على الرغم من أن جدة تشهد حاليا تنفيذ مشاريع عدة، شملت معظم أحيائها لا سيما المهملة منها لسنوات كحي قويزة الواقع شرق الخط السريع، إلا أن السكان لا يزالون يحسون أنهم خارج خارطة التطوير والنماء، ربما يدفعهم لذلك الواقع المحيط حولهم، فالمياه الجوفية ما زالت تتدفق مهددة منازلهم، إلى جانب مستوى النظافة المتدني في الشوارع، إضافة إلى الاختناق المروري في الشارع الرئيس في الحي الذي يعد الشريان الوحيد له والمسمى ب"جاك" فضلا عن عدم إيصال الكهرباء لعدد من المنازل مما يجعلهم يعيشون في الأزمنة الغابرة. الجوفية مرض مزمن "الوطن" استجابت لنداءات متكررة من سكان الحي لرصد واقعهم اليومي الذي يعيشونه، فوجدت أن المياه الجوفية مجهولة المصدر تعد من أكبر المشاكل التي يواجهونها، حيث تغرق منازلهم بين الفينة والأخرى وتتسبب في تصدع أساساتها، مشيرين إلى أن تلك المشكلة تظهر بوضوح خلال فترة ضخ شركة المياه التي تستمر خمسة أيام متتالية، خاصة في ظل ضعف التوصيلات الداخلية التي تمد منازلهم بالماء العذب وصغر الخزانات الأرضية لديهم. وأوضح المواطن أسامة الجهني من سكان الحي أن المياه تظهر في الشوارع أثناء صب المياه وتسير إلى أكثر من 400 متر على شكل سيول. فيما يشير المواطن حسين المحمدي إلى ظهور المياه الجوفية في غرف أولاده، مضيفا أنها تملأ البيارات أحيانا مما يضطره إلى سحبها عبر الوايتات التي تستنزف معظم راتبه. أما المواطن حسن غرم الله المالكي فيؤكد أن المياه الجوفية تسببت في إحداث انهيارات في بعض الشوارع والمنازل، مبديا تخوفه من تسببها في انتشار الأمراض والأوبئة بين السكان. نظافة متردية ولم يكن حال النظافة في الحي أحسن، حيث لاحظت "الوطن" وجود تجمع لنفايات كثيرة في شوارع الحي تنبعث منها روائح كريهة، مما يدل على غياب واضح لشركات النظافة التابعة للأمانة. من جهتهم، يؤكد كل من عوض الزهراني وخالد علي وسعد سليم الجهني وخالد المطيري من سكان الحي إلى "الوطن" بقاء النفايات في الشوارع لمدد تتراوح ما بين اليومين والأسبوع، مضيفين "من الصعوبة بمكان وصف منظر الأطفال وهم يلعبون بين أكياس النفايات"، محملين الأمانة مسؤولية الكارثة الصحية المنتظرة، مطالبين بسرعة إيجاد حل جذري للمشكلة. بدورهما أفاد المواطنان سالم المالكي وفهد السروري بأن الوضع خطير جداً، لافتين إلى تقدمهما بشكاوى إلى المسؤولين في الأمانة والصحة وكذلك مركز الوقاية الصحية وشؤون البيئة، مشيرين إلى عدم تجاوب أي جهة معهما. كهرباء غائبة وهناك جفوة بين سكان الحي والكهرباء، لا يعرفون السبب فيها، حيث يفيد عبيد السلمي بأن لديه منزلا مسلحا كلفه أكثر من 450 ألف ريال ويسكن فيه مع أولاده الستة منذ 8 سنوات ولم يتمكن من إيصال الكهرباء له حتى الآن، مشيرا إلى تقدمه بطلب لبلدية أم السلم من أجل ذلك، مستغربا من ردهم بوجود أنظمة تمنع إيصال الكهرباء للمنازل العشوائية التي أقيمت بعد تاريخ 7/5/1425 حسب الأوامر السامية. جاك يزيد الأزمة يستغرب أهل الحي من تسمية شارع رئيس في الحي ويعتبر المنفذ الوحيد له باسم "جاك"، حيث يعود إلى كسارة كانت تطل عليه وتتبع لشركة