"من أنتم؟".. استفهام شهير أطلقه العقيد معمر القذافي في الثاني والعشرين من فبراير الماضي، ليتداوله سكان المعمورة بالطرافة تارة، وبالاستهجان تارة أخرى، إذ كيف يخاطب رئيس شعبه هكذا؟! وكانت المستشارة الألمانية أنجيلينا ميركل أدق من وصف خطاب العقيد حينها ب"أنه مرعب". أطلق العقيد سؤاله الساخر تجاه شعبه الذي انتفض في وجه حكمه الممتد ل42 عاما، وكانت مدينة بنغازي هي حجر الزاوية في تلك الانتفاضة التي بدأت فعليا في السابع عشر من فبراير العام الجاري، ليدخل الثوار الليبيون على مدار 8 أشهر وثلاثة أيام في صراع مرير مع كتائب القذافي المنتشرة في أرجاء البلاد، والمتمركزة في طرابلس وباب العزيزية تحديدا مقر إقامة العقيد. من على شرفته في باب العزيزية، استنكر القذافي ب"خيلائه المعتاد" ثورة الشعب ضده، وسفه أحلام الليبيين، ووصفهم بالجرذان والمدمنين، فأسقطوا طرابلس و"فتحوا باب العزيزية"، وهرب العقيد. استمر الثوار في الزحف صوب "بني وليد" وحرروها، ثم حاصروا "سرت" التي كان يعتقد أن القذافي قد لجأ إليها، وهو ما ثبتت صحته لاحقا، حين أجاب الثوار على سؤال العقيد، وأردوه قتيلا في أحد أحياء المدينة، آخر مدن ليبيا المحررة من نظام جثم على صدور الليبيين طويلا.