لم يكن يعلم فهد الشريف (معلم) أن ابنه التقط عدداً من الصور لأولاده وأقاربه وزوجته، حتى ذهب لإصلاح جهاز "الآيبود" الخاص بابنه، ونبهه صاحب المحل أن الجهاز يحوي عدة صور، وعليه مسحها قبل إصلاحه. يقول "اشتريت لابني الجهاز، ولم أكن أعلم أنه يحوي كاميرا، بل كنت أعتقد أنه عبارة عن مجموعة من الألعاب، خاصة وأن الجهاز لا يوجد به شريحة للاتصال، ولكني تفاجأت بعد أن أخبرني البائع بذلك، وتداركت الأمر وقمت بتنبيهه بعدم استخدام كاميرا الجهاز داخل المنزل". وتضيف أماني الحارثي (معلمة) أن "حب الأولاد يجبرنا على بذل كل الجهد لإرضائهم، حيث قمت بشراء جهاز "الايبود" لإبني، ولم أعلم أن به كاميرا، فقد كنت أظن أنها مجموعة من البرامج فقط لتسلية الأطفال، حتى دفعني الفضول ذات مرة إلى الدخول، وذهلت عندما رأيت مجموعة من الصور التقطها ابني بعفوية تامة لضيوفي في البيت، دون أن يعلم بخطورة الأمر، ومسحتها فورا" مشيرة إلى أن هذه الأجهزة لا يتنبه إليها أحد، لأن التقاط الصور لا يثير الانتباه لعدم وجود فلاش. وأكدت على "ضرورة متابعة الأجهزة التي يلعب بها الأطفال، خاصة وأن بعض الآباء يجهل محتواها، ويعتقد أنها مجرد ألعاب، ولكن الأمر أبعد من ذلك". ويرى تركي العتيبي (موظف) أن على الآباء والأمهات مسؤولية كبيرة من حيث اختيار مثل هذه الأجهزة، ومعرفة محتواها قبل الشراء، وإغلاق الكاميرا الموجودة فيها، إضافة إلى متابعة برامج الألعاب، ومدى مطابقتها للتربية الصحيحة، خاصة وأن بعض هذه البرامج تدعو الطفل إلى القتال، ففي بعضها يتقمص دور اللص في اللعبة، فتبدأ الشرطة بمطاردته، وهناك خيارات للهروب تمنحه إياها اللعبة، قد يكون بعضها سيئاً، وهذه السلوكيات قد يتأثر بها الطفل فتنعكس سلباً على حياته المستقبلية"، مشيرا إلى أن الكاميرا الموجودة داخل الأجهزة تكون غالبًا ذات دقة عالية. وأضاف سمير الغامدي (معلم ) إن "التقنية المتطورة أصبحت في متناول الجميع، وجهاز الآيبود أحد الأمثلة، لذلك ولكن من المهم معرفة ما يصل إلى يد الطفل، ومدى قدرته على استعماله، والحرص على حرمة المنازل، وهذا عبء يتحمله رب الأسرة، الذي يجب أن يدرك أن هناك سلبيات لأي تقنية سواء ما يستخدمه الكبار أو الصغار على حد سواء" مفضلاً إعطاء الثقة للطفل في حرية الاستخدام مع المتابعة والنصح. وقال الغامدي إن "معظم هذه الأجهزة تباع في المحلات مباشرة دون إرفاق نشرة تعريفية بمحتواها والإمكانات التي تقدمها، وهذا لا يعفي الأب أو الأم من البحث والتحري قبل عملية الشراء إما عن طريق الإنترنت، أو سؤال صاحب المحل نفسه، حتى لا يسيء الطفل استخدام اللعبة أو الجهاز عن جهل. وقال محمد مسعد (بائع في محل للجوالات) إن "أجهزة الآيبود تأتي معظمها دون نشرات تعريفية، وهناك أجهزة رخيصة السعر، والمشتري لا يسأل عادة عن البرامج الموجودة فيها، ولا عن أنظمتها، فقط يسأل عن السرعة في تحميل البرامج" ، مشيرا إلى أنهم يواجهون أحياناً أسئلة عن سلبيات وإيجابيات الأجهزة، من عدد قليل من الآباء المهتمين بما يصل إلى أيدي أولادهم. من جهته أكد رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بمستشفى الملك عبد العزيز التخصصي نبيل الحارثي أن "جهل الآباء والأمهات بمحتوى هذه الأجهزة يلعب دورًا كبيراً في تفاقم المشكلة، من هنا يجب عليهم متابعة الأطفال خاصة وأنهم في مثل هذا السن من السهل توجيههم، ولديهم الرغبة في التنظيم واتباع القوانين". وأضاف أن "الرقابة لا تعني حرمان الأطفال وعدم تحقيق رغباتهم، لأن الحرمان يولد الإحساس بعدم المحبة، لذلك يجب تزويدهم بمعلومات عن سلبيات وإيجابيات هذه الأجهزة المتطورة، وتوعيتهم بعدم استخدام الكاميرا إلا بعد الاستئذان منهم، خاصة وأن بعض الأطفال لديه موهبة في التصوير لا يمكن إغفالها بل يجب تشجيعها وتنميتها بالشكل الصحيح". وأشار الحارثي إلى ضرورة مواكبة تطور وانفتاح عقل الطفل، في الوقت نفسه توعيته بهدوء وتفهم، حتى لا يظهر عليه ردات فعل عكسية، أو يضطر للكذب فيقوم بالتصوير بعيداً عن أعين والديه.