يعتبر الشريك الحجري أو ما يسمى ب"السحيرة" منذ عشرات السنين سيد السفرة لدى عدد واسع من الأسر المدينية في شهر رمضان. ومن الطبيعي جدا أن تجد طوابير الناس تمتد إلى خارج المخابز كل يوم من أجل الحصول على حبة واحدة من الشريك المصنوع من الحليب والزيت والحمص. والشريك أو ما يطلق عليه "السحيرة" تشتهر به مدينة توكات إحدى مدن البحر الأسود في تركيا ثم انتقل إلى المدينةالمنورة، وقد يبدو الاسم غريبا على البعض إلا أن أهل الحجاز الذين يعرفون السحيرة أو الشريك يحرصون عند زيارتهم المدينة على شرائه بكميات كبيرة وتقديمه كهدية عند رجوعهم إلى أهلهم خصوصا وأنه يتمتع بميزة الاحتفاظ به طويلا في الثلاجة. ويقول محمد الحربي: إن المائدة التي تخلو من الشريك الحجري تعتبر ناقصة من وجهة نظري؛ لأن الشريك من أساس السفرة المدينية منذ سنوات؛ حيث من النادر ما تخلو تلك السفر من الشريك والزبادي والدقة. وبيّن الحربي أنه يذهب إلى المخبز بعد صلاة العصر ويستمتع بالطابور الطويل والزحام من أجل شراء حبة من الشريك. ويعتبر ماجد سعيد أن الشريك الحجري من تراث المدينةالمنورة، حيث إن والده قبل وفاته منذ 15 عاما كان يحرص على تواجده على مائدة الإفطار وحتى اليوم مشيرا إلى الطعم الخاص للشريك. والتقت (الوطن) سيدة بالعقد السابع في المخبز وكانت سلتها مليئة بالشريك الحجري والتي عرفت نفسها بأم حمود، وقالت لنا: منذ أن كنت صغيرة كنت أحضر مع والدي لنشتري الشريك من الخان قديما ونقوم بتوزيعه على الجيران واليوم أكمل مسيرة والدي حيث اشتري يوميا نحو 30 حبة لتوزيعها على الجيران بالمبنى الذي أسكن به وعلى بعض المارة بالطريق. وتقف دوريات مرورية حول مخبز الكعكي بقربان وطريق سلطانة لتنظيم حركة السير التي تتعطل بسبب تدفق المئات من المواطنين والمقيمين للتزود بشريك الكعكي ذي المذاق السحري. ويقف العم حمزة بادي عبدالمعطي كعكي وأولاده سلطان وبدر وتركي على هرم العمالة التي تنتج آلاف أرغفة الخبز من الشريك يوميا، ويقول العم حمزة: منذ قرن ونحن نتوارث الصنعة جيل عن جيل فجدي الأكبر كان يملك الصنعة بالمدينة. مشيرا إلى أن السحيرة هي الشريك المديني ومؤكدا أن أصلها تركي. وأضاف كعكي: في القدم كانت الشريك تصنع على الحجر فيما تصنع اليوم على الأفران الكهربائية ويختلف المذاق بالتأكيد غير أننا واصلنا المشوار بفضل الله حتى اليوم ورفض العم حمزة البوح بسر الشهرة والمذاق الخاص.