شيعت الرياض عصر أمس أديبها وكاتبها عبدالكريم الجهيمان الذي انتقل إلى رحمة الله أول من أمس عن عمر يناهز 106 أعوام، وصلي عليه بجامع الراجحي شرق العاصمة الرياض قبل مواراته الثرى بمقابر "النسيم"، فيما بدأت مراسم العزاء بمنزله بحي أم الحمام مساء. عاش الجهيمان وضعاً صحياً صعباً وغير مستقر من بعد عيد الأضحى المبارك الماضي، وازداد عليه المرض في الأيام الثلاثة الأخيرة؛ حيث نقل على الفور إلى العناية المركزة بمستشفى الحبيب الطبي حتى رحل إلى جوار ربه . كرس "الجهيمان" أكثر وقته وبحثه لإطلاع قرائه على ما نجح في توثيقه وتجميعه في كتابه الكبير "الأساطير الشعبية في قلب الجزيرة العربية" الذي عرف واشتهر به وهو من الكتب المهمة التي ترجمت إلى اللغة الروسية، إلا أن مؤلفه رحل قبل أن يكرمه اتحاد الصحافة الخليجية نهاية العام الميلادي الحالي ضمن رواد الصحافة السعودية بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض. وقال المسرحي الكاتب محمد العثيم إن المملكة فقدت عبدالكريم الجهيمان أحد أبرز رواد الأدب والتنوير، والعزاء للوطن الذي أحبه ولذويه فقد فقدوا رجلا كان وطناً وقلباً عطوفاً لكل من عرفه، واصفاً الراحل بأنه كان عراباً لأجيال التنوير والثقافة، ظهر نجماً في أزمنة نقص المعرفة وعبر حتى رُؤى فكره في العيون والقلوب. من جانبه، دعا الناقد خالد اليوسف إلى إنشاء مركز للدراسات والبحوث الشعبية باسم عبدالكريم الجهيمان تتبناه وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، وتذكر اليوسف أحد المواقف التي مرت به في إحدى السنوات حينما كان يعمل في الإجازات الصيفية في المحكمة الكبرى بالرياض، عندما توقف فجأة أمام الجهيمان ولكنه لم يعرفه وطلب أحد الصكوك، وتابع "قال لي ألم تعرفني .. وأهداني كتابه "أين الطريق" قائلاً هذا أنا" مما كان له وقع كبير زرع في نفسي حب العظماء من الأدباء وهو أحدهم. وشدد الروائي محمد المزيني على أن الجهيمان يعد أحد أكبر الأدباء عمراً، ولفت إلى أنه علّم العديد من الكتاب السرد وكيفية خلق شخصيات أسطورية، وأنه تعلم من حكاياته الأسطورية وحفظها وارتبط بها. ودعا إلى تبني مشروع ثقافي سعودي بتوفير كتب الأساطير الشعبية في كل منزل سعودي لأنها كتبت بلغة سهلة وغير معقدة، ولم تخرج عن الذائقة النجدية.