزة لم يتغيّر على ضوء الممارسات التي عايشتها خلال عضويتي في مجلس إدارتها. وأجدها فرصة للإشادة بالدور المخلص الذي تقوم به رئيسة نادي دبي للصحافة، الأمين العام للجائزة الأستاذة منى المري. وللأمانة لم تكن موجودة (بسبب إجازة الأمومة) خلال جلسة اعتماد الفائزين بالجوائز. كما أن مديرة الجائزة الأستاذة مريم بن فهد شابة مخلصة، وهي غير مسؤولة عن القرارات التي يتخذها المجلس. الجائزة مزرعة لأحد أعضاء مجلس إدارتها، وهناك مبالغة في حجم المشاركات، وإذا كان العدد المعلن حقيقة فإن أكثر من تسعة أعشاره لا يصل إلى لجان التحكيم. حين نمارس النزاهة في الأداء نوصم بغيرها.. هل هو نصيب الشرفاء؟- المهم أن يكون ضميرك مرتاحاً. لماذا الصحافي الخليجي ينظر إلى ماله فقط؟- أنا مستور. وهل يوجد، عند الكثيرين، أهم من المال لينظر إليه؟ وحقيقة أيضاً فإن البعض لا يوجد لديه سوى المال. الصحافة الأجنبية باللغة العربية.. هل أسست لها أرضية صلبة في مجتمعاتنا؟- إنها ترجمة مشوهة لما ينشر في تلك المجلات، والمسؤولون عنها لا علاقة لهم بممارسة الصحافة. الصحافة الإلكترونية.. متى ستأكل الأخضر واليابس؟- هذا غير صحيح. وأنا أؤكد: «أبشر بطول سلامة يا مربِعُ». هل المرأة السعودية الأصعب في التعامل من بين النساء العربيات؟- المرأة هي المرأة. متى تخاف من المرأة؟- إذا ظلمتها. أنت جريء ومشاكس، لكن لا مشكلات لك مع كثيرين.. كيف تحققت هذه المعادلة؟- ربما لأنني أعمل في مجلات نسائية فيقولون: رفقاً بالقوارير. من خذلك في مشوارك المهني؟- خليها على الله، الله يسامحهم. حماسة بعض الصحافيين تقوده إلى معارضة الحكومة أحياناً والانجراف خلف توجهات معينة.. كيف نحافظ على صحافيينا من هذه الحماسة؟- الله يبعدنا عن كل «حماسة» غير محسوبة. لماذا يحرص البعض على تتبع عورات المجتمع السعودي وتضخيم سلبياته؟- أنا لا أحرص على تضخيم عورات أي مجتمع. «فكلك عورات وللناس أعين، وألسن أيضاً». لو عرضت عليك رئاسة تحرير «الحياة».. هل ستقبل؟- فلتعرض وحينها لكل حادثة حديث. ظننتك ستسألني عن «الشرق الأوسط»، لا بد من أنك فهمت الجواب! الفضاء الإلكتروني لا ناقة لك فيه ولا جمل.. لماذا لا يوجد لك موقع ومدونات خاصة بك؟- مستمتع بامتطاء جمال ونوق الآخرين، حيث توصلني إلى حيث أشاء. السفارة السعودية بلبنان.. متى تزورها؟- عندما يأمر سعادة السفير. يشاع أن فاديا فهد هي الرئيس التنفيذي ل«لها».. ما رأيك؟- وهالة كوثراني أيضاً وبقية فريق العمل. كل واحد منّا ينفذ العمل المطلوب منه. رئيس التحرير الذي لا يكتب في مجلته. ماذا نسميه؟- رئيس تحرير لا يكتب. متى ستعتزل؟ وهل تشعر بأنك تحتاج إلى العودة للوطن؟ أم أنك سعيد بين الجميلات في السوليدير؟- لماذا أعتزل؟ الوطن في قلبي أعود إليه ساعة أشاء. أما الجميلات فهن موجودات في السوليدير كما في كل شبر من الوطن. زهدتُّ في الدكتوراه.. وفشلتُ في الزواج!