ليست "نظرة العطف أو الشفقة" هي المراد، وإنما المراد هو "فرصة وظيفية حقيقية" تناسب "الوضع" وتحقق الدمج بالمجتمع... كان هذا هو ملخص لجزء مما يعتمل في صدور ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو كذلك بعض مما تحدث به إلى "الوطن" رئيس الاتحاد السعودي لرياضة الصم الدكتور سعيد القحطاني، أثناء وجوده في ركن واحة المعرفة ضمن فعاليات مهرجان صيف أرامكو 2011 بالظهران الأحد الماضي. وفي لقاء غلب عليه الود والشجن، قال الدكتور القحطاني في تصريح إلى "الوطن"، إن ذوي الاحتياجات الخاصة لا يريدون نظرة عطف متخلفة توحي بالشفقة طالما تعودنا عليها، بل كل ما يريدونه هو مزيد من الفرص الحقيقية لوظائف تناسب وضعهم وتدمجهم اجتماعياً من خلال استراتيجيات عمل هادفة لا تعتمد على الارتجال والقرارات المتسرعة. ورغم الصعوبة التي يجدها الدكتور القحطاني في النطق، كونه أحد أفراد فئة الصم، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاسترسال بكل قوة للتعبير عما تواجهه هذه الفئة من صعوبات في مجتمع درج على ترسيخ أفكار وأحكام نمطية في غالبية قضاياه. القحطاني تابع حديثه قائلاً: ما زلنا كمجتمع نحتفظ بكثير من النظرات الدونية لفئة الصم.. نظرات تشعرك بالنقص، رغم أن الأمر ليس كذلك، نعلم جميعاً حجم الطاقة الموجودة لدى الصم، ومن الضروري توعية المجتمع إعلامياً بأهمية ذلك، فالمجتمع يضم 720 ألف أصم -حسب آخر الإحصائيات المتعلقة بذلك- منهم 27 ألفاً في المنطقة الشرقية، ومن المؤسف أن مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص لا تقدم الكثير لتحسين مستوى توظيف الصم، مع العلم أن الكثير منهم يحملون شهادات جامعية وعلى قدر كبير من الكفاءة، فلماذا لا تتاح الفرصة لهم بشكل أكبر؟ فخطوات التوظيف تسير ببطء وروتين ممل، هذا إن وجدت أصلاً لدى البعض، إننا نفتقد حتى اللوحات المخصصة لنا في المجمعات والمطارات التي ترشدنا. هذا الأمر لا يمكن حصوله في الدول الأخرى، رغم أنه لا يتطلب الكثير من الجهد. وفي الوقت الذي امتدح القحطاني جهود الدولة بتوفير المراكز الثقافية والنوادي الاجتماعية وغيرها لتلك الفئة، إلا أنه طالب بمزيد من الفرص الحقيقية التي تؤدي إلى توظيف أفراد هذه الفئة، وقال: حتى مترجمو لغة الإشارة لا يجدون الكثير من الاهتمام رغم دورهم الحيوي، وسط أمية بلغة الإشارة من المجتمع، ومع ذلك لا يلتفت أحد لهم، علماً أن أي مؤسسة لو رغبت في تدريب شخص واحد على لغة الإشارة لوجدت الأمر مكلفاً جداً، فلماذا لا يهتم بهم أكثر كونهم صلة وصل بين الطرفين؟ ولم يغفل القحطاني مشكلة المرأة الصماء، حيث قال: إذا كان الرجال من الصم يعانون في مجتمعاتنا فتخيل الأمر مع النساء من ذوات الإعاقة، فالشرقية وحدها لديها 190 امرأة صماء جميعهن فوق الستة عشر من العمر، إنهن يعانين الكثير من كيفية التعامل معهن وإهمالهن كترك التعليم وغير ذلك من الأمور الضرورية لهن، وأعتقد أنه لا حل لمثل هذه المعاناة إلا بتوعية المجتمع إعلامياً. وب"تنهيدة عميقة" تحمل الكثير من الألم وتعبر عما يتمناه، أنهى الأكاديمي سعيد القحطاني حديثه مع "الوطن"، قبل أن يشد على أيدينا مطالباً بضرورة مواصلة الاهتمام بهذه الفئة المهمة في المجتمع، وخصوصاً من قبل "الإعلام".