الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    الهلال يتفوق على سلسلة الأهلي بعد ديربي الرياض    اتفاقية لخدمات النقل الجوي بين كوسوفا والمملكة لتسهيل نقل الحجاج والمعتمرين    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الشيف الباكستانية نشوى.. حكاية نكهات تتلاقى من كراتشي إلى الرياض    المملكة "برؤية طموحة".. جعلتها وجهة سياحية عالمية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    "الأرصاد": أمطار على منطقة المدينة المنورة    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    جمعية البر بالجنينة في زيارة ل "بر أبها"    ضمك يتعادل إيجابياً مع الرياض في دوري روشن للمحترفين    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    تن هاج يشكر جماهير مانشستر يونايتد بعد إقالته    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة كسوة الشتاء    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    نورا سليمان.. أيقونة سعودية في عالم الموضة العالمية    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    عن فخ نجومية المثقف    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إدمان الألعاب الإلكترونية .. من يلعب بمن ؟
نشر في الرياض يوم 24 - 08 - 2008

تتزايد تحذيرات الخبراء من إدمان الألعاب الإلكترونية ليس للأطفال فقط، بل للشباب والكبار؛ خاصة بعد أن شهدت هذه الألعاب في السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً واكب طفرة الإنترنت وبرمجيات الكمبيوتر؛ وتقول الدراسات إن أعداداً كبيرة من الشباب يمضون ساعات طويلة أمام الشاشات مع هذه الألعاب، مما يعرضهم للإرهاق والضغط العصبي والتوتر؛ كما يحذر الخبراء من أن هذه الألعاب يجب أن تصنف حسب العمر، وهو أن تخضع لمراقبة صارمة على هذا الأساس..
؟ فهل تخضع الألعاب الإلكترونية في أسواقنا المحلية لأي تصنيفات وضوابط لجهة المضمون أو الفئات العمرية؟
؟ وما الضوابط التي تحكم تسويق هذه المنتجات والجهات المسؤولة عن مراقبتها خاصة في الصالات والأماكن العامة؟
؟ وما مدى وعي المجتمع الآسر بأهمية مراقبة هذه الألعاب؛ ومدى ملاءمة أنواعها لسن المستخدم؟
؟ وما مخاطر تجاهل هذه المعايير والسماح لكل من يريد باستخدام هذه الألعاب بغض النظر عن عمره؟
لا إفراط.. ولا تفريط
إدمان الشباب والصغار للألعاب الإلكترونية يعتبره راشد الشعلان أمراً طبيعياً في ظل المتغيرات التي يمر بها الشاب في فترة حياته الأولى عندما يرى سيلاً كبيراً من الإعلانات، وأيضاً كثيراً من أصحابه يمارسون تلك الألعاب. لكنه يشير إلى أن الأمور يجب أن توزن بشكل دقيق من جانب الأسرة والمهتمين في المؤسسات التربوية، وبذا يمكن تحويل تلك الألعاب إلى أدوات إيجابية.
أيضاً المنزل له دور كبير في ذلك من حيث تخصيص أوقات معينة لتلك الممارسة حتى لا تصبح الشغل الشاغل للصغار والشباب، يمارسونها في جميع الأوقات، فستنفذ طاقتهم ولا تسمح لهم بعمل شيء آخر. ويجب أن يتم تشجيع ممارسيها على استقطاع وقت للقراءة النافعة؛ أي إن المطلوب هنا هو الوسطية والاعتدال، وليس مجرد المنع أو الإفراط في إتاحة الحرية لها، فخير الأمور أوسطها.
دراسات.. وخطط
وإذا كان راشد يعتبر الألعاب الإلكترونية وإدمانها أمراً طبيعياً، فإن د. سارة العبدالكريم تعتبر الألعاب نفسها جزءاً من ثقافة مجتمعنا، ولا يكاد يخلو منزل منها باختلاف أشكالها وأنواعها وتكلفتها المادية، ولمعرفة أكثر دقة بحجم المشكلة في المملكة فنحن بحاجة إلى دراسات إحصائية تعكس لنا كمياً نسبة اللاعبين وأعمارهم؛ بالإضافة إلى متوسط عدد الساعات التي تقضى يومياً في اللعب؛ كما هي موجودة في الدول الأخرى حتى يمكن وضع خطط معالجة مناسبة، فالمشكلة ليست في اللعب بهذه الألعاب في حد ذاتها، بل المبالغة في ذلك وضعف أو غياب الرقابة، فنرى كثيراً من اللاعبين يقضون ساعات طويلة على هذه الأجهزة دون حراك من أماكنهم، فتفوت المسؤوليات الدينية والشخصية والأسرية والاجتماعية بصفة عامة؛ ولقد أثبتت الدراسات مضار هذه الألعاب، منها أن التعرض المستمر للألعاب التي تحوي مشاهد العنف تزيد من السلوك العدواني للاعب، وتقبل نفسي لهذه السلوكيات والاتجاهات؛ بينما تقلل من السلوك الاجتماعي الإيجابي، ومن الأضرار الأخرى البدانة التي تفشت بين أطفالنا وشبابنا لقلة الحركة؛ وكذلك المضاعفات الصحية الأخرى، والأخطر كالمشاكل البصرية والعضلية لليد والجهاز العصبي.