أجنبية بنفس المسمى، ويشهد حوادث مرورية وحالات دهس لصغار السن من طلاب المدارس التي تقع عليه في ظل ممارسات التفحيط وعدم وجود مداخل ومخارج رغم الكثافة العالية لسكان الحي الذين يزيد عددهم على 500 ألف نسمة، إضافة إلى كثرة المحلات التجارية والمطاعم المطلة عليه. ويطالب السكان بفتح منافذ إلى الخط السريع وتركيب إشارات ضوئية لتنظيم حركة السيارات في الشارع، حيث يؤكد المواطن علي سلمان أنه أصبح في الآونة الأخيرة يتجنب السير في شارع جاك رغم أنه يختصر المسافة إلى منزله ويسلك طرقا أخرى لاسيما في الفترة ما بين الخامسة عصرا والعاشرة مساء بسبب الاختناقات المرورية. من جانبه، يعزو محمد السعيد سبب تلك الاختناقات إلى أن شارع جاك هو المنفذ الوحيد لحي أبرق الرغامة 2 والأحياء المجاورة له إلى طريق الحرمين، فيما يرى علي الزهراني أن وقوف السيارات أمام المحلات التجارية والمطاعم على جانبي الشارع يتسبب في الاختناقات المرورية المتكررة في الشارع، بينما يشير علي جارالله المالكي إلى أن صهاريج المياه المحلاة التي تقف على جانبي الشارع تستحوذ على جزء منه، مطالبا بوجود دوريات أمنية من المرور والشرطة لفك الاختناقات أولا بأول. كثافة سكانية من جهته، يرجع مساعد مرور جدة العميد حامد الرقيب مشكلة زحام شارع جاك إلى ثلاثة أسباب رئيسة تكمن في الكثافة السكانية لأحياء قويزة العشوائية غير المنظمة بحكم عشوائية الأحياء هناك، إضافة إلى ضيق الشارع نفسه حيث لا يتجاوز عرضه أربعة أمتار ويضاف إلى ذلك كثرة المنافذ من الشارع وإليه. واستبعد إيجاد مرور جدة حلا لهذا الزحام، لافتا إلى أن الحلول تعود إلى المشاريع التطويرية لتطوير الأحياء العشوائية غير المنظمة. وفيما يخص مشكلة المياه، أرجع مدير شركة المياه في محافظة جدة عبدالله العساف تدفق المياه في الشوارع شرق الخط السريع إلى طفح مياه الصرف، مضيفا أن السبب يرجع إلى وجود شبكة تصريف غير عاملة، إضافة إلى كثرة حفريات مقاولي الأمانة في الشوارع الرئيسة الموجود بها أنابيب الشركة مما يؤدي إلى انكسارها. ونفى وجود تهتك أو تكسير في شبكة المياه يتسبب في تدفق مياه الشرب في الشوارع، مضيفا أن مشكلة تدفق المياه في الشوارع مع ضخ شبكة المياه لأحياء قويزة العشوائية تعود لصغر حجم خزانات المواطنين أنفسهم. إلى ذلك، أفاد وكيل أمانة جدة للتطوير المهندس إبراهيم كتخانة، إلى أن الأمانة من خلال شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني "الذراع الاستثماري للأمانة" وبتحالف مع عدد من الشركات المطورة ستنفذ عملية تطوير للأحياء في المدينة يصل عددها الإجمالي إلى 52 حيا عشوائيا من خلال الخطة العشرية والخطة الاستراتيجية التي أعلنها أمير المنطقة لتطوير تلك الأحياء في السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن من ضمنها أحياء شرق جدة. يشار إلى أن حي قويزة يوجد به واحد من أهم معالم مدينة جدة وهو موقع "أبرق الرغامة" الذي خيم فيه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- إبان وصوله إلى جدة، كما كان موقعا مهما لالتقاء قوافل الجمال الذاهبة إلى مكةوالمدينة والطائف.