يعاني مسجد الصحابي جرير بن عبدالله البجلي في محافظة الطائف من الإهمال الذي يهدده بالاندثار. والصحابي الجليل أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوماً وكان حسن الصورة، فقال عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه جرير يوسف هذه الأمة وهو سيد قومه. وعن المسجد يقول الباحث سلمان المالكي: إن ابن الأثير الجوزي ذكر في كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة أن جرير مات بالسراة، ووقفت أنا شخصياً بقرية القضاة بموقع يعرف بالشليل، حيث ذكر الرواة أن هذه القرية هي القرية التي سكنها وتوفي بها, وهذا الموقع المعروف بالشليل نسبة إلى الشليل بن مالك بن نصر بن ثعلبة وهو جرير بن عبدالله البجلي نسبة إلى بجيلة المكان والقبيلة، التي تقع الآن على بعد 140 كيلومترا جنوب محافظة الطائف على امتداد جبال السراوات التي تطل على تهامة، وتتبع إدارياً لمركز حداد بني مالك. وسميت القرية بالقضاة لأن أبناءها ممن أجادوا العلم الشرعي فأصبحوا مرجعية في الزمن الماضي للفتوى والقضاء والإمامة والقدوة الحسنة؛ فخرج من هذه القرية رجال ثقاة عرفوا بتدينهم والتزامهم وتعهدوا المسجد الذي ينسب للصحابي الجليل، حيث ما يزال المسجد وقبر الصحابي رضي الله عنه شاهدين على تاريخ القرية. ويذكر المالكي أن المسجد رغم توغله في القدم إلا أنه ما يزال حياً بجوار قبر جرير رضي الله عنه، وهو عبارة عن مسجد مبني بالحجر البجلي ويعلو سطحه منارة يصعد عليها المؤذن وقت النداء للصلاة ليصل إلى المناطق المحيطة لعدم وجود مكبرات صوت آنذاك، كما أن هناك لمسات فنية معمارية كتصريف الماء من السطح المشيد بمادة تشبه الأسمنت تسمى بالشيدة، وتتصرف مياه الأمطار إلى بركة ما تزال تحفظ الماء رغم مرور هذه السنوات الطوال، ويجلبه الناس من هذه البركة بالدلاء, ويتصرف من هذه البركة جزء من الماء إلى "الحمام" عبر قناة تسمى "فلج" تدل على أن من نفذ هذا البناء يحمل فكراً معمارياً متميزاً وبراعةً وقدرةً على البناء والتشييد, كما أن أهل القرية من الآباء والأجداد يذكرون أن المسجد يوجد بداخله قسم للرجال وآخر للنساء ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، وهذا دليل على رقي النظام التعليمي آنذاك وشراكة المرأة مع الرجل في حق التعليم. وطالب المالكي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والهيئة العامة للسياحة والآثار أن تلتفت لهذا المعلم الديني البارز؛ الذي يعتبر أثراً من الآثار الإسلامية التي تذكرنا بماضٍ مشرف يحتاج منا لعناية ورعاية.