نجح حاكم تكساس ريك بيري بصورة ساحقة في إنهاء حملته الانتخابية التي كانت ذات يوم واعدة إلى حد جعل وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد يجند وقته وجهده لاختيار طاقم مساعدي بيري. فعلى شاشات التلفزيون وفي مناظرة مع المرشحين الجمهوريين الآخرين قدم بيري مداخلة مطولة عن اعتزامه إلغاء ثلاثة أجهزة فيدرالية لتقليص حجم الحكومة وضغط الإنفاق وبسبب خروج تلك الأجهزة عن مسارها. ثم تقدم بيري بعد ذلك نحو ذكر أسماء تلك الأجهزة فذكر الاسم الأول ثم الثاني بيد أنه حاول تذكر اسم الجهاز الثالث. ومرت ثوان ثقيلة ولكنه لم يتمكن من تذكره ليجعل من نفسه أضحوكة الناخبين الأميركيين ولينهي بذلك من الوجهة العملية فرصته في أن يصبح منافسا رئيسا على حمل الراية الجمهورية في الشوط الأخير من السباق نحو البيت الأبيض. وكان بيري هو المرشح المفضل للمحافظين الجدد بيد أنه ليس المرشح الوحيد. فقد وزع هذا "الحزب" المتطرف في يمينيته وإخلاصه لإسرائيل رجاله على حملات أغلب المرشحين الجمهوريين عدا عضو مجلس النواب رون بول الذي لا يطيق المحافظين الجدد ولا يطيقونه. بيد أن أعضاء هذا الحزب يؤثرون بقوة في طاقم ميت رومني ونيوت جينجريتش وميشيل باكمان وريك سانتروم والآخرين. وفي كل الأحوال فقد كانت المناظرة التي جرت أول من أمس في وقت متأخر بمثابة الشوط المتوسط في رحلة النهاية لحملة بيري إذ إن تراجع تلك الحملة كان قد بدأ منذ بعض الوقت. فقد قيل إن خصم بيري الأول هو بيري نفسه وإنه يتراجع نقطة في استطلاعات الرأي العام كلما فتح فاهه ليقول شيئا. وإلا سيبدأ التراجع السريع لحملة حاكم تكساس الذي حاول رامسفيلد أن يجعل منه جورج بوش الثالث وذلك حتى تصل إلى نقطة إعلان خروجه من السباق الذي يبدو محتوما بعد ليلة أول من أمس. وانتهت المناظرة بمحافظة رومني على موقعه إذ عمل حاكم ماستشوستس الأسبق بالحكمة التي تقول إن لم تخسر فأنت رابح فحاول ألا يخوض في مساحات مثيرة للجدل وتجنب طرح مواقف درامية واكتف بالإجابة بكلمات قليلة تنقل مواقف سبق أن عرضها. وتعد ميشيل باكمان أيضا ممن ربحوا قليلا في المناظرة وإن لم يكن من المتوقع أن تصل إلى المرحلة النهائية كما أن نيوت جينجريتش خسر في بداية المناظرة ثم عوض خسارته في نهايتها. وفي كل الأحوال فإن المؤشرات كافة تدل على أن رومني سيصبح مرشح الحزب لمواجهة باراك أوباما إلا إذا استعار حاكم ماستشوستس الأسبق من زميله حاكم تكساس الحالي قدرا من الحكمة التي يقول الأميركيون إنه نبت لا تعرفه تكساس التي عرفت فقط بطيبة قلب أبنائها أو أغلبهم بعبارة أدق.