وهنا تأتي أهمية وضع الضوابط للألعاب التي تباع من قبل الجهات الرسمية؛ بالإضافة إلى ضوابط أسرية لما نسمح به لأطفالنا بشرائه ليتناسب مع أعمارهم وثقافتهم. فعلى مستوى المصنعين فنتيجة إلزام بعض الجهات الرسمية وهيئات حماية المستهلك مثل "لجنة تقييم الألعاب الإلكترونية الترفيهية" ESRB فقد ظهرت في أواسط التسعينيات رموز على معلبات الألعاب الإلكترونية توضح طبيعة اللعبة ومحتواها وهي 7رموز مختلفة :
EC early childhood: للطفولة المبكرة
E everyone: للجميع
+E10: للجميع فوق سن العاشرة
T teens: لسن المراهقة
M mature: للراشدين
AO adults only: للكبار فقط
NR not rated:لم يقيم بعد
هذا من حيث السن، ومن حيث المحتوى فنجد على الكثير من العلب تنويهاً لمحتواها من حيث العنف الجسدي، والمشاهد الدموية، واللغة والألفاظ، ووجود التعري الكلي أو الجزئي أو الجنس؛ ولكن لا يوجد إطلاقاً رموز على هذه اللعب المستوردة من الغرب والشرق ما يدلل على احتوائها على حبكات تمس العقيدة الإسلامية؛ وقد وجد ببعض اللعب شرك واضح بالله؛ ومن المحزن أن يتم السماح لألعاب تحوي هذه المشاهد، وتتضمن هذه الأفكار أن تدخل أسواقنا، ويتم تداولها بين أطفالنا وشبابنا؛ مما يجعل الرقابة الأبوية هنا في غاية الأهمية وغيابها في غاية الخطورة؛ إذ إنه لا فائدة لهذه الرموز التحذيرية ما لم يعرف الوالدان بها ويعملوا على توعية أبنائهم بها، ووضع الضوابط لشرائها. والملاحظ للأسف أنه - نادراً أو قليلاً - هم الآباء الذين يصحبون أبناءهم لمتاجر بيع هذه الألعاب الإلكترونية للإشراف على اختيارات الأبناء، ومعدوم نهائياً البائع الذي ينبه الطفل إلى أن اللعبة غير مناسبة لسنه، فلا ضوابط قانونية تفرض ذلك.
والوالدان إما بدافع الحب المفرط، أوعدم المعرفة بكيفية وضع ضوابط للأبناء، يعجزون أحياناً في الحد من الساعات التي يقضيها الطفل أمام اللعبة، وأحياناً يجهلون نوعية الألعاب التي يلعبها أطفالهم، وما تحتويه من مادة مرفوضة لغياب الرقابة عليها؛ وهنا أنصح الآباء بعدم المنع التام للعب أطفالهم بها، بل وضع حدود لاستخدامها عن طريق: الحرص على اختيار الألعاب بدقة مع الأطفال حسب معايير التصنيف، لتجنب الألعاب التي تحتوي على أفكار منافية للدين، أو مشاهد شديدة العنف أو مخلة بالأدب، ومشاركة أطفالهم باللعب بهذه الألعاب حتى يكونوا على وعي بمحتواها ومدى مناسبتها، إلى جانب وضع ضوابط زمنية لمدة اللعب اليومي، وتقديم بدائل ترفيهية للأطفال والشباب.
