في إحدى زوايا أول مقهى نسائي بالطائف جلست سيدة أربعينية ترقب عن كثب من يدلف إلى المكان، وتنظر بين الحين والآخر إلى ساعتها.. إنها سيدة أعمال على موعد مع أخرى تواصلت معها عبر الهاتف، واتفقتا على أن تلتقيا في المقهى للتفاهم حول إمكانية عقد شراكة لإنشاء مشروع مشغل نسائي متكامل في حي شهار بالطائف. الأربعينية التي عرفت نفسها ب بأم الهنوف" أشارت إلى أن اللقاءات في المقاهي النسائية الخاصة توفر خصوصية تامة للمرأة، وأنها ترتادها بصفة مستمرة لعقد اجتماعات مع بعض سيدات الأعمال، للتباحث في الفرص الاستثمارية. المقاهي النسائية تجاوزت كونها مواقع تجتمع فيها السيدات لتبادل الأحاديث إلى جلسات عمل تشهد عقد صفقات تجارية نسائية، ولقاءات إعلامية، ولقاءات تعارف بين بعض ربات الأسر، تتخللها مشاريع خطبة أو زواج، وجلسات مذاكرة لطالبات الجامعة، والمرحلة الثانوية. عدد من السيدات المترددات على المقهى الذي يديره نحو 15 فتاة سعودية وعدد من العاملات من جنسيات مختلفة؛ أكدن أنهن يفضلن الالتقاء بصديقاتهن، وجاراتهن، وزميلاتهن في المقاهي النسائية الخاصة على الزيارات المنزلية التي يغلب عليها الطابع الرسمي بين السيدات. الطالبة جنا العتيبي التي كانت تجلس مع ثلاث من زميلاتها في الجامعة يراجعن بعض المحاضرات استعدادا للاختبارات النهائية، ذكرت أن المقاهي النسائية الراقية فرصة لها ولزميلاتها للجلوس والمذاكرة في أجواء مناسبة، بعيدا عن صخب المنازل، مشيرة إلى أنها تفضل ذلك على اللقاء في المنازل. ولم تخف "أم نايف" وهي سيدة خمسينية الأسباب التي دعتها إلى زيارة المقهى، حيث أفصحت أنها اتفقت أن تلتقي بإحدى السيدات التي تواصلت معها عبر الهاتف بعد أن التقت بها في حفلة زواج، وقالت إن هذا اللقاء يعتبر تمهيدا لمشروع خطبة، حيث ستتقدم لخطبة ابنة هذه السيدة لابنها، بعد أن شاهدتها مع والدتها في حفلة الزواج. وأضافت أنها فضلت عدم زيارتهم في المنزل إلا بعد جلسة تعارف في المقهى لتتعرف مبدئيا على رأي الفتاة وأمها، ومن ثم تفصح لهما عن رغبتها في الخطبة. من جهتها قالت مديرة المقهى "أم عبد الله" إن المقهى يفتح بابه للفتيات، وسيدات الأعمال، وطالبات المدارس والجامعات، وإن المقهى تحول إلى ملتقى لسيدات الأعمال واللائي يعقدن صفقاتهن التجارية والشراكات فيما بينهن على فنجان القهوة. وكشفت أن التردد على المقهى يزداد بدخول فصل الشتاء، مشيرة إلى أن إدارة المقهى جهزت مركزا اجتماعيا يضم قسما للقراءة تتوفر به جميع الصحف والمجلات من باب التثقيف والترفيه، إضافة إلى وجود إنترنت وأماكن لمشاهدة التلفاز، أوعرض أفلام ال DVD، ووجود مكان خاص للصلاة. وأوضحت أم عبدالله أن نظام المقهى يمنع إدخال الهواتف المزودة بكاميرات التصوير لضمان خصوصية الزائرات، كما أن المقهى يعتبر فرصة لمستشارات التدريب في المركز الذي يتبع له المقهى للالتقاء بالفتيات الراغبات في دراسة اللغة الإنجليزية، والاطلاع على خدمات المركز، وما يقدمه من مميزات ومستويات ومراحل مختلفة لدراسة اللغة. وقال أستاذ علم النفس بجامعة أم القرى إلهامي عبدالعزيز إن المقاهي أو الأندية النسائية ينبغي أن يكون لها دور فاعل في أي مجتمع من المجتمعات، بداية من طرح قضايا سائدة في المجتمعات العربية كالأمية، وكيفية محو أمية القراءة والكتابة، مشيرا إلى أن هناك دراسة أجريت قبل 12 عاما في إحدى الدول العربية عن دور الأندية النسائية في دعم فكر المرأة وثقافة المرأة، والقضايا المستجدة. وأضاف أن الدراسة أكدت دور المقاهي والأندية النسائية بالنسبة للمثقفات، حيث تحقق لهن الأمن الفكري تجاه الغزو الثقافي القادم من الشبكة العنكبوتية والتقنية الحديثة، مؤكدا أن دورها في أي مجتمع يتوقف على طبيعة أهدافها سواء أكانت فكرية، أو ثقافية، أو اجتماعية، مشيرا إلى أن أي مقهى نسائي ينجح في أدواره من خلال الإعداد الجيد في إطار تحقيق أهداف قابلة للتحقيق.