تعتقد الكثير من السيدات أن عصبية أزواجهن تزداد في شهر رمضان، وتحديدا في النهار أي وقت الصوم، من هؤلاء "أم الوليد" التي ترى أن زوجها في شهر رمضان يكون حاد الطباع، وسريع الغضب، يثور لأتفه الأسباب، مما يجعلها تتحاشى الصدام معه، وهو الحل الوحيد بنظرها حتى تتفادى عصبيته وغضبه، وسرعان ما يتبدد هذا الوضع بعد الإفطار كما تقول بل على العكس يكون في غاية الوداعة واللطف مع الجميع، وكأن شيئا لم يكن. وتؤيد كلامها "ليلى" وتقول "زوجي لا يطاق في نهار رمضان وقد يصل به الغضب إلى معاقبة أطفاله بدنيا، ولكن سرعان ما ينتابه الندم لتصرفه هذا، ومن ثم يبادر إلى ملاطفة وملاعبة أطفاله، ويعد نفسه ويعدني بأنه لن ينفعل، ولا يكرر ذات الموقف مرة أخرى، إلا أنه يعيد نفس الكرة في اليوم التالي، وكأن وعوده بالليل يمحوها النهار، مما جعلني أعتاد منه هذه التصرفات، ولا أجاريه عندما يغضب، حتى لا تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباها". وتقول "م. أ" بعد زواجنا ببضعة أشهر تبدل حال زوجي فجأة، ومع بداية شهر رمضان بدأت الخلافات تدب بيننا، نتيجة امتناعه عن التدخين في فترة الصيام، مما أدى لكثرة المشاحنات غير المبررة بحجة العصبية، وبالفعل طلقني في لحظة اندفاع، والسبب في النهاية التدخين. في ذلك تقول الاختصاصية الاجتماعية مريم عبدالتواب إن شهر الصوم لا يجب أن تحدث فيه تلك المشاحنات، لأنه شهر الرحمة والمودة والعبادة. وترى أنه يجب أن نعترف أولاً أن المدخن إنسان مسلوب الإرادة، خاصة إذا ادعى أنه لا يستطيع التخلص من تلك العادة، وسلبيات ذلك الإدمان تزداد عند هؤلاء الأشخاص أثناء شهر الصوم المبارك، والمدخن الذي يواظب على التدخين يوميا ولمدة طويلة يكون في الحقيقة مدمنا على التبغ، وعندما ينقطع عن التدخين لبضع ساعات، يبدأ يعاني من أعراض الحرمان من التبغ الذي اعتادت عليه خلايا دماغه، فيشعر بالعصبية، وسرعة الغضب والتململ والصداع، وضعف التركيز وانخفاض المزاج، والقلق، وضعف الذاكرة، واضطراب النوم، وهي كلها أعراض تختفي خلال أسبوع إن بقي ممتنعا عن التدخين، وهذه الأعراض ناجمة عن الإدمان على التبغ، وليست ناتجة عن الصيام بحد ذاته". وأضافت مريم أن "هناك إدمانا آخر شائعا بين الناس يتسبب في عصبية بعض الصائمين، وهو الإدمان على الكافيين، وهي المادة المنبِّهة في القهوة والشاي والكولا، والانقطاع المفاجئ عن الكافيين يتسبب إن طالت ساعاته بشعور المدمن بالكسل والنعاس، وفقْد الرغبة في العمل، وبالعصبية، وانخفاض المزاج، وإذا بلغ الانقطاع عن الكافيين عند المدمن عليه ثماني عشرة ساعة أو أكثر، فقد يصيبه صداع يشمل رأسه كله، ويتميز هذا النوع من الصداع بأن الألم فيه نابض يشتد مع كل ضربة من ضربات القلب". وترى أنه من المفيد لمن أدمن على الكافيين أن يخفف من تناوله للقهوة والشاي والكولا تخفيفا تدريجيا قبل رمضان، وذلك استعدادا للصيام، وعليه أن يتناول شيئا منها عند السحور، حتى لا يعاني من أعراض الحرمان منها أثناء الصيام. وترى الاختصاصية الاجتماعية أن "المدخنين يستبدلون مشاعر الخشوع والتراحم والحب بالعصبية والسلوك العدواني العصبي، ومن الطبيعي أن تنتقل هذه الحالة إلى داخل منزل الحياة الزوجية، فتشتعل الخلافات بين الزوجين لأتفه الأسباب، والسخيف أن يكون السبب هو السيجارة أو الشيشة". وتستطرد مريم قائلة إن "الإنسان السوي والطبيعي هو الذي يتحكم في سلوكياته، ولا يسمح بأن تسيطر عليه عادة سيئة مثل إدمان السيجارة، خاصة إذا كانت سببا مباشرا لفقدانه السيطرة على أعصابه أثناء الامتناع عنها في فترة الصيام، والمشكلة هنا اجتماعية وصحية أيضا، وقد يكون الضحايا آخرين لا ذنب لهم كالزوجة والأولاد".