ليست مضرة على العموم
بالمثل لا يعترض فهد الحوشاني على الألعاب الإلكترونية في حد ذاتها، وإنما ينتقد إدمانها؛ ولذا لا يراها مضرة على وجه العموم، بل لها فوائد كثيرة، أما المضر في الأمر إلى جانب الإدمان عدم اختيار اللعبة المناسبة، ومن وجهة نظره تقع المسؤولية في ذلك على الجهات التربوية والإعلامية والتي -حسب ما يقول - لو قامت بدورها جيداً لتعدّل مسار المجتمع تماماً؛ وذلك بأن تزيد من توعية أفراده بأن الألعاب ليست مفيدة على العموم وإن لكل سن لعبة تناسبه.
ثم يضيف "وما دامت سوقنا حرة حتى في رفع الأسعار إلى عنان السماء، فإن هذه السوق الحرة والمفتوحة أيضاً لن تغلق على نفسها باب رزق يدر الملايين؛ لأن هناك محاذير تربوية؛ ولذا تبقى المسؤولية رسمية وليست مسؤولية السوق.
لا رقابة.. ولا تصنيف
د. مالك الأحمد يخرج من مسار الحكم على الألعاب الإلكترونية وكونها مفيدة من عدمها إلى مسار آخر؛ حيث يزعجه انعدام الرقابة على تلك الألعاب؛ فضلاً عن التصنيف ويقول: "نحن سوق مفتوحة لا تراقب كثيراً من المنتجات بما فيها المنتجات الخاصة بالأطفال كالألعاب الإلكترونية؛ وقد وجدت بعض الألعاب في السوق تشوه العرب وتشوه الدين الإسلامي، ومع ذلك تباع في الأسواق ولا تمر على رقيب؛ لأنها لا تتبع لوزارة الإعلام كمصنفة كمنتجات إعلامية، ووزارة التجارة لا تهتم بهذا الجانب أصلاً؛ لأنه ما يعنيها فقط أسعار السلعة وقضية الجمارك وما أشبه ذلك؛ فطبيعة المنتج ومواصفاته لا تمر على أي جهة رقابية كما أعلم؛ وبالتالي يكون هذا عكس الغرب؛ فطبعاً لديهم تصنيف للألعاب وحتى بعض القنوات الآن القنوات التلفزيونية الفضائية لديها كنوع من الترويج للألعاب، تذكر أعلى الشاشة السن الذي يجب أن يكون لممارسة هذه اللعبة. وهو يرى أيضاً أن الموضوع مهم جداً ويجب أن يولى عناية ويقول: لدي أطفال وأشعر بهذا الأمر جيداً، هناك عدم مبالاة في قضية المراقبة والتصنيف فلا توجد جهات تربوية أو تعليمية تتابع ما يدخل للأسواق ويعرض على الصغار وحتى على الشباب؛ ينبغي أن تكون هناك جهة مختصة بالرقابة والتصنيف واستبعاد ومنع مالا يصلح، وأنا أذكر قبل عدة سنوات والكلام ليس جديداً لعبة منعت في عدة دول أجنبية في أستراليا، وكذا دولة أوروبية لسوء وشدة العنف فيها، ومع ذلك كانت تدخل السعودية بدون أن تعارض من أي جهة؛ لكن السؤال من هي الجهة؟ أنا أعتقد أن الوزارات ليست مؤهلة؛ ولذلك أفضل من يقوم بهذا الجمعيات الأهلية لبعض المثقفين والإعلاميين والمربين؛ فيقوم هؤلاء بمحاولة تتبع هذه الأشياء المخصصة للأبناء وتقييمها وتوجيه الجهات المسؤولة عن الفسح والإدخال بمنع أو مصادرة بعض الأشياء قبل أن توزع وتصل إلى أيدي الصغار.
نظرة تربوية
من وجهة نظر تربوية صارمة يشير د. خالد السحيم إلى تزايد صيحات المختصين والتربويين في شتى أنحاء العالم حيال تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال.. "لأنها في مجتمعنا أكبر خطراً وأشد تأثيراً نظراً لضعف الرقابة على أسواقنا المحلية في الوقت الذي تنتشر تجارة النسخ غير المرخص للبرامج الحاسوبية والألعاب الإلكترونية، مما يفاقم من الآثار السلبية على الناشئة، فمن جهة لا توجد رقابة صارمة على محتوى ومضمون الأقراص المنسوخة، ومن جهة أخرى فإن تدني ثمن الأقراص المنسوخة أدى إلى الإفراط في شرائها واستخدامها". ويضيف: " وعلى الرغم من أن طبيعة أي مجتمع ألاّ يخلو من سبل الخير والشر فإن المهمة الأساس للأسرة هي تهيئة سبل الخير للأبناء وتجنيبهم سبل الشر؛ إلا أن الأسر ذات الوعي المتدني لا تدرك الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية؛ خاصة أنها ترى أبناءها بين جدران المنزل يلعبون ويستمتعون بأوقاتهم، وبذا يتشرب الأطفال الميول والاتجاهات نحو العنف والقسوة والصدام.
نحن صنعنا المشكلة
يعتقد فهد الحجي أننا نحن من صنع هذه المشكلة، وليس صانعو الألعاب أنفسهم: فالألعاب تأتي إلينا من الخارج وجميعها مصنفة بشكل واضح، وكتب عليها أن هذه الألعاب موجهة لمن هم في سن معين، لمن هم فوق الخامسة عشر أو الثامنة عشر، وتشاركه العائلة اللعب بها، والأخرى يلعبها الطفل بحضور الأبوين، فالتصنيف واضح ودائماً مكتوب على الغلاف؛ لكن مشكلتنا نحن أننا لم نزرع في مجتمعنا ثقافة الانتقاء وثقافة معرفة التصنيف.
نحن لدينا كل الألعاب أعني: ألعاب الأطفال أي إنها طالما لعبة فهي للطفل، وهذا الأمر غير صحيح، فالبلاي ستيشن مثلاً كما صرحت الشركات بأنها تستهدف الكبار أكثر من الصغار بحكم أن هذه الألعاب تأتي من مجتمعات خارجية؛ وهذا لا يعني أنها غير صالحة حتى في مجتمعاتنا؛ ليس كل شيء للكبير يصلح للصغير تلقائياً بحكم أن مجتمعاتهم منفتحة أكثر من مجتمعاتنا.
ما نقوم به أننا نخص هذه الألعاب المخصصة لديهم للكبار ونقدمها للصغار؛ فنحن السسبب وهذا هو الخطأ الكبير الذي نقع فيه.
الضوابط واجبة
على طاولة الضوابط بجميع أنواعها يؤكد محمد السنان ضرورة وجودها أو إيجادها؛ لكن بطرق نظامية مضبوطة وليس بطريقة عشوائية؛ وهو ضد منعها من دخول البلاد؛ لأنها في هذه الحالة ستصبح نوعاً من الممنوع المرغوب، وسيفرز الوضع سوقاً سوداء يصعب السيطرة عليه.
كما ستنتشر في هذه الحالة الألعاب الأكثر خطراً والتي يتعلق معظمها بالقتل والحروب، وبعضها يدرب الأطفال على استخدام السيوف والسكاكين وغيرها من أدوات القتل والتشويه، وهو أمر يغري اللاعبين وخاصة الأطفال بتجربتها على الواقع؛ وبالتالي تكثر جرائم السلب والسرقة والقتل ويتحول الأطفال والمراهقون إلى آلة إجرامية عاتية!
للكبار فقط
فهد الحوشاني يشير في هذا الصدد إلى أن عدداً من خبراء التربية دعوا الحكومات إلى وضع تصنيف حكومي على الألعاب كما هو متبع في عرض الأفلام السينمائية لمنع الأطفال من لعبها؛ فيما دعا عدد آخر من الخبراء إلى تصنيف الألعاب في محال البيع بوضع كلمة "قسم الأطفال"، "قسم الشباب". وهكذا حتى يسهل تطبيق الإجراءات التي يتم وضعها فعلياً.
لكن راشد الشعلان يبدو متشائماً بعض الشيء فهو يقول: أعتقد أننا حتى لو وضعنا ضوابط معينة وآلية وشروط في الأماكن العامة التي يمارس فيها الشباب والصغار مثل هذه الألعاب فمن يراقب تنفيذ مثل هذه الضوابط؟ نحن نستطيع أن نجعل ضوابط معينة في مثل هذه الألعاب ونكتب من 1إلى 10ومن 1إلى 20وكثير من الضوابط التي تجعل من هذه الألعاب فرصة جميلة لهؤلاء الشباب كي يعبروا عن أنفسهم وعن طاقاتهم من خلال هذه الألعاب؛ لكن أعتقد أن المسؤولين عن هذه الأماكن يجب أن يراعوا هم ثقافة هذا البلد، وأن يراعوا عقيدة هذا البلد أيضاً؛ وأقول بأن كل أمة تدافع عن ثقافتها، فمثلاً الثقافة اليابانية أو الثقافة الألمانية وهما من أحرص الدول وأكثرها في عملية الدفاع عن ثقافتها، وعدم الذوبان في الثقافات الأخرى المختلفة؛ لذلك أنا أقول وضع ضوابط معينة يلزم أيضاً جانب تطبيق مثل هذه الضوابط، أما التجار أو الذين يمارسون التجارة في مثل هذه الألعاب فأوصيهم بأن يتقوا الله عز وجل في عقيدة هذا البلد وفي أبنائه وأخلاقهم وثقافتهم؛ وأتمنى ألاّ يأتي ذلك الوقت الذي يذوب فيه هؤلاء الصغار وسط ثقافات أخرى مختلفة نراها أحياناً تأتي ضمن الألعاب الإلكترونية التي هي أشبة بالسحر لأبنائنا وإخواننا الصغار؛ كماأوجه رسالة إلى المسؤولين عن استيراد مثل هذه الألعاب أن يهتموا بتلك الألعاب التي لا يكون فيها خدش للحياء وللأخلاق بشكل عام، وقبل ذلك لعقيدة أبناء هذا البلد أيضاً، أتمنى من تلك المؤسسات الخاصة التي يمارس فيها أبناؤنا الألعاب أن يشركوا التربويين معهم على عملية الإشراف على مثل هذه الألعاب وعمل مسابقات معينة لهؤلاء الصغار فهي ليست كلها خطر، بل بالعكس كثير من هذه الألعاب تنمي مهارات التفكير ومهارات عقلية عليا عند من يمارسها، وأرى أن المؤسسات التجارية عليها دور كبير؛ وكذلك المؤسسات الثقافية التي أطالبها أن تنشئ مراكز أخرى بديلة عن هذه الألعاب يشرف عليها تربويون متخصصون أيضاً ليس شرطاً أن تكون هذه الألعاب ترفيهية فقط، بل يجب أن نفسح المجال للألعاب التي تنمي التفكير والذكاء بإشراف نخبة من المتخصصين.
بالمثل يقول فهد الحجي إنه لا يعرف أي ضوابط، والمحلات تبيع بدون قيود؛ خاصة الألعاب المنسوخة والتي تأتي من الخارج، وتوضع في صالات الألعاب بدون قيود؛ سواء للاستخدام أو الشراء.
الوعي.. والمجتمع
ويعتقد راشد الشعلان أن المسألة الأخطر تتعلق بمدى وعي المجتمع بالقضية وتفاعله معها ويقول: أعتقد أن وعي المجتمع ما زال ضعيفاً؛ خاصة عند كثير من الآباء والأمهات فهم لا يعرفون كثيراً من هذه الألعاب ولا يمارسونها؛ وأقترح خاصة في ظل الوعي الضعيف من المجتمع لهذه الألعاب أن يجلس (الأب أو الأم) في ساعات الراحة ويرى أبناءه وهم يلعبون مثل هذه الألعاب فسوف يرى بعض الأشياء الغريبة جداً المؤثرة عليهم ثقافياً وأخلاقياً، وبهذا الأسلوب سوف يصل الأب لأن يكون عنده وعي مهم في هذا الجانب؛ كذلك أوصي الأب أن يذهب مع أبنائه لشراء مثل هذه الألعاب أو الأشرطة ولا يترك الابن بمفرده، يتحاور مع البائع عن ماذا يحتوي هذا الشريط؟ وماذا يوجد في هذه الألعاب؟ وأن يعمل بروفة داخل المحل؛ وكذلك المجتمع عندنا مازال ضعيفاً في الناحية الثقافية عن تلك الألعاب ولا يدرك حتى عملية التشغيل وكذلك الأب أو الأم.
ويتفق د.مالك الأحمد مع الشعلان في ذلك فحسب رأيه ليس هناك وعي لدى معظم الآباء عن الألعاب التي يمارسها الأطفال رغم ما تمتلئ به بعضها بالعنف والدماء والوحشية المتناهية؛ ولأن المجتمع أو الأب أو الأم ليس لديه خلفية عن تلك الألعاب فإنه لايجهد ذهنه في التعرف عليها ومعرفة محتواها.
فيما يرى فهد الحوشاني أن هناك قلة من المجتمع تعرف مضار تلك الألعاب على أبنائها؛ لكن ليس هناك وعي لديهم بأن هناك ألعاباً مناسبة لعمر دون آخر، وربما لو ألزمت الجهات المعنية الأسواق المحلية بتصنيف تلك الألعاب لأدى ذلك إلى جذب الأنظار لمعرفة على الأقل من حيث الفضول ما الذي يعنيه هذا التصنيف.
ويرى فهد الحجي أن مجتمعنا يعاني من فوضى وتوتر؛ الآن هناك موجتين متضادتين، الأولى تعطي الأمر أكثر مما يحتمل، وتصنف كل ما يمت للألعاب الإلكترونية بأنه مدمر وينشر الفساد ويدمر الأخلاق بشكل أكبر من المعقول.
والجهة الثانية تنادي بأن المسألة نحن من قام بإعطائها أكبر مما تستحق؛ لأنها بالنهاية مجرد ألعاب؛ والمؤكد أن الموجتين على خطأ فنحن كأولياء أمور يجب أن نتعلم ثقافة الانتقاء حتى نستطيع أن نختار لأولادنا هذه الألعاب، وبهذا نسهم في حل المشكلة.
المخاطر.. لا تغتفر
هذا الحديث كله يجرنا بالطبع إلى مخاطر تلك الألعاب والحديث عنها بشيء من التخصيص لا التعميم كما في السابق فخطورتها كما يؤكد راشد الشعلان أقوى من أن تعامل ببساطة فهو يشير إلى أن هناك بالفعل إفساداً فكرياً وتدريباً على العنف والدماء، وأصبح هناك طفل عمره 5أو 6سنوات معتاد الآن على رؤية الأسلحة والدماء والقتل والصراع، وهذه قضية أساسية تنمو مع الطفل إذا كبر وبعدها نلقي عليه اللوم إذا تحول إلى شاب أو رجل عنيف أو فتيات عنيفات، فشدة العنف تنعكس على التربية عندما يكبر الإنسان ويتربى على هذه الأشياء؛ فرؤية السلاح والدماء تصبح أمراً عادياً لا توجد فائدة حقيقية فينقضي الوقت دون فائدة، والأصل الفائدة ففي بعض الدول الغربية، في أمريكا مثلاً هذه البرامج تستخدم لتدريب الطيارين والعسكريين على المعارك قبل أن ينزل إلى الميدان.
أكبر مما تتصورون
وكما سبق للدكتور مالك الأحمد أن أشار في البداية إلى مساوئ بعض الألعاب الإلكترونية فيعود ليؤكد خطورتها التي يعتبرها كبيرة جداً وإن لم يكن هناك وعي كبير بها من قبل المربين والمؤسسات التربوية والخطر كبير من نواحي متعددة.. خطر عقائدي ثقافي، تربوي، أخلاقي وسلوكي ويضيف: "أنا شاهدت بعض الأشرطة وبعض الألعاب عندما ينتهي اللاعب من لعبة معينة يكافئ الولد بفتاة جميلة تظهر بشكل غير مناسب وغير سلوكي قويم أو غير مناسبة لعمره، وهناك خطر أكبر وهو خطر التربية؛ وأولادنا هم أكبر استثمار لنا؛ وأوصي الآباء والأمهات والمربين أن يهتموا بهذا الجانب الكبير، وأن تكون هناك ضوابط معينة في البيت لممارسة مثل هذه الألعاب ويجب ألاّ يكون هناك منع؛ والملاحظ أن التربية لدينا في هذا العصر صارت تربية معقدة وتستلزم من الأب أو الأم مراعاة مثل هذه الأشياء التي لم تكن سابقاً عند أمهاتنا أو آبائنا؛ ويجب على الآباء أن يكونوا أذكى وأكثر تركيزاً على هذه النقطة، ويجب عليهم أن يكونوا أذكى من أولادهم في عملية هذه الألعاب وعملية التعامل معها أيضاً؛ وأوصي الآباء أن يكون عندهم الوعي الكبير جداً في هذه الألعاب التي إن تركت لهم سوف يتأثرون بها ويعانون منها وتكون مؤثرة جداً على أخلاقهم وسلوكهم ودراستهم أيضاً.
وفيما يصر فهد الحجي على أن المخاطر أساساً متوقعة فإنه يؤكد على الجانب الآخر أننا إذا عدنا إلى المعادلة الأساسية؛ وهي أننا نعطي أحياناً أطفالنا ألعاباً مخصصة للكبار في الغرب يكفي أن نضع هذه المعادلة ونتخيل النتائج؛ فالموضوع بشكل واضح سيؤثر على أطفالنا في ظل أشياء قد نجنبهم إياها في التلفزيون والساحة والشارع وفي المنزل وخارجه؛ ولكن عند مسألة الألعاب نتصرف بجهلنا الكبير في هذا الأمر؛ لا سيما أننا نعرضهم لها بشكل واضح.
ولا شك أيضاً أن الإدمان مشكلة كبرى تترتب عليها أشياء أكثر خطورